مسلمو بريطانيا والانتخابات: ثقل حاسم في 25% من الدوائر

04 مايو 2015
"الإسلاموفوبيا" تحدّد وجهة تصويت الجالية الإسلامية في بريطانيا (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أنّ عدد أفراد الجالية المسلمة في بريطانيا لا يتجاوز 2.8 مليون نسمة، أي 4.4 في المائة فقط من مجموع السكان، إلاّ أنّ الأحزاب البريطانية ومرشحيها للانتخابات البرلمانية المقبلة يتنافسون بشكل واضح على كسب أصوات المسلمين، التي باتت تشكّل ثقلاً حاسماً في 25 بالمئة من الدوائر الانتخابية. وأظهر تقرير صادر عن جمعية "هنري جاكسون" البريطانية، أنّ أعداد المسلمين تستطيع حسم مقعد واحد من كل أربعة مقاعد في الانتخابات التشريعية البريطانية، وأنّ هذه النتائج تكشف عن تغيّرات هامة في المجتمع البريطاني، الأمر الذي جعل صحيفة "ذا صن" البريطانية، تلفت انتباه المرشحين لأهميّة الفوز بتأييد المسلمين البريطانيين.

وتتميّز الكتلة المسلمة بالأولويّات التي تحدّد توجّهاتها الانتخابية، إذ تشير مؤسسة "يو إليكت" المتخصّصة في دراسة توجّهات الناخبين، إلى أنّ السياسة الخارجية و"الإسلاموفوبيا" والسياسة الداخلية، تحدّد وجهة تصويت الجالية الإسلامية. وأظهرت دراسة أجرتها المؤسسة، أنّ السياسة الخارجية تؤثّر بشكل أساسي في اختيارات 53 في المائة من الناخبين المسلمين. بينما يتأثر 38 في المائة منهم بكيفيّة معالجة الأحزاب السياسية والمرشحين لموضوع الإسلاموفوبيا، وتحدّد السياسات الداخلية وجهة تصويت 35 في المائة من الناخبين المسلمين.

وعلى الرغم من أنّ الصوت المسلم كان يصب تقليدياً لصالح حزب العمّال، إلاّ أنّ انتخابات عام 2010، سجّلت استثناءً، إذ لم يصوّت أكثر من 40 في المائة لصالح الحزب، كردّ فعل على سياسات حكومات توني بلير، ومشاركتها في غزو العراق وأفغانستان. ومع ذلك، تشير الإحصاءات التي أجراها مركز "أشكروفت" لاستطلاع الرأي، إلى أنّ حوالي 70 في المائة من المسلمين سيصوّتون لصالح العمال في الانتخابات، مقارنة بـ5.4 في المائة سيصوّتون لكل من المحافظين والديمقراطيين الأحرار. وعلى الرغم من تعهد زعيم حزب العمال، إيد ميليباند، العمل على جعل مهاجمة المسلمين أو "الإسلاموفوبيا" جريمة مشدّدة في القانون البريطاني، في حال فوز حزبه بالأغلبيّة في الانتخابات المقبلة، ودعم الحزب للتصويت البرلماني الرمزي للاعتراف بدولة فلسطين، إلاّ أنّ شريحة واسعة من الجالية المسلمة لا تزال تشكّك في نوايا حزب العمال بقيادة ميليباند، ذي الأصول اليهودية.

اقرأ أيضاً: مرشحو العموم البريطاني يبحثون عن أصوات الجاليات المسلمة

أمّا موقف الجالية المسلمة من حزب المحافظين، فيبدو أكثر حسماً بعد موقف الحزب من العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة. وكانت البارونة سعيدة وارسي، التي استقالت من وزارة الخارجية في أغسطس/ آب الماضي، قد رجّحت آنذاك خسارة حزب المحافظين لدعم الناخبين المسلمين، بسبب مواقف حكومة رئيس الوزراء وزعيم المحافظين، ديفيد كاميرون، من العدوان. وربّما ازدادت نقمة المسلمين على كاميرون الذي جدّد قبل أيام القول: "إنّ إسرائيل كانت محقّة في الهجمات التي شنّتها على غزّة صيف العام الماضي، للدفاع عن نفسها". وتابع في حديثه لصحيفة "جويش كرونيكل" اليهودية: "إنّ إسرائيل تعرّضت لاعتداءات عشوائية، وأنا على الصعيد الشخصي أشعر بضرورة الوقوف إلى جانبها، وحقّها في الدفاع عن نفسها"، واصفًا الشعب الإسرائيلي بـ"المحب للسلام". يبدي كاميرون بهذا الموقف، اهتماماً بكسب أصوات اليهود على حساب الصوت المسلم، لا سيما أنّ نتائج استطلاع للرأي نشرت الشهر الماضي، أظهرت أنّ 69 في المائة من يهود بريطانيا يميلون لتأييد حزب المحافظين.

في هذا الوقت، ينقسم موقف الجالية الإسلامية بشأن جدوى أو "شرعية" المشاركة في الانتخابات العامة البريطانية. فمن جهة، أطلق "مجلس مسلمي بريطانيا" حملة حثّ فيها الناخبين المسلمين على المشاركة بالتصويت في الانتخابات. ومن جهة أخرى، علت أصوات شخصيات ومؤسسات إسلامية متشددة، "تحرّم" المشاركة في الانتخابات. وأشار المجلس إلى أنّ على المسلمين البريطانيين واجب حضاري وضروري للمشاركة في العملية السياسية. ودعا المجلس الذي يمثّل المظلّة التي تنضوي تحتها أكثر من 500 منظّمة ومؤسسة خيرية إسلامية، الناخبين المسلمين إلى انتهاز فرصة الانتخابات العامة لمواجهة صعود الأحزاب اليمينية المعادية للمسلمين، وإظهار مدى تأثير الجالية المسلمة وثقلها على الساحة السياسية في بريطانيا. ويشير المجلس في ذلك، إلى التصريحات العنصرية التي صدرت عن زعيم حزب الاستقلال اليميني، نايجل فراج، في مارس/ آذار الماضي، واصفاً المسلمين بـ"الطابور الخامس".

وفي محاولة لتعريف الناخبين المسلمين بمواقف المرشحين في دوائرهم، ومواقف الأحزاب السياسية من القضايا الرئيسية المطروحة في برامجها الانتخابية، نظّمت جمعيات المجتمع المدني الممثلة للمسلمين، مؤتمراً للمرشحين من مختلف الأحزاب، لشرح مواقفهم والإجابة على تساؤلات الناخبين بشأن القضايا التي تشغلهم. كما عملت منظمات ومؤسسات إسلامية، على توزيع منشورات تشجّع المسلمين على المشاركة السياسية، مع تحليلات مفصّلة للسياسات العامة للأحزاب المختلفة، بشأن القضايا التي تشغل الناخبين. وتحاول المنظمات المسلمة حثّ الناخبين على المشاركة في الانتخابات بأعداد مؤثرة، بعد أن أظهرت الأرقام أنّ 47 في المائة فقط منهم، صوّتوا فى انتخابات العام 2010.

في المقابل، حثّ رجل الدين المتشدّد، أنجم شودري، المسلمين على عدم التصويت في الانتخابات العامة، مدّعياً أنّها "ممنوعة منعاً باتاً" في الإسلام. وأطلق تشودري تحذيره من خلال تغريدات على تويتر بواسطة هاشتاج "ابق مسلماً ولا تصوّت في الانتخابات". كما نشر عدداً من الفيديوهات القصيرة التي تهدف إلى ثني الشباب المسلم عن المشاركة في الانتخابات. واستجابة لدعوات تشودري، قامت مجموعات إسلامية متطرّفة بنشر ملصقات في أحياء مدينة كارديف، تدعو المسلمين إلى عدم التصويت في الانتخابات العامة. وتضمّنت الملصقات شعارات: "الديموقراطية، نظام ينتهك حدود الله"، وأنّ "الإسلام هو الحل الوحيد لبريطانيا، لأنّه نظام شامل للإدارة، يتم من خلاله تنفيذ أحكام الله وإقرار العدالة".

اقرأ أيضاً: تنامي العنصرية ضد مسلمي أوروبا بعد "شارلي إيبدو"

المساهمون