قلق من عزلة دولية بعد فوز اليمين الإسرائيلي

27 مارس 2015
الأوروبيون قد يعاقبون الاحتلال على جرائمه بحق الفلسطينيين(فرانس برس)
+ الخط -
حذّرت محافل رسمية ونخب إسرائيلية من التداعيات الخطيرة لنتائج الانتخابات الأخيرة على العلاقات مع أوروبا. ويسود اعتقاد في تل أبيب بأن الأوروبيين يتجهون لمعاقبة إسرائيل على تنصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من التزامه بحل الدولتين، وعلى الانتهاكات التي تقوم بها حكومته ضدّ حقوق الإنسان الفلسطيني.

اقرأ أيضاً (الانتخابات الإسرائيلية تخرج "عفريت الطائفية")

ونقلت صحيفة "ميكور ريشون" في عددها الصادر أمس، عن دوائر في وزارتي الخارجية والاقتصاد في إسرائيل قولها إن أوروبا لا يمكنها أن تتعايش مع  حكومة اليمين الضيقة التي يوشك نتنياهو على تشكيلها. وأكّدت المحافل نفسها، أنّ الأوروبيين لن يتردّدوا في معاقبة إسرائيل في حال أصرّت الحكومة المقبلة على مواصلة الاستيطان، ورفض قبول الدولة الفلسطينية.

وفي السياق، كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة أول من أمس أن الاتحاد الأوروبي يعكف على إصدار عقوبات ضد إسرائيل بسبب التجاوزات التي ترتكبها ضد حقوق الإنسان الفلسطيني، خصوصاً في مدينة القدس المحتلة ومحيطها.

ونوهت القناة إلى أنّ دائرة مهنية داخل الاتحاد الأوروبي قد أعدّت وثيقة حول الاعتداءات التي يتعرض لها الفلسطينيون في القدس المحتلة. وتبين الوثيقة عدم تحرك المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية لوقف هذه الاعتداءات.
وأشارت القناة إلى أن الاتحاد الأوروبي أعدّ قائمة بأسماء شخصيات وقيادات يمينية يهودية متطرفة مسؤولة عن شنّ الاعتداءات التي يتعرّض لها المقدسيون أو تحرض عليها.

بدورها، قالت المعلقة السياسية إلئيت شاحر إنّ تراجع نتنياهو الصريح عما جاء في خطاب "بارإيلان" والتزامه خلال الحملة الانتخابية بعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية يمنح الأوروبيين الأدوات لمواجهته وإيذاء إسرائيل. وفي مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون" أمس، أوضحت شاحر أنه لا خلاف على أن تشكيل حكومة يمينية ضيقة برئاسة نتنياهو يمثل "وصفة" لفرض عزلة دولية مكلفة على إسرائيل.

وأكدت أن أبرز النتائج المتوقعة للتحول المرتقب في موقف أوروبا من إسرائيل يتمثل في  تراجع مستويات الاستثمار الخارجي وتهاوي مستويات التعامل في البورصة الإسرائيلية. وأشارت إلى أن هناك ما يبعث على الاعتقاد أن الاتحاد الأوروبي يحرص على وضع المزيد من  العوائق البيروقراطية لتقليص قدرة المصدرين الإسرائيليين على تسويق منتوجاتهم في أوروبا.

ولفتت المعلقة الإسرائيلية إلى احتمال أن تخسر إسرائيل مليارات الدولارات جراء أية إجراءات تقدم عليها أوروبا ضدّ التصدير الإسرائيلي، مشيرة إلى أنّ ثلث التصدير الإسرائيلي يتجه إلى أوروبا. وأوضحت شاحر أنّ أكثر ما يفاقم التأثيرات السلبية لنتائج الانتخابات على العلاقة مع أوروبا حقيقة أن هناك أزمة ثقة عميقة بين نتنياهو وقادة أوروبا.

وشدّدت شاحر على أنّ كلاً من مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل ورئيس فرنسا فرانسوا هولاند، ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، لا يصدقون كلمة واحدة تصدر عن نتنياهو.

وفي السياق، قال البرفسور إيتان جبلوع، المتخصص في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، إن هناك ما يبعث على الاعتقاد أن الإدارة الأميركية تمنح أوروبا الضوء الأخضر لمحاصرة إسرائيل في المحافل الدولية. وخلال مقابلة مع قناة التلفزة الإسرائيلية مساء الأول من أمس، أشار جلبوع إلى أن واشنطن تشجع فرنسا على تقديم مبادرتها المتمثلة بتمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي ينص على ضرورة الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية في غضون عامين.
كما أخذت الأصوات داخل إسرائيل تتعالى، مطالبة بتشكيل حكومة "وحدة وطنية" للتغلب على التحديات على الساحة الدولية التي تنتظر إسرائيل في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات. وعدّ المستشار السياسي والإستراتيجي يورام دوري، تدهور مكانة إسرائيل الدولية المتوقع في أعقاب تشكيل حكومة اليمين الضيقة المقبلة "خطراً وجودياً"، مطالباً بسرعة تدارك الأمر.

وفي مقال نشره موقع "وللا" شبّه دوري، الذي عمل مع عدد من رؤساء الوزراء في إسرائيل، أوضاع إسرائيل حالياً بأوضاعها قبل اندلاع حرب 1967، مشدّداً على أنّ الحل يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية. وشدّد دوري على أنّه يتوجب تشكيل حكومة وحدة وطنية لمواجهة إمكانية تدهور العلاقات الأوروبية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الأوروبيين يبدون مؤشرات على استعداد لفرض عقوبات اقتصادية، فضلاً عن المؤشرات التي تبرز التحول الخطير في العلاقة مع الإدارة الأميركية، والذي يمكن أن يصل إلى حد الامتناع عن الدعم التلقائي لإسرائيل في المحافل الدولية، خصوصاً في مجلس الأمن. وحذّر دوري من أنه في الوقت الذي يعتمد فيه الاقتصاد على العولمة فإن العزلة الدولية على إسرائيل تفضي إلى كارثة اقتصادية.
المساهمون