أسبوع على "عاصفة الحزم": مشاركة مصرية على مضض

02 ابريل 2015
هجوم اعلامي مصري على "عاصمة الحزم" (فرانس برس)
+ الخط -

شهدت الأيام الماضية هجوماً من قِبل الإعلام المصري الخاص على "عاصفة الحزم"، التي تقودها السعودية وتشارك فيها مصر، وصل إلى حد السخرية. الإعلامي المصري يوسف الحسيني، وصف "عاصفة الحزم" بـ"الزعابيب" (أي الدوامة التي تظهر فجأة ثم تختفي)، فضلاً عن مهاجمته المواقف السياسية السعودية من اليمن. كما سخر من تسمية العملية بـ"عاصفة الحزم"، مؤكداً أنها تعبّر عن قلة إبداع من وضعها. وفي موقف غريب من الرجل، نفى أن تكون إيران تقدّم الدعم للحوثيين، معتبراً أن من يقول هذا الكلام "لا يفهم". لكن اللافت كان تكرار استخدام وصف "الزعابيب" على لسان توفيق عكاشة على قناة "الفراعين"، موضحاً أنها "ليست عاصفة راسخة تطيح أعداء العرب". وتوقّع أن تشهد العمليات تدهوراً عسكرياً خلال الأيام القليلة المقبلة، مختتماً أن ذلك الأمر سيدفع القوات المصرية للانسحاب من العمليات.

وعلى الرغم من مرور الأيام وثبوت عدم صحة توقعات عكاشة، إلا أنه نظراً لما أظهرته التجربة في مصر من أنّ بعض الإعلاميين يعملون وفقاً لتعليمات وإملاءات من قبل الأجهزة الأمنية والسيادية في الدولة، لتوجيه الرأي العام نحو قضية معينة بالطريقة التي يرونها صحيحة، فإن تقاطع توصيفات عكاشة والحسيني يمكن وضعها في إطار نظرية "الأذرع الإعلامية".

ووفقاً لهذه النظرية، التي أطلق عليها هذا الاسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حينما كان وزيراً للدفاع، ويقصد منها زراعة أذرع للمؤسسة العسكرية في وسائل الإعلام المختلفة الحكومية والخاصة، وبموجب هذا التعريف الذي صكّه السيسي، يمكن قراءة دلالات تصريحات وسخرية وسائل إعلام مصرية خاصة من "عاصفة الحزم"، وهو ما يعني أن تلك السخرية ليست وليدة بنات أفكار هؤلاء الإعلاميين المصريين.

ومن هذا المنطلق، يعكس هجوم الإعلام المصري على عمليات "عاصفة الحزم"، ربما عدم الرغبة المصرية الرسمية في المشاركة بقوة في تلك العمليات لمواجهة الحوثيين في اليمن.

هذا الاتجاه يدعمه عدم إعلان مصر حتى الآن، على الرغم من بدء عمليات "عاصفة الحزم"، عن طريقة مشاركتها في العمليات، بخلاف تحرك بوارج حربية باتجاه مضيق باب المندب بالبحر الأحمر، وهو دور غير منتظر من دعم مصر الكامل للعمليات.

اقرأ أيضاً: غارات "عاصفة الحزم" متواصلة والفيصل يؤكد استمرارها

في المقابل، بدا أن السعودية لم تنسّق مع مصر في الضربات الجوية على الحوثيين بشكل مفصل وكامل، وهو ما كشفه التضارب في تصريحات وزارة الخارجية المصرية، التي نفت قبل أسبوع موافقة مصر على التدخل العسكري في اليمن لوقف تمدد الحوثيين وانتشارهم.

ولم تمر ساعات، وتحديداً عقب عمليات القصف السعودي لأهداف في اليمن، إلا وأعلنت مصر تأييدها الكامل للعملية، والاستعداد للمشاركة بقوات جوية وبحرية وبرية إذا لزم الأمر، بحسب وزارة الخارجية.

وهو ما يرجح أن النظام المصري يريد، من خلال إطلاق يد أذرعه الإعلامية في السخرية من "عاصفة الحزم"، إظهار رفض شعبي لمشاركة مصر في العمليات، فضلاً عن بدء التهيئة لمرحلة تململ داخل الرأي العام المصري.

ويمكن وفق مراقبين، حصر سيناريوهات تعامل النظام المصري من "عاصفة الحزم" بثلاثة، هي إما الانسحاب، وهذا يدعمه حديث أذرع النظام الحالي الإعلامية، أو البقاء ضمن التحالف ولكن بدور قليل وبسيط يتمثل في تواجد بوارج حربية مصرية في البحر الأحمر. أما السيناريو الثالث فهو بحسب البعض أن إظهار نظام السيسي عدم دعم العمليات، محاولة لابتزاز دول الخليج في قضايا أخرى مثل قضية التدخّل العسكري في ليبيا.

وشهدت القمة العربية تباينات كبيرة في ما يتعلق بليبيا، فأعلنت أغلب الدول، بما فيها السعودية وقطر ودول الجوار الليبي الجزائر وتونس، رفض التدخل العسكري في ليبيا، فيما يصرّ السيسي على محاولة الزج بهم في حرب داخل ليبيا لصالح حكومة طبرق التي يرأسها عبدالله الثني.

وكان الثني أعلن قبل يومين، اعتزامه التقدّم بطلب لجامعة الدول العربية للتدخل عسكرياً في ليبيا على غرار اليمن، لفرض الاستقرار وتثبيت أركان الشرعية المتمثلة في حكومته.

من جهة ثانية، لا يمكن إغفال التقارب بين السيسي والحوثيين، إذ سبق أن اتخذ النظام المصري في الآونة الأخيرة مواقف عديدة في التعامل مع الأزمة اليمنية. ويمكن من خلالها استنتاج التقارب مع الحوثيين، وتحديداً منذ الانقلاب على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والاستيلاء على صنعاء وبدء التمدد إلى باقي المدن.

وفي حين سارعت دول الخليج، وأغلب الدول الغربية، إلى سحب سفرائها من اليمن، اعتراضاً على انقلاب الحوثيين، أعادت مصر فتح سفارتها في صنعاء وتعيين سفير جديد. وأثارت خطوة السيسي حفيظة دول الخليج وتحديداً السعودية، خصوصاً بعد لقاء السفير المصري مع قيادات من الحوثيين عقب وصوله لصنعاء، فضلاً عن ترحيب الحوثيين بالتعاون مع القاهرة. ولكن لم تلبث مصر أن سحبت سفيرها وأغلقت السفارة، استجابة لضغوط خليجية عليها، بحسب مصادر خليجية.

وتجاهل السيسي في أكثر من مرة التطرق إلى الأزمة اليمنية قبل أن يكسر صمته في الأيام القليلة الماضية، آخرها مناشدته "الأطراف المتحاربة باليمن بالتحلي بالمسؤولية والشجاعة في اتخاذ القرار السليم من أجل بلادهم وشعبهم" من دون أن يوضح هذا القرار. وسبق ذلك تأكيده أنه "لم يكن من الممكن الصمت إزاء ما يتعرض له اليمن وشعبه الشقيق من تهديد لمقدراته، خصوصاً عقب التطورات الأخيرة وتوسّع الحوثيين ومحاولتهم السيطرة على عدن بعد صنعاء".

في المقابل، كان الحوثيون قد سعوا إلى طمأنة السيسي بشأن المجرى الملاحي لقناة السويس، وعدم اعتراضهم للسفن في مضيق باب المندب.