السويداء بعد اغتيال البلعوس: حان وقت إسقاط النظام

08 سبتمبر 2015
معظم السكان يُجمعون على أن النظام نفذ الاغتيال(فرانس برس)
+ الخط -

يبدو من الأجواء المتوترة، التي رافقت تشييع محافظة السويداء يوم أمس زعيم تجمّع "رجال الكرامة"، الشيخ وحيد البلعوس، والتظاهرة التي تلت التشييع، أن المحافظة بعد حادثة اغتيال البلعوس لن تعود كما كانت قبلها، على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها شيوخ الطائفة المحسوبون على النظام السوري في استعادة سيطرة النظام ضمن المحافظة ولو بالحدّ الأدنى.

ومما فاقم المشكلة أكثر في المحافظة، الرواية التي سوّقها النظام عن منفذ عملية الاغتيال والاعترافات التي نشرها على لسان المدعو، وافد أبو ترابي، عن أنه هو من نفذ العملية. واعتبر الأهالي أن القصة هي كذبة كبرى غير قابلة حتى للتصديق لدى مؤيدي النظام في المحافظة، وخصوصاً أن أبو ترابي معروف بمعاداته لـ"جبهة النصرة" وللنظام في آن معاً، كما أن تصرفات ضباط النظام قبيل الاغتيال تُبين وجود استعدادات من قِبل النظام لتلافي تبعات الاغتيال. ويُجمع معظم سكان المحافظة على أن النظام هو من قام بعملية الاغتيال بسبب تنامي نفوذ البلعوس في المحافظة، وحمايته التظاهرات التي كانت تطالب بتحسين أوضاع المحافظة، والمخاوف من تحوّل هذه التظاهرات إلى احتجاجات تطالب بإسقاط النظام كما حصل بعد عملية الاغتيال.

وكشف الكاتب والصحافي من السويداء، حافظ قرقوط، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن أن "تظاهرة كبيرة، منادية بإسقاط النظام، خرجت بعد تشييع الشيخ البلعوس، وجابت شوارع مدينة السويداء ووصلت إلى مبنى المحافظة، ومن ثم توجّه المتظاهرون إلى بلدة المزرعة غرب مدينة السويداء (مسقط رأس البلعوس) من أجل إجراء احتفال تأبيني للشيخ المغدور".

وأوضح قرقوط أن المعارضة في محافظة السويداء كانت ترتب بهدوء لسحب الأوراق من يد النظام، مستفيدة من تجارب كل المحافظات السورية مع النظام السلبية منها والإيجابية، ولكن اغتيال البلعوس ربما عجّل أكثر بهذا الموضوع، موضحاً أن هناك تنسيقاً عملياتيّاً بين المعارضة في السويداء والجيش الحر وليس تنسيقاً قتالياً، وذلك من أجل تأمين محيط السويداء وتبديد المخاوف التي يطرحها النظام من تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة".

ولفت قرقوط إلى أن النظام استخدم مجموعة من الأساليب من أجل إخافة أهالي المحافظة من تبعات تحركهم ضده، فعمد إلى استنفار جميع قطعاته العسكرية المحيطة بالمحافظة، وروّج إشاعات بأنه مستعد لقصف المحافظة وتدميرها في حال تمرّد الناس ضده، كما قام بعض العناصر المحسوبين عليه بإطلاق نار عشوائي في معظم أرجاء مدينة السويداء، أثناء فترة تشييع البلعوس من أجل إخافة الناس، وعمد إلى نشر إشاعات بوجود عشرات السيارات المفخخة، التي يقوم بالبحث عنها لتفكيكها، الأمر الذي فهمه الناس على أنه تهديد من قبل النظام باستخدام السيارات المفخخة ضد المدنيين.

اقرأ أيضاً: وحيد البلعوس... حافظ كرامة السويداء في وجه النظام السوري

وأعلن الصحافي السوري أن المعارضة تسعى حالياً إلى اتخاذ إجراءات تخفف قدر المستطاع من الأضرار، التي قد تلحق بسكان المدينة، وفي الوقت نفسه تلتف على مخططات النظام وتحبطها، موضحاً أن تجمّع "رجال الكرامة" بعد فقدانه زعيمه يحاول تنظيم نفسه أكثر، على الرغم من أنه منظّم داخلياً، ولكن يوجد الآن التفاف شعبي حوله وهو يحاول العمل بحكمة لاستقطابه بما يخدم أهداف البلد.

وكشف قرقوط :"أننا حضّرنا لمكتب إعلامي ينقل أخبار محافظة السويداء بموضوعية، ويوحّد خطاب قوى المعارضة في المحافظة، تحت اسم المكتب الإعلامي الموحد في السويداء"، معلناً أنه "من المفترض أن يكون قد وصل الآن إلى المحافظة جهاز إنترنت فضائي عبر محافظة درعا، إذ يجري العمل منذ يومين على إيصاله من أجل استكمال عمل المكتب الإعلامي".

وفي السياق نفسه، أفادت مصادر أهلية من داخل مدينة السويداء، لـ"العربي الجديد"، بأن "أعداداً كبيرة من أبناء محافظة السويداء شاركت في تشييع الشيخ البلعوس داخل الملعب البلدي في المدينة"، موضحة أن "أجواء التشييع كانت متوترة وسط دعوات بالثأر لدماء البلعوس ومَن سقط في التفجيرين".

وذكرت المصادر أن "ممثلي تجمّع مشايخ الكرامة في التشييع، طلبوا من الشباب ضبط النفس والتزام التهدئة، وعدم إثارة أي صدام مع الجيش أو الفصائل المسلحة الموالية".

وقالت مصادر مطلعة من السويداء، لـ"العربي الجديد"، طلبت عدم ذكر اسمها، إن "مشايخ ووجهاء السويداء المحسوبين على النظام، يحاولون تهدئة الناس المنتفضة ضد النظام مقابل بحث وضع الأجهزة الأمنية في المحافظة، والتذكير بتاريخ تلك الأجهزة في الفساد من تسهيل سرقة مخصصات المحافظة من الوقود والطحين، ورعاية التهريب من وإلى المناطق المحيطة بالمحافظة، وعدم جديتها في التصدي للمجموعات التكفيرية والتعامل معها، وذلك من أجل الالتفاف على موضوع اغتيال البلعوس، التي يتهم أبناء المحافظة تلك الأجهزة بالضلوع بتنفيذها".

وأفادت أنباء، من مصادر أهلية في مدينة السويداء، بأنه "خلال اليومين الماضيين أخلى الضباط والعناصر الأمنيون مساكن الضباط القريبة من فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في المحافظة، وتم إرسال عائلاتهم إلى محافظاتهم".

وما زال النظام يقطع الإنترنت عن المحافظة بالكامل، خوفاً من تنسيق أي تحركات لشباب المحافظة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً أنها كانت أداة التنسيق الأبرز في الاعتصامات التي تواصلت على مدار ثلاثة أيام متوالية قبل حادثة الاغتيال، نهاية الأسبوع الماضي، أمام مبنى محافظة السويداء.

اقرأ أيضاً: النظام يدعي القبض على مسؤول تفجيرات السويداء ومعارضون ينفون

المساهمون