غراي سائق شاحنة أفريقي أميركي، أعزب وليس لديه أولاد. يقضي معظم وقته على الطرق العامة، يستمع إلى آخر المستجدات السياسية على الراديو. لم ينفق ولا حتى دولارا واحدا على حملته الانتخابية، ولا أحد يعرفه في المجتمع السياسي في ميسيسيبي. هذا المرشح، الذي لم يتبرع أحد لحملته، ليس لديه موقع إلكتروني أو خطط على مواقع التواصل الاجتماعي. غير أنه حصل على أكثر من 146,000 صوت، أي 50,000 صوت أكثر من مرشحة الحزب "الديمقراطي" المحامية المخضرمة سلاتر، التي لديها فريق انتخابي متكامل، وأنفقت 200,000 دولار من التبرعات الانتخابية على حملتها.
رأى غراي أن فوزه كان نتيجة "تصويت عشوائي" يوم الثلاثاء الماضي، في وقت كان فيه الإقبال على الانتخابات ضعيفاً في الولاية بالنسبة إلى الحزبين "الديمقراطي" و"الجمهوري". وعلى رغم من تقدمه الواضح في فرز الأصوات، تأخر مسؤولو الحزب "الديمقراطي" في إعلان فوزه، كأنهم رفضوا تصديق المفاجأة.
توجه غراي غداة إعلان فوزه الى مبنى مجلس النواب في الولاية لأول مرة في حياته بطلب من الصحافيين كي يتعرفوا إليه وإلى قصته. ومن على مقربة من مكتب حاكم الولاية، قال ببساطة: "يحاول الجميع معرفة من أنا. أعتقد أنني شخص هادئ بحكم طبيعتي. لست سياسياً، أنا شخص أراد فعلاً الترشح لمنصب حاكم الولاية".
أوضح غراي أنه ترشح لأن حاكم الولاية الحالي فشل في تحسين حياة الناس، وأنه يرغب في توسيع المساعدة الطبية للفقراء وتوفير فرص العمل وإنفاق المزيد من الأموال على الطرقات والمدارس العامة التي لا تمولها الولاية بشكل كاف. روى أمام الإعلاميين كيف أصبحت الحياة مكلفة، وكيف كان إطار سيارة شاحنته يكلف 200-300 دولار ووصل الآن إلى 500-600 دولار.
بعدما سيطر الديمقراطيون على السياسة في ميسيسيبي لعقود، تعرضوا منذ فترة لنكسات متتالية، وقد يكون ترشيح غراي رسالة من القاعدة الليبرالية في الولاية. تخشى الآن قيادة الحزب، التي دعمت فيكي سلاتر، أن ينقضّ الجمهوريون بثقلهم المالي على غراي القليل الخبرة والمال.
وفي ردّ على وضع حاكم الولاية فيل براينت (60 عاما)، الذي يعمل في السياسة منذ 25 عاماً، ولديه احتياط 2,8 مليون دولار من المال الانتخابي لاستخدامه في الحملة، قال غراي "آمل أن يصرفها، صدقوا أو لا تصدقوا، هذا يساعد الاقتصاد". والتقى رئيس الحزب "الديمقراطي" في ميسيسيبي ريكي كول بغراي في مقر الحزب، أعلن بعدها أن شخصيته تجلب إلى السباق "صدقية مرتجلة" ينجذب إليها الناخبون، وبالتالي تبنّى الحزب "الديمقراطي" ترشيحه. غير أن غراي أكد أنه سيتابع السباق حتى النهاية ويريد أن يشارك في مناظرة مع حاكم الولاية الذي احتفل بدوره بنيله مجدداً ترشيح الحزب "الجمهوري"، مرتدياً حذاء "كاوبوي" ومحاطاً بعائلته وأصدقائه.
وتقع ميسيسيبي في الجنوب المحافظ. وتحتضن، بحسب مكتب الإحصاء الأميركي، 59 في المائة من البيض و37 في المائة من السود، وهي الولاية الأميركية الأخيرة التي لا يزال على علمها راية معركة الكونفدرالية التي قاتلت من أجل بقاء نظام العبودية.
اقرأ أيضاً: الثورة السوداء المستمرة.. جدول زمني لكفاح السود في أميركا
قال غراي إنه يريد تغيير علم الولاية لأنه يضر بالاقتصاد. وكانت قد سبقت ظاهرة غراي ظاهرةٌ أخرى مشابهة في ولاية كارولينا الجنوبية عام 2010. حينها تمكن العسكري المتقاعد ألفين غرين، الذي كان بدون عمل، من نيل ترشيح الديمقراطيين لمنصب سيناتور الولاية بدون أموال انتخابية ومع قليل من الظهور العلني، قبل أن يخسر أمام المرشح الجمهوري المحافظ السيناتور جيم ديمينت.