تعثر المنطقة العازلة: استياء تركي وخطط أميركية بديلة

18 سبتمبر 2015
لا تزال الخلافات الكردية حول القتال بسورية قائمة (الأناضول)
+ الخط -

يواجه مشروع المنطقة الآمنة أو العازلة في سورية عدة عوائق، على الرغم من الاتفاق التركي الأميركي حوله، منها الدخول الروسي القوي في دعم النظام السوري، وفشل الاستراتيجية الأميركية في تدريب وتسليح قوات المعارضة السورية "المعتدلة". وفي ظل غياب شريك سوري وفق وجهة نظرة واشنطن لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يبدو أن الأخيرة تعيد النظر بالعودة للأكراد بما فيهم حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) كحليف استراتيجي في المعركة، على الرغم من اعتراضات أنقرة.

ولا تقف الانتخابات البرلمانية التركية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وحدها عثرة في وجه تنفيذ خطة المنطقة العازلة، بل هناك عدد من العوامل الاخرى، ومنها المعارضة الروسية الواضحة لإقامة المنطقة الآمنة، والتي ترجمتها على الأرض، من خلال الدعم الروسي العسكري الواسع للنظام السوري أخيراً. وتزامن ذلك مع إعلان شركة غاز بروم الروسية المفاجئ، عن تأجيلها للاتفاق حول مشروع خط أنابيب الغاز المسمى السيل التركي، والذي كان من المقرر أن ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا واليونان، كبديل لمشروع السيل الجنوبي الذي أُوقف بسبب العقوبات الأوروبية الأميركية والأوروبية على روسيا، وتم ربط التأجيل بالأزمة السياسية في تركيا، من دون الإشارة إلى التوتر بين كل من روسيا من جهة وتركيا والغرب من جهة أخرى حول سورية وأوكرانيا.

وعلى الرغم من التصعيد الواضح في الدعم الروسي للنظام السوري، والإعلان الصريح عن ذلك من قِبل المسؤولين الروس، والتقارير التي تحدثت عن قيام موسكو بتسلم إدارة مطار حميميم العسكري في اللاذقية، تمهيداً لتحويله إلى قاعدة جوية روسية، إلا أن نائب رئيس هيئة الأركان الروسية نيقولاي بوغدانوفسكي نفى ذلك، تاركاً الباب مفتوحاً لمثل هكذا خطوة، بالقول: "في الوقت الراهن، ليست لدينا مثل هذه الخطط. لكن كل شيء ممكن".

وتلقفت تل أبيب التغيير الواضح في الموقف الروسي تجاه النظام، ليعلن الكرملين عن زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو، الإثنين المقبل، لمناقشة الأزمة السورية.

اقرأ أيضاً: "داعش" يستعد لمعركة "المنطقة الآمنة" في سورية

كل ذلك أزعج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأخرجه عن صمته هذه المرة، مشدداً على أهمية إنشاء المنطقة الآمنة، وموجّهاً انتقادات مواربة لموسكو حول دعمها للنظام السوري، قائلاً: "بينما يبدو واضحاً بأن المشكلة الحالية في سورية هي مشكلة نظام قمع شعبه، فإن النظر إلى الأمر من باب توازنات القوى الدولية والتقديرات السياسية يجعل الإنسان بلا ضمير"، مضيفاً: "نرى بعض الدول ترسل الطائرات إلى سورية لمساندة النظام، وعندما يقول أردوغان ذلك يقومون باستدعاء السفير التركي، إن من يقول ذلك هو مسؤولكم".

وأكثر من ذلك، بدا الحليف الأميركي في حد ذاته يواجه مأزقاً داخلياً في الحرب على تنظيم "داعش"، هذا المأزق بدا واضحاً في جلسة الاستجواب التي عقدها الكونغرس، يوم الأربعاء، والتي استمرت لمدة ساعتين، مع كل من قائد المنطقة العسكرية الوسطى الجنرال لويد أوستن، ووكيلة وزارة الدفاع لشؤون السياسات كريستين ورموث. وقال النائب الجمهوري جون ماكين عن هذه الجلسة إنه لم يشهد استجواباً مثل هذا خلال ثلاثين عاماً من وجوده في في هذه اللجنة، معلّقاً على ردود أوستن بأنها "بعيدة عن الواقع تماماً".

وبعد فشل الاستراتيجية الأميركية في تحقيق أي تقدّم خلال الأشهر الأخيرة ضد "داعش" على الأرض، أقر أوستن خلال الاستجواب بفشل برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية "المعتدلة"، مؤكداً وجود قوات أميركية خاصة قامت بالعمل على الأراضي السورية بالتعاون مع قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" في المعارك ضد "داعش"، لتعود القيادة المركزية الأميركية لنفي ذلك، موضحة أن الجنرال أوستن كان يقصد "علاقة تعاون وتنسيق مع القوات الكردية من دون التواجد على الأراضي السورية، عبر غرفة العمليات المشتركة للتحالف الدولي ضد داعش في شمال العراق"، نافية وجود أي قوات أميركية على الأرض في سورية.

وفي مواجهة هذا الفشل، أشارت ورموث إلى أن الجيش الأميركي يدرس خططاً بديلة الآن، لكنها رفضت التصريح عنها أمام الكونغرس. وبينما يبدو الاتفاق التركي الأميركي مجمّداً حتى الآن، عاد الأميركيون إلى الاعتماد على الأكراد كحليف رئيسي في المنطقة للحرب على "داعش"، الأمر الذي بدا واضحاً في اللقاء الذي جمع، يوم الثلاثاء، كلاً من رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، والزعيم المشارك لحزب "الاتحاد الديمقراطي" صالح مسلم، والسفير الأميركي في العراق ستيوارت جونز، والمبعوث الأميركي الخاص لشؤون التحالف الدولي بريت مكورك، إضافة إلى الجنرال قائد القوات الخاصة الأميركية جيمس تيري، وقائد القوات الخاصة الأميركية في العراق الجنرال طوني توماس.

وبحسب مكورك، فقد تناولت المحادثات التي عقدت في أربيل التنسيق في الحرب على "داعش"، بينما أكد مكتب البرزاني في بيان صحفي له أن الاجتماع تناول وضع الجبهات مع "داعش"، والتحضيرات لمعركة تحرير الموصل.

وعلى الرغم من ذلك، بقيت الخلافات الكردية الكردية واضحة، فبينما أكد مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" هيمن هورامي، أن القوات الكردية السورية التي أشرفت أربيل على تدريبها ويطلق عليها "بيشمركة روج أفا" ستعود إلى سورية، وتنسّق لتقاتل مع قوات "حماية الشعب" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، نفى مسؤول الإعلام في الاتحاد الديمقراطي في أوروبا إبراهيم إبراهيم ذلك، مشيراً إلى أن موضوع دخول قوات "بيشمركة روج أفا" إلى سورية لم يتم بحثه من الأصل.

اقرأ أيضاً: "روج أفا"... أكراد ممنوعون من محاربة نظام الأسد

المساهمون