الأحزاب التركية الصغيرة والفرصة "المستحيلة" لدخول البرلمان

31 مايو 2015
زعيم الحركة القومية، دفليت باهسيلي (حقان براق ألتونوز/الأناضول)
+ الخط -
تقف العتبة الانتخابية المرتفعة، والتي تحتم على أي حزب سياسي أن يتجاوز نسبة العشرة في المائة من عموم الأصوات، حجر عثرة أمام دخول عدد من الأحزاب التركية إلى البرلمان؛ وفيما يبدو التنافس مشتعلا بين الأحزاب التركية الرئيسية الأربعة، تبقى حظوظ عدد من الأحزاب التركية الصغيرة شبه معدومة بدخول البرلمان.


اقرأ أيضاً: تبادل الاتهامات والوعود سلاح الأحزاب التركية في الحملات الانتخابية 

تحالف "السعادة" و"الاتحاد الكبير"

وبغرض تجاوز هذه العقبة واجتياز الانتخابات بنجاح، عُقد تحالف بين كل من حزب "السعادة" وحزب "الاتحاد الكبير"، وذلك بعدما فشل الأخير في إقامة تحالف بينه وبين حزب "الحركة القومية".

ويعتبر حزب "السعادة" وريثاً لحركة (ميللي غوروش) أو الرؤية القومية التي أسسها رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان. وضم الحزب ما تبقى من أعضاء ومناصرين بعد انشقاقين كبيرين، الأول بقيادة رجب طيب اردوغان وعبد الله غول وبولنت أرينج عام 2001 لتأسيس حزب "العدالة والتنمية"، والثاني بقيادة نعمان كورتولموش ومجموعته التي أسست حزب "صوت الشعب" عام 2010، قبل أن يحل الحزب نفسه عام 2012 وينضم لحزب "العدالة والتنمية"، ويشغل كورتولموش نفسه منصب نائب رئيس الحزب ثم نائب رئيس الوزراء لاحقاً.

لحق حزب "السعادة" تغييرات كثيرة بعد وفاة أربكان وتسلم مصطفى كمالاك لرئاسته. إذ تم إقصاء أبناء أربكان عن الحزب، ليعبر فاتح نجم الدين أربكان عن  استيائه الشديد من الإدارة العامة للحزب، جراء عدم تقديمهم أي اقتراح بشأن ترشحه لانتخابات البرلمان المقبلة ورفض إدارة الحزب لترشحه كنائب مستقل داعم لحزب "السعادة" في البرلمان، في وقت عرض "العدالة والتنمية" والحركة القومية عليه الترشح عنهما.

إضافة إلى ذلك يتمتع حزب "السعادة" بفضل كمالاك، بعلاقات وطيدة مع النظامين الإيراني والسوري، إذ قام بدعوة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد في مارس/آذار الماضي كضيف شرف لحضور مؤتمر إحياء الذكرى الـرابعة لوفاة زعيم الحزب أربكان، والذي جرى في مدينة بورصة مما أثار غضباً شديداً في صفوف الإسلاميين.

وانشق عن الحزب أحد أكبر قادته وهو محمد بيكار أوغلو وانضم إلى حزب "الشعب الجمهوري" لتبدو مساهمته واضحة على البرنامج الانتخابي للأخير، بدءا من شعار الحملة "تركيا قابلة للحياة"، إلى الانفتاح الكبير للحزب على المتدينين.

أما حزب "الاتحاد الكبير"، فهو أحد الأحزاب اليمينية بخلفية إسلامية قومية، وهو ما يميزه عن حزب الحركة القومية الذي يقدم "القومية" على "الإسلامية" في أيديولوجيته ومرجعيته.

تأسس الحزب عام 1992 بقيادة محسن يازجي أوغلو. ورأى فيه مراقبون أتراك انشقاقا عن حزب "الحركة القومية". قُتل يازجي أوغلو وعدد من القيادات عام 2009 في حادثة سقوط طائرته المروحية في ظروف غامضة لم يتم الكشف عنها حتى الآن.

يتشارك حزبا "السعادة" و"الاتحاد الكبير"، في عدد من الظروف المتشابهة التي جعلت التحالف بينهما أمراً منطقياً؛ إذ إن كليهما يحمل إيديولوجية دينية إلى جانب الهوية السياسية، وكليهما تراجع وفقد الكثير من حظوظه بغياب قائده، كما أن كليهما بعيد جداً عن دخول البرلمان.

إن كتلة الناخبين التي يستهدفها التحالف الوليد هي نفسها التي يتصارع عليها كل من حزب "العدالة والتنمية" وحزب "الحركة القومية". ورغم تصريحات كمالاك التي تؤكد على أن الحزب يستهدف 17 في المائة من الأصوات، فإن أكثر استطلاعات الرأي تفاؤلاً تشير إلى أن الحلف لن يتجاوز 4 في المائة من الأصوات في عموم تركيا أي أن ما سيحوزه سيذهب بشكل تلقائي وفق قانون العتبة الانتخابية  إلى "العدالة والتنمية" ومن ثم للحركة القومية.

أحزاب هامشية

إضافة إلى ذلك، هناك عدد من الأحزاب الصغيرة، ومنها الأحزاب القومية مثل حزب "وطن" و"الأناضول"، وبعض الأحزاب اليسارية مثل الحزب "الديمقراطي الاشتراكي" و"الحرية والتضامن" و"العمل" وغيرها، والتي لا تؤخذ بعين الاعتبار في أي استطلاع للرأي بل ولا يصوت لها إلا أعضاؤها.

ويمثل كل من حزبي "وطن" و"الأناضول" التيار القومي الكمالي اليساري المتطرف، فلا تختلف برامجهما الحزبية كثيرا عن حزب "الشعب الجمهوري" باستثناء الموقف المتشدد من القضية الكردية والحوار مع "العمال الكردستاني" وعملية السلام إضافة إلى الدفاع عن الكمالية بوصفها العلمانية المتطرفة.

واعتقل مؤسس حزب "وطن" (أو حزب العمال سابقا)، دوغو بيرينجيك عام 2008 في قضية الإرغنكون بتهمة التآمر مع عدد من ضباط القوات المسحلة للقيام بانقلاب والإطاحة بحكومة "العدالة والتنمية" ليتم إخلاء سبيله في وقت لاحق. وعاد الحزب وجذب إليه عدداً+
من الشخصيات منهم تورغت أوكاي الذي كان القاضي الذي حاكم زعيم "العمال الكردستاني"، عبد الله أوجلان.

أما حزب "الأناضول"، فهو آخر الانشقاقات عن حزب "الشعب الجمهوري"، الذي قادته إحدى صقور التيار القومي الكمالي وهي أمينة أولكر، والتي انشقت العام الماضي عن "الشعب الجمهوري" بعد خلافات مع كمال كلجدار أوغلو الذي قاد تحولا نحو الفكر اليساري وانفتاحا أكبر حيال الأكراد والمتدينين.

اقرأ أيضاً: السياسة الخارجية في الانتخابات التركية: تراجع أمام قضايا الداخل 

المساهمون