أزمة إسلاميي لبنان

29 اغسطس 2015
وجّه مورو نصائح لإسلاميي لبنان (عبد الرحمن عرابي)
+ الخط -
تزامن اعتقال الشيخ اللبناني الفار أحمد الأسير، مع خبرين اثنين تابعتهما الساحة الإسلامية في لبنان وفي مدينة صيدا الجنوبية التي انطلق منها الأسير. برز في الخبرين اسم شيخين من قيادات الحركة الإسلامية في لبنان والعالم العربي؛ هما الشيخ محرم العارفي والشيخ عبد الفتاح مورو. فتم افتتاح قاعة باسم الشيخ العارفي في المدينة التي زارها مورو خلال جولة محاضرات له في لبنان. شهدت صيدا تحول الشيخ الأسير من "غاندي لبنان الإسلامي" الذي اعتصم سلمياً لعشرين يوماً، للمطالبة بسحب السلاح من حزب الله وحصره بيد الجيش اللبناني إلى قائد مجموعة مُسلحة قاتلت هذا الجيش وقتلت عناصره. فظهر بصورة الخطيب الجاد، وبصورة الشيخ المرح، ثم الرجل العسكري قبل أن ينتهى به الحال موقوفاً في هيئة تفاوتت الأوصاف فيها، بين شخصية غوار الطوشي ونجوم أفلام السينما في فترة السبعينيات. وسبق هذه الإطلالة ظهور الأسير بطريقة "بن لادنية" مع تسجيلات صوتية نشرها لتوزيع الاتهامات بالخذلان تارة والخيانة تارة أخرى على أطراف الساحة الإسلامية في لبنان.

تلك الساحة هي نفسها التي قدمت لمدينة صيدا نموذجاً مُبكراً من "الجهاد السُني" الذي مثل الشيخ محرم العارفي رمزاً له. فحرض العارفي على قتال العدو الإسرائيلي في الثمانينيات وحمل السلاح خلال خطبه. وكان الأسير في ذلك الوقت شاباً يُحدد توجهاته السياسية وانتماءه الحزبي، قبل أن يستقل ويتحول خلال عقدين إلى داعية ديني مؤثر في منطقته التي حولها إلى ساحة حرب. وإن كانت عروض الأسير المتنوعة قد انتهت مع توقيفه، تستمر محاكمة عشرات الشبان الصيداويين الذين شاركوا الأسير في اعتصامه وفي المعركة. يُشكل هؤلاء حملاً ثقيلاً على ظهر الحركة الإسلامية التي توجهت أنظار أهاليهم إليها، وإلى "تيار المستقبل" لإطلاقهم أو تسريع محاكماتهم على الأقل.

لكن واقع الحركة المتأرجح بين غياب المشروع المحلي على صعيد لبنان، وتأثرها بتراجع الحركات الإسلامية على صعيد الوطن العربي أبعدها عن حمل تركة الملفات الأسيرية الثقيلة. وقد لمس الشيخ مورو أوجاع الحركة الإسلامية، ودعا خلال محاضراته إلى "فك الارتباط مع النماذج الإسلامية في البلدان العربية، وتكوين تجربة لُبنانية قائمة على خصوصية البلد". وتضمنت نصائح مورو "وقف محاولة استنساخ النماذج الإسلامية الناجحة (كتونس وتركيا) والتغلب على الخوف من الإقصاء (كما حدث في مصر)". وكان نقده شديداً لعدم التعاون مع الأطراف غير الإسلامية في مُختلف البلدان ومنها لبنان.

سبق للإسلاميين في هذا البلد أن رفعوا لواء المُقاومة فاستغله حزب الله بتفاهم إقليمي، ورفعوا لواء الطائفة السنية في بلد طائفي، فسبقهم تيار المُستقبل في التمثيل السياسي، وزادتهم الاختلافات الفكرية والتنظيمية تشتتاً وبُعداً عن آمال ساحتهم المعزولة اليوم بتُهم الإرهاب والتطرف. ومع طي صفحة الأسير تحتاج الحركة الإسلامية في لبنان (كما كانت دائماً) إلى تقديم مشروع واضح يتضمن قراءة للواقع وخطة للمُستقبل.
المساهمون