اليمن: نقمة جنوبية ضدّ "الرموز الصامتين"

11 مايو 2015
"المقاومة الشعبية" حققت تقدّماً في الجنوب (فرانس برس)
+ الخط -

أثار إعلان الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، الالتزام بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها السعودية ابتداء من يوم غد الثلاثاء، تساؤلات حول جدية التزامهم بالتهدئة، في وقت يسعون فيه لتحقيق أكبر قدر ممكن من أهدافهم على الأرض، على الرغم من تكبّدهم خسائر في الجنوب، مع تقدّم "المقاومة الشعبية" في مناطق عدة. وأبدى الحوثيون استعدادهم لـ"التعاطي بإيجابية" مع جهود "رفع المعاناة" في اليمن، وفق ما نقلت محطة "المسيرة" التابعة لهم أمس الأحد. وجاء في بيان للمجلس السياسي لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) نقلته المحطة "إذ نؤكد على ضرورة الرفع الفوري للحصار الجائر وغير المبرر على أبناء الشعب اليمني الذي فاقم من معاناته، فإننا نشير إلى أننا سنتعاطى بإيجابية مع أي جهود أو دعوات أو خطوات إيجابية وجادة من شأنها رفع المعاناة". كما أعلن المتحدث باسم الجيش اليمني المتحالف مع الحوثيين العقيد الركن شرف غالب لقمان، أن قواته وافقت على الهدنة ولكنها سترد على أي هجمات في ساحة المعركة.

من جهة أخرى، أثار استمرار صمت أطراف وقيادات سياسية جنوبية، حيال ما يجري في الجنوب من حرب ودمار، غضب الشارع الجنوبي، في ظل الهجمة سواء العسكرية والسياسية ضده، التي يقوم بها الحوثيون وصالح، فيما لا زالت بعض القيادات تقيم علاقة مع هذه الأطراف، حسب ما كشف مصدر سياسي لـ"العربي الجديد"، مؤكداً أن "صمت قيادات مكوّن مؤتمر القاهرة، (الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد)، والمؤتمر الوطني لشعب الجنوب، فضلاً عن رئيس مجلس الحراك الجنوبي حسن أحمد باعوم، وقيادات أخرى، يثير استغراب الشارع الجنوبي الصامد، أمام كل المحاولات لتدمير واحتلال الجنوب" بحسب مصطلحات الجنوبيين. وأشار المصدر إلى أن "هذه القيادات يجب أن تخرج لتخاطب الشارع بدلاً من الصمت، فهي حتى لم تُصدر بياناً من تلك البيانات التي كانت دائماً توزعها في مثل هكذا ظروف، لتدين جرائم الحوثيين وصالح".

في المقابل، فإن دخول قيادات سياسية جنوبية بارزة في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، كانت في وقت سابق معارضة لمؤتمر الحوار الوطني السابق في صنعاء، لقي تأييداً من قبل الشارع. ومن أبرز تلك القيادات رئيس الوزراء السابق حيدر العطاس، والشخصية الاجتماعية البارزة عبدالعزيز المفلحي، ورئيس حركة النهضة عبد الرب السلامي، ورئيس الهيئة الشرعية الشيخ حسين بن شعيب.

ويتهم بعضهم أطرافاً سياسية، بأنها ما زالت مترددة إزاء الحوار في الرياض، وهو ما يؤكده مصدر قيادي جنوبي في الرياض لـ "العربي الجديد"، مشيراً إلى أن "هناك أطرافاً سياسية جنوبية لم تحدد موقفها بشكل واضح من كل ما يجري، فيما يحاول بعض القيادات إمساك العصا من الوسط، وينتظر المنتصر من الخاسر ليعلن موقفه". ولفت المصدر إلى أن "بعض القيادات تغرد خارج موقف الشارع الجنوبي، الذي يقف اليوم خلف المقاومة، وبات لا يؤمن بتلك القيادات الصامتة، بقدر إيمانه بمقاومته وصموده في مواجهة المحتلين الجدد". وأشارت مصادر أخرى إلى أن هناك محاولات من قبل بعض الشخصيات، لإقناع قيادات للالتحاق بركب حوار الرياض والمشاركة فيه، حتى لا تقع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه أثناء مؤتمر الحوار الوطني.

اقرأ أيضاً: صالح يعلن ضمناً التحالف مع الحوثي عقب استهداف منزله

من جهة أخرى، أعلنت وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء أن سفينة مساعدات إيرانية من المفترض أن تُبحر مساء أمس الأحد إلى ميناء الحديدة اليمني الواقع تحت سيطرة الحوثيين، حاملة 2500 طن من المساعدات الإنسانية، بينها مواد غذائية أساسية وأدوية.

ويروج ناشطون حوثيون أن السفينة ستبحر بمشاركة "ناشطي سلام" لكسر الحصار الذي يفرضه التحالف على دخول أي مساعدات إيرانية للحوثيين. وقال مصدر في الحكومة اليمنية لـ"العربي الجديد" إن "إيران تحاول بأي وسيلة إنقاذ حلفائها في اليمن، فبعد فشلها في كسر الحصار عليهم عبر طائراتها، ها هي الآن تروّج لنشطاء سلام، عبر سفينة إيرانية أيضاً ونشطاء إيرانيين، ومن حزب الله اللبناني، إضافة إلى حوثيين في إيران"، مشيراً إلى أن "كل ما تقوم به إيران مشبوه، وهي لا تفكر بالجانب الإنساني، ومسألة دخول السفينة من عدمها مرتبط بقيادة التحالف".

ميدانياً، استطاعت "المقاومة الشعبية" في الجنوب، إحراز تقدم في عدد من المناطق، وخصوصاً في عدن ولحج والضالع وشبوة. ففي جبهة البريقة غرب عدن، قال مصدر في "المقاومة" لـ "العربي الجديد" إنها أوقفت توغّلاً برياً واسعاً لمليشيات الحوثيين وصالح.

وشنّت طائرات التحالف أعنف غاراتها على مواقع الحوثيين وقوات صالح، في مدينة دار سعد وخور مكسر والتواهي، والأخيرة تم استهداف عدد من مواقع المليشيات فيها، في قصر الرئاسة ومعسكر القوات البحرية، ومخازن الأسلحة.

في المقابل، قصفت مليشيات الحوثيين وحلفائهم مدينة كريتر، بشكل مكثّف، وسط دعوات لإنقاذ المدينة والأهالي، الذين رفضوا النزوح، وفضلوا الصمود والمقاومة داخل منازلهم.

فيما قصفت طائرات التحالف قاعدة العند الجوية في لحج، من خلال ست غارات، مع اقتراب "المقاومة" من القاعدة، بعد فرض مزيد من الحصار، وقطع الطرقات المؤدية إليها. كما استمرت الغارات على شبوة وأبين، والأخيرة تم استهداف اللواء 15 فيها، فيما تقترب "المقاومة" من إحكام السيطرة على أبين بشكل كامل. وفي جبهة الضالع، حاولت المليشيات الحوثية وقوات صالح حسم المعركة، وشنّت قصفاً عنيفاً، قبل أن تنفذ "المقاومة" عشرات الهجمات الاستباقية، وكبّدت المليشيات خسائر كبيرة، وأجبرتهم على ترك بعض مواقعهم بما فيها من عتاد وجثث بعض مسلحيهم الذين سقطوا في الهجمات عليهم.

أما شمالاً، فقد شهدت ليلة السبت-الأحد ضربات مكثّفة من طائرات على مواقع الحوثيين في معقلهم الرئيسي في صعدة.

اقرأ أيضاً: اليمن: 3 مراحل في وثيقة خارطة طريق مؤتمر الرياض

المساهمون