"جنيف السوري": روسيا تجاهر بالعرقلة والحياد الأميركي انحياز لموسكو

23 يناير 2016
مصادر عربية تتهم دي ميستورا بالانحياز لموسكو(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

استبعدت مصادر ذات صلة بمفاوضات جنيف السورية، أن يتمكن مبعوث الأمم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا، من توجيه الدعوات إلى المشاركين بحلول يوم الأحد، في ظل ما يسميه دبلوماسيون ومراقبون عرب في العاصمة الأميركية بـ"العربدة الروسية"، التي باتت تلعب "على المكشوف"، من ناحية المجاهرة في نيتها الهيمنة مباشرة على الملف السوري من بوابة الأمم المتحدة، في ظل "حياد" أميركي يصب في المصلحة الروسية المباشرة. مصلحة تترجم نفسها بالجرأة على القول، من دون لبس: "إما أن يكون المعارضون السوريون المفترضون في جنيف من رجال موسكو، أي أقرب إلى النظام السوري من المعارضة، أو انسوا أمر لقاء جنيف، لا في 25 يناير ولا في الموعد الجديد، أي 29 منه".

اقرأ أيضاًتأجيل مؤقت لجنيف بلاءات روسية... ووفد النظام برئاسة "صقور"

واتهمت مصادر عربية في حديثها لـ"العربي الجديد"، دي ميستورا بالانحياز لموسكو ونظام بشار الأسد، في حين أشادت بموقف باريس في دعوتها للمبعوث الأممي إلى التعامل مع وفد المعارضة المنبثق عن مؤتمر الرياض وتحذيرها من تكرار تجربة "جنيف 2" التي باءت بالفشل. ويبدو أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان متفائلاً جداً، عندما قال في دافوس إن محادثات السلام السورية لن تتأخر أكثر من يوم أو يومين، وإن الدعوات ستوجه يوم الأحد؛ إذ حسب معظم المصادر ذات الصلة بالمحادثات، فإن التأخير قد يمتد إلى عدة أيام بسبب محاولات روسية حثيثة للهيمنة على مسار الأحداث دبلوماسياً، بالتزامن مع جهدها الميداني في تعزيز وجودها العسكري في سورية والتلويح بقوتها قبيل بدء المفاوضات.

وحذّر متابعون للمسار السياسي السوري من استغلال نظام الأسد وحلفائه في موسكو وطهران، لرغبة الولايات المتحدة والأمم المتحدة في التوصل إلى تسوية سياسية سريعة للقضية السورية، من أجل انتزاع تنازلات خلال اليومين المقبلين، قد تؤدي إلى إشراك نظام الأسد في اختيار من يمثل معارضيه، وهو ما يعني في نهاية المطاف أن يتفاوض النظام مع نفسه أو مع أنصاره.

ويؤكد هذه المخاوف ما نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية من اتهامات جاءت على لسان مبعوث الأمم المتحدة الى سورية دي ميستورا إلى الرياض، بأنها تصعّب مهمته وتضع عراقيل أمام جهوده لإحلال السلام في سورية، لمجرد أن المعارضة السورية الحقيقية المدعومة من المملكة العربية السعودية ومعظم دول الجوار رفضت إشراك نظام الأسد في اختيار ممثلين آخرين لمعارضة مدجنة عن طريق موسكو.

وكانت روسيا قدّمت لائحة من 16 شخصاً من معارضين سوريين مفترضين الى الأمم المتحدة، وطلبت إضافتهم الى وفد المعارضة في جنيف، غير أن "الهيئة العليا للمفاوضات" رفضت الطلب تحت مبرر أن روسيا تقاتل ميدانياً مع نظام الأسد، وتدافع عنه دبلوماسياً، وبالتالي من غير المنطق أن تشترك كذلك في تحديد ممثلي المعارضة. لكن دي ميستورا، الذي يحرص على عدم إغضاب موسكو لضمان نجاح المفاوضات، انزعج من موقف المعارضة السورية الممثلة بمؤتمر الرياض، فما كان منه إلا أن قدم تقريراً لمجلس الأمن الاثنين الماضي يحمّل فيه "دولاً إقليمية"، بالتآزر مع المعارضة السورية، المسؤولية عن التأخير، جراء عدم التوافق على قوائم تمثيل المعارضة السورية.

ورغم أن مضمون الإيجاز الذي قدمه دي ميستورا لمجلس الأمن الدولي كان يفترض أن يظل سرّياً، حسب تصنيف المنظمة الدولية، إلا أنه وجد طريقه إلى مجلة "فورين بوليسي"، بواسطة محرر في المجلة يدعى كولوم لينتش. وعلى الأرجح أن لينتش حصل على الإيجاز من مصادر روسية أو سورية لها مصلحة في تحميل السعودية المسؤولية.

وبسبب الخلاف القائم على قوائم المفاوضين بين موسكو الراعية لنظام الأسد، والمعارضة السورية، فإن الإعداد للمفاوضات لا يزال يشق طريقه بصعوبة بالغة. وتوقعت مصادر عربية وأميركية أن يمتد التأخير لعدة أيام وليس ليوم أو يومين فقط.

وليس هذا فحسب، بل إن المفاوضات عندما تبدأ لن تكون مباشرة بين الوفد الحكومي السوري وممثلي المعارضة، وفقاً لما أكده وزير الخارجية الأميركي الخميس، بما أن الوسيط بين الوفدين سيكون الخبير الألماني بالشأن السوري فولكر بيرتس. ولم يحدد كيري الطرف الأكثر إصراراً على عدم رؤية الآخر، لكنه لمح إلى أن المجتمع الدولي يفضل البدء بمفاوضات غير مباشرة، خشية من أن تشهد اللقاءات اشتباكات بالأيدي أو تنابزاً بالألفاظ، لأي سبب كان بين ممثلي الحكومة والمعارضة. وقال كيري للصحافيين أثناء مشاركته بمنتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا: "لن يجلس المفاوضون على الطاولة يحدقون إلى بعضهم بعضًا أو يصرخون في بعضهم البعض". وأشار إلى أن مبعوث الأمم المتحدة لسورية، سيرسل الدعوات الأحد المقبل، وهو ما شككت في إمكانية حدوثه مصادر "العربي الجديد".

في المقابل، لمّح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس الجمعة، إلى استعداد بلاده لبحث إمكانية إرسال قوات خاصة إلى سورية، مشدّداً على أنّ مفتاح إلحاق الهزيمة بتنظيم "داعش"، هو إزاحة نظام الأسد من الحكم . وقال الجبير لشبكة "سي إن إن" الأميركية الإخبارية: "يمكننا تنفيذ ضربات جوية ضدّ داعش، وهذا ما يحصل بالفعل، كما يمكننا البحث في إرسال قوات خاصة إلى سورية، ولكن الأمور ستكون أصعب وأطول حال بقاء الأسد في السلطة". وطالب بتطبيق الإصلاحات المتفق عليها في سورية من أجل "ضمان توزيع السلطات بعدالة بين مختلف الطوائف"، مضيفاً "من دون هذا الأمر، لن نتمكن من تجفيف المنابع التي يتغذى عليها داعش في سورية والعراق".

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية: لن نذهب لجنيف وسط القصف والتجويع والحصار 

المساهمون