السيسي خارج المشهد.. سيناريو للحل

24 ابريل 2015
يعاني السيسي في حكمه "جزراً معزولة" (الأناضول)
+ الخط -
يعرب كثر في مصر وخارجها، عن قناعتهم بأن انتقاد وهجوم بعض الإعلاميين المصريين للنظام الحالي، برئاسة عبد الفتاح السيسي، ليس محض جرأة مبرمجة ومصطنعة، ومعدّة سلفاً تحت سمعه وبصره، بل تُعيد للأذهان، سيناريو التضحية بالرئيس المخلوع حسني مبارك، للحفاظ على النظام بأركانه، ودولته العميقة. ويتمّ كل ذلك في ظلّ حديث خافت لدى بعض المقرّبين من دوائر القرار، يُلمّح إلى عدم استبعاد تنفيذ سيناريوهات جديدة لمستقبل المشهد السياسي، لا وجود للسيسي فيها.

ويبدو السيناريو، وفق رأي باحث سياسي مصري، بمثابة "نصف ثورة، ونصف انقلاب داخلي"، على حدّ تعبيره. وأضاف في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "من المُتفق عليه أن النظام لا يكاد يخرج من أزمة إلا ليدخل في أخرى، في وقتٍ بدأ يتآكل فيه الدعم الداخلي، والإقليمي، والدولي، له بما يضغط عليه ويجعله في موقف حرجٍ".

ويشير الباحث، إلى أنه "إذا كان السيسي يمتلك أوراقاً تُتيح له الاستمرار والبقاء في السلطة، فإن أطرافاً في النظام نفسه، ربما تملك الأوراق نفسها، بل أكثر وأقوى منها حتى، بعد ترك الرئيس الحالي وزارة الدفاع في يد القادة العسكريين". ويتابع: "يُمكن إدراج التغييرات التي طالت أخيراً عدداً من القيادات العسكرية بالجيش المصري، ولم تكن خافية على أحد".


أما أحد قيادات ما يُسمّى بـ"أحزاب 30 يونيو"، فكان أكثر وضوحاً، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الرجل (السيسي)، يدرك أنه يحكم جزراً منعزلة، ويحاول السيطرة عليها، لكنه يواجه صعوبة شديدة، لأن دولة (الرئيس المخلوع حسني مبارك) تقوى وتحاول أن تمدّ خطوط اتصال مع أطراف فاعلة في النظام من جهة، ومع أطراف معارضة من جهة أخرى". واعتبر أن "كل السيناريوهات مفتوحة، بما فيها سيناريو خروجه من المشهد".
وأضاف أنه "ليس مستبعداً طرح حلول من هذا النوع، من أجل حلّ الأزمة التي تشهدها مصر منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي من الحكم". وأردف "تزايدت وتيرة الهجوم بقوة على النظام الحالي، وفشل في التعامل مع الأزمات المتراكمة، تحديداً الاقتصادية. وهو ما يمكن اعتبار المساعي الأخيرة، كمحاولة لايجاد حل سياسي مع رافضي الانقلاب، لا يكون السيسي جزءاً منه".

اقرأ أيضاً: "لوموند": عقوبة مرسي "المخففة" قد تعكس تحولاً لدى السيسي

وتُشير مصادر لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هناك طرحاً لحلّ الأزمة، يتمثل في استبعاد السيسي من الحكم، في مقابل عدم المطالبة بعودة مرسي للحكم مرة أخرى، بحسب ما يطالب به رافضو الانقلاب". وبهذه الرؤية، يكون تم استبعاد مرسي والسيسي من المشهد تماماً، لبحث ترتيبات جديدة للخروج من الأزمة، وهو ما يتردد داخل بعض الأجهزة السيادية في الدولة. ولا يمكن فصل هذه الرؤية عن صراع الأجهزة والأجنحة داخل النظام الحالي، وتحديداً "الدولة العميقة"، التي لا تزال متغلغلة داخل أروقة الدولة ومؤسساتها حتى الآن.

وبين الحين والآخر يتصاعد الصراع بين السيسي و"الدولة العميقة"، خصوصاً مع تخوف الأول من تكرار نفس سيناريو مرسي، حينما تدخل نظام مبارك للاطاحة به. وذكرت مصادر مطلعة، أن "الأجهزة السيادية في الدولة، تحديداً جهاز الاستخبارات، متخوّف من استمرار الوضع الحالي في مصر كما هو عليه، في ظلّ عدم وجود بوادر لحلّ الأزمة سياسياً".

وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن "جهاز الاستخبارات العامة حذّر من الاستمرار في حالة الصدام مع معارضي السيسي، بالشكل الذي سيولّد مع الوقت موجة عنف كبيرة، وهو ما يؤثر على الأمن القومي المصري". وتابعت أن "أطرافاً عدة داخل جهاز الاستخبارات غير راضٍ عن أداء السيسي، سواء على مستوى الأزمات المعيشية أو جرّ البلاد إلى عنفٍ لم تشهده مصر من قبل". وعن موقف الجيش من هذه الرؤية الخاصة بتنحية السيسي من الحكم، أشارت المصادر، إلى أن "هناك اعتراض من الجيش على هذا الأمر، وإن كان مطروحاً من قبل البعض".

في السياق، علمت "العربي الجديد" من مصادر سياسية، أن "بعض الأحزاب المعارضة للنظام الحالي، طرحت فكرة ابعاد السيسي من حلّ الأزمة الحالية، بما يعني عدم بقائه في الرئاسة، كأحد الحلول المطروحة. بيد أن هذا الطرح لم يجد سبيله بشكل كبير حتى الآن". وذكرت المصادر، أنه "تمّ التطرّق إلى هذا الطرح خلال مناقشات دارت بين بعض المسؤولين، تحديداً في أجهزة سيادية وقيادات عسكرية، وبعض شخصيات من المعارضة الرافضة للنظام الحالي داخل مصر، وهم ليسوا من القيادات الإخوانية". وفي مصر، لا يمكن إغفال ما يصدر عن الإعلام كمؤشر لما يدور داخل مؤسسات الدولة، خصوصاً مع تطبيق نظرية "الأذرع الإعلامية".

وتحدث السيسي في أحد لقاءاته مع ضباط القوات المسلحة، حينما كان وزيراً للدفاع، عن تشكيل ما أسماه بـ"الأذرع الإعلامية"، لاتخاذها في صف المؤسسة العسكرية، وتكون بوقاً في تضليل الشعب، وهو ما حدث في عزل مرسي.

وتُدار "الأذرع الإعلامية" بالتبعية للأجهزة الأمنية، فضلاً عن توجّهات رجال الأعمال المالكين للقنوات الفضائية، وهو ما يبدو ظاهراً من خلال مناقشة بعض القضايا في يوم واحد، تصل إلى حدّ استخدام الألفاظ والجمل والعبارات نفسها بين الجميع.

ورأى الاعلامي يوسف الحسيني، أن "تحميل السيسي مسؤولية إخفاق الحكومة في بعض الملفات شيء طبيعي جداً". وأضاف الحسيني، في برنامجه "السادة المحترمون"، أن "غالبية الاعلاميين حمّلوا مرسي مسؤولية إخفاق حكومته، فلماذا لا يتم تحميل السيسي المسؤوليات عينها؟".

وأوضح أن "السيسي هو من اختار رئيس الوزراء الحالي، وهو أيضاً من وافق على تشكيل الحكومة، فمن الطبيعي تحميله مسؤولية إخفاقها، طالما أن نظام الدولة هو نظام رئاسي". لم يكن وحده الحسيني الذي تحدث عن فشل السيسي ونظامه، فظهر أيضاً الإعلامي توفيق عكاشة، وقال "إن الدولة فاشلة من رأسها إلى قاعدتها، والسبب تدني الأخلاق". وأضاف أن "الدولة يدها امتلأت ارتعاشاً، ومن دمّروا مؤسسات الدولة يعيدون الآن مسلسل هدم الدولة المصرية مرة أخرى".

وحول موافقة رافضي الانقلاب العسكري على مرسي، على إبعاد السيسي من الحكم كحل للأزمة الحالية، قال قيادي بارز في التحالف داخل مصر، رفض الكشف عن اسمه، إن "الأساس هو عودة مرسي للحكم، ولو ليوم واحد فقط، تنفيذاً للدستور المصري، الذي تم تعديله، على الرغم موافقة أغلبية الشعب عليه".

اقرأ أيضاً: الحكم على مرسي: ورقة للمساومة لا تعدم حظوظ التسوية
المساهمون