أسبوع لبناني فاشل في النفايات وانعدام الثقة وقيادة الجيش

14 سبتمبر 2015
يطالب الحراك الشعبي بمحاسبة الفاسدين في الدولة(عبد الرحمن عرابي)
+ الخط -
صمدت الحكومة اللبنانيّة لغاية اليوم، في وجه الحراك الشعبي المطالب بوضع حدّ للفساد المستشري في إدارة الدولة ومحاسبة الفاسدين. سعت الحكومة إلى استيعاب هذا الحراك، عبر إقرار خطة لإدارة أزمة النفايات، وهي الأزمة التي أشعلت الحراك الشعبي أساساً. عُرفت هذه الخطة باسم وزير الزراعة، أكرم شهيب، كونه أشرف على اللجنة التي وضعت الخطة، بعد تخلي وزير البيئة، محمد المشنوق، عن مسؤوليته في إدارة هذا الملف. لكن خطة شهيب تواجه حالة اعتراض متنقلة من منطقة إلى أخرى. فقد رفضت بلدية وأهالي منطقة الناعمة (جبل لبنان)، إعادة فتح المطمر الموجود في البلدة، كما رفض أهالي عكار (شمال لبنان)، إقامة مطمر في بلدة سرار، وهو ما قام به أيضاً أهالي البقاع الأوسط (شرق لبنان) الذين رفضوا إقامة مطمر في منطقة المصنع الواقعة على الحدود السورية.

يقول وزير في الحكومة إنّ إقامة المطامر أكثر من منطقي، "لكن الناس فقدت الثقة في الحكومة". وبرأيه، فإن الخطوة الأولى التي يتوجب على الحكومة القيام بها، هي إعادة بناء الثقة مع الناس، "وهذا لا يتم إلا عندما نقتنع بأننا نمثّل مرحلة انتقاليّة، ليستلم غيرنا الحكم في المرحلة المقبلة. فنحن، أي جميع القوى الموجودة في الحكومة، فشلت في تحقيق طموحات الناس". يذهب هذا الوزير في حديث لـ"العربي الجديد"، بعيداً، بالقول إنّ "الحراك الشعبي، يُمثّل انتفاضة على السلطة التي حكمت البلاد منذ مرحلة الحرب الأهليّة ثمّ الوصاية السورية. وينقل الوزير نفسه، مشهداً سوداوياً من داخل الحكومة، قائلاً إنّ "معظم الوزراء لا يستشعرون خطورة ما يجري، ولم يقتنعوا بعد بأن الناس لم تعد تقبل بصيغة الحاكم المقدّس، أو صيغة الإقطاعي. بتُّ مقتنعاً بأنهم منفصلون عن الناس تماماً ولا يتواصلون معهم".

ويشير هذا الوزير إلى أنّ زميلاً له حذّر رئيس الحكومة، تمام سلام، من أنّ المزاج الشعبي لا يسمح بإقامة مطامر في البقاع وعكار، وأن إقرار مشاريع تنموية بقيمة مائة مليون دولار لكل منطقة، كرشوة لإقامة المكبّات، سيزيد من النقمة الشعبية ومن التشكيك في الحكومة. لكن رئيس الحكومة، استند إلى ما أبلغه إياه وزير الداخليّة، نهاد المشنوق، الذي أكّد أنه تواصل مع نواب عكار الحاليين والسابقين، وحصل على موافقتهم بإقامة المطمر. وفي المحصّلة رُفض الأمر.

ويتعجّب وزير آخر في حكومة سلام، قريب من فريق 14 آذار، رفض ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، من قبول وزير البيئة، محمد المشنوق، التخلي عن مهامه في إدارة لجنة النفايات، الذي أصرّ، في الوقت عينه، على عدم الاستقالة من الحكومة. وبرأي هذا الوزير، كان على المشنوق الاستقالة "فيما لو أراد الحفاظ على صورته كرجل نظيف، وهو سياسي لم تتلوث يداه بالفساد، لكنه اليوم متورط فيما هو أسوأ من الفساد، أي التمسّك بالسلطة".

خطة الحكومة، أعطت الحراك الشعبي فرصة لالتقاط أنفاسه على الصعيد المركزي، وإعادة صياغة العلاقة بين مكوناته والحملات المختلفة، والتفكير الهادئ في المرحلة التالية. وأتت هذه الفرصة، من كون الاعتراض على خطة الحكومة أخذ طابعاً مناطقياً، في المناطق التي يُفترض أن تتحوّل إلى مطامر.

اقرأ أيضاً حراك لبنان: خطة الحكومة للنفايات "مناورة"

على صعيد آخر، فإنّ جلسة الحوار التي انعقدت، يوم الأربعاء الماضي، لحلّ الأمور السياسية العالقة، كانتخاب رئيس الجمهورية، وتعيين قائد للجيش، لم تنتج شيئاً يُذكر، باستثناء استمرار السجال عينه بين القوى السياسيّة، فيما الحكومة تحتاج، برأي القيّمين عليها، إلى إعادة إنعاش وضعها الداخلي، لجهة تأمين الخدمات، وعلى رأسها ملف النفايات، "لاستيعاب الحراك، وعدم تحويله إلى فوضى"، كما يقول أحد السياسيين اللبنانيين لـ"العربي الجديد".

ويتحدث أحد المشاركين على طاولة الحوار لـ"العربي الجديد"، عن العقبة الأساسيّة التي لا تزال تُعرقل الحكومة، جازماً بأنه "علينا إرضاء الجنرال ميشال عون، عبر إيجاد حلّ للعميد شامل روكز (صهر عون) قبل إحالته إلى التقاعد. لكن المشكلة هي أنّ روكز لا يثق في وزير الخارجية، جبران باسيل (صهر عون أيضاً)، وهو ممثل عون في التفاوض، لذلك يجب أن يكون التفاوض مع روكز ثم مع عون". يشرح السياسي ذاته، عملية التفاوض هذه بشكل كوميدي جداً، كاشفاً أنه تم التوافق على ترقية روكز إلى منصب لواء، "لكنه لم يرض أن تتم ترقيته وحده".

يلفت هذا السياسي إلى أن إحدى الثغرات التي ساعدت على إيجاد هذا الحلّ، هي عدم صدور المراسيم التطبيقية لقانون الدفاع المقرّ في ثمانينيات القرن الماضي، وبالتالي لا يزال القانون المقرّ في السبعينيات ساري المفعول، وهو يُعطي الحكومة الحقّ في زيادة عدد الضباط الحاملين لرتبة "لواء" من دون العودة إلى مجلس النواب.

لكن العقبة الأساسيّة التي لا تزال قائمة، هي رغبة روكز في إسناد قيادة الألوية القتالية في الجيش اللبناني جميعاً له، "وبالتالي تحويله إلى القائد الفعلي للجيش، وتحويل منصب القائد الحالي، جان قهوجي، إلى مجرد منصب رمزي، وهو ما لن يرضى به قهوجي، لذلك نعمل على إيجاد تسوية تُقسّم الأفواج القتالية بين المنصبين. لكن هذا الطرح، لا يبدو أنه قابل للحياة، بسبب رفض قيادة الجيش له، ولكونه سيؤدي إلى إضعاف منصب قائد الجيش، الذي يُعدّ اليوم من أهم المواقع المسيحيّة بعد رئاسة الجمهوريّة"، وفقاً لهذا السياسي.

بغض النظر عن احتمالات نجاح هذا الطرح، فإن مجرد التفكير في وضع رأسين في القيادة، في الوقت الذي يُفترض فيه أن الجيش لديه مهام صعبة عند الحدود الشمالية والشرقية للبنان، من شأنه إضعاف الجيش.

يقول أحد المسؤولين المطلعين على حجم الفساد في لبنان لـ"العربي الجديد"، "لم ينتبه المسؤولون الأساسيون في البلد إلى أن مكافحة الفساد باتت في مرتبة مكافحة الإرهاب".

اقرأ أيضاً: حراك بيروت... القتل برصاصة الانتخابات

المساهمون