مناظرة جوبيه وفيون: الدفاع عن برنامجين يمينيين غير متصالحين

25 نوفمبر 2016
فيون حافظ على هدوئه لتجنّب ارتكاب الأخطاء(إيريك فيفربيرغ/فرانس برس)
+ الخط -
إذا شئنا اختزال المناظرة الأخيرة، بين مرشَّحَي اليمين والوسط، ألان جوبيه وفرانسوا فيون، والتي جرت أمس الخميس، يمكن أن نستعيد تحديد جوبيه لنفسه باعتباره "مرشح التنوع". هو تنوّع يرى فيه "ثراء وقوة، شرط ألا يقود إلى انعزال طائفي"، مع كل ما يستطيع أن يغري به قطاعات من الوسط ومن اليسار، في حين أن فرانسوا فيون أعلن "رفضه للتعددية الثقافية"، وأصرّ على أن "فرنسا لها تاريخ ولغة وثقافة، ومن الطبيعي أن هذه الثقافة وهذه اللغة اغتنت بروافد سكانه الأجانب، ولكن هذا يظل القاعدة، والأساس هويّتنا".

هذا الطّرح تحديداً هو ما يدغدغ به فيون مشاعر اليمين واليمين المتطرف، والذي يخشى من كل تنوع واختلاط. وإن كان، من جهة أخرى، يثير قلق الكثيرين في فرنسا، وهو ما دفع رجل الأعمال الفرنسي الشهير، وأحد رعاة الثقافة، بيير بيرجيه، إلى التصريح بأنّ "التصويت على فيون هو تصويت على فرنسا رجعية".

وإذا كانت معظم القنوات التلفزيونية منحت الفوز لفرانسوا فيون بفارق كبير، إلا أن النقطة الأساسية التي يمكن استخلاصها من لقاء أمس، هي أن جوبيه حاول، قدر مستطاعه، أن يفكّك برنامج فيون الانتخابي القاسي، والذي لا يمكن تطبيقه، ولربّما يحدث الشقاق بين الفرنسيين، ويدفع بالكثيرين إلى الشارع.

جوبيه عمد أيضاً إلى إبراز العديد من نقاط الاختلاف، إلا أن فيون لم يكن يرد في غالب الأحيان على تساؤلات وانتقادات جوبيه، ولم يكن يكلف نفسه حتى النظر في وجه خصمه. رغم أنّ فيون، نفسه، أشار إلى تلك النقاط من قبل، وكرّر، في أكثر من مناسبة، أن برنامجه "راديكاليّ"، لأن الوضع في فرنسا صعبٌ، ولأن البيت الفرنسي يجب هدمه لإعادة تشييده من جديد.



كان ألان جوبيه، والذي اعترف بأنه أخطأ في تركيز هجماته في الدورة الأولى على ساركوزي وحده، أكثر هجومية، لكن من دون العنف الذي انتظره الكثيرون، وكان يأمل قضم الكثير من النقاط التي تفصل بين الرجلين، حسب نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الفرعية، وحسب استطلاعات جديدة للرأي، بينما خصمه فيون كان مطمئناً للفارق الكبير، ولا يريد أن يرتكب أي خطأ.

كل المواضيع التي اشتعلت بعد الدورة الأولى بين الرجلين، عادت في هذه المناظرة، ولكن، بعنف أقل. ولعل أكثرها لفتاً للنظر، ما يتعلق بالسياسة الخارجية لفرنسا، خاصة العلاقات الودية التي تربط الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والمرشح فيون، حين سخر جوبيه منها بالقول "إنها أول مرة في تاريخ الانتخابات الفرنسية يختار فيها الرئيس الروسي مرشحاً له".

وعاد موضوع التعامل مع القطاع العمومي، خاصة مع وعود فيون بالتخلي عن 500 ألف وظيفة، ليثير الجدل، وهو رقم اعتبره جوبيه (الذي لا يَعد سوى بأقل من نصف الرقم)، غير واقعي وغير ممكن.

ولم يغب موضوع الإجهاض عن المناظرة، وكان جوبيه قد تساءل عن موقف فيون الحقيقي منه، خصوصاً حين أعلن هذا الأخير أنه شخصياً ضد الإجهاض. وكان لا بدّ على فيون أن يجيب لكون الموضوع بالغ الحساسية، لكنه تراجع عن موقفه، واعتبر السؤال "نوعاً من محاكم تفتيش".

وفي ما يخصّ النقاشات التي أثيرت من قبل ضمن إطار الموقف من الراديكالية الإسلامية، ومن المسلمين في فرنسا؛ فقد سارع جوبيه، في بداية المناظرة، إلى الرد على من يلومه على موقعه "الرخو" من التطرف الإسلامي، بدعوة كل الفرنسيين، بلا استثناء، إلى العمل على مواجهته. في حين أن فيون، والذي فُهمت بعض تصريحاته، لا سيما بعد صدور مؤلفه "الشمولية الإسلامية"، بأنّه متشدد مع مسلمي فرنسا، أكّد على فهمه للعلمانية المتسامحة مع الديانات، بما فيها الإسلام. وهو ما اعتبره الكثيرون رسالة طمأنة للناخبين الفرنسيين المسلمين.