عباس عبد إلهي: إيراني يقود قوات الأسد

26 فبراير 2015
عبدإلهي يتوسط مقاتلين لبنانيين وضابطاً إيرانياً بسورية (العربي الجديد)
+ الخط -
يتهم المعارضون السوريون النظام الإيراني بأنه بات يتولّى قيادة العمليات العسكريّة للنظام في سورية، وأن الجيش السوري تحول إلى مجرد مقاتلين وليس جزءاً من القيادة. لكن إثبات الدور الإيراني كان يحتاج لأدلّة مادية، غير التصريحات التي يقولوها المسؤولون الإيرانيون من وقت لآخر، والتي تُثبت أنهم يتحكمّون بالواقع السوري وغير السوري.

في السابع من فبراير/شباط الماضي بدأ الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وقوات النظام السوري هجوماً على الجنوب السوري في مثلث القنيطرة ــ درعا ــ ريف دمشق. تعرضت القوات المهاجمة لضربة قاسية في الهجوم، وخسرت نحو 63 مقاتلاً، عدد منهم غير سوريين. لكن التأكّد من هوياتهم ليس سهلاً، خصوصاً أن هؤلاء لا يحتفظون بأي أوراق تعريفيّة عنهم، بل بطاقة ممغنطة تحوي كل المعلومات الشخصيّة. وقراءة البطاقة ليست بالأمر السهل بالنسبة للثوار.

العقيد عباس عبد إلهي في زيه العسكري الرسمي 




لكن الصيد الثمين الذي وقع بأيدي مقاتلي الجيش الحرّ في الجبهة الجنوبيّة، وهو مقتل ضابطين إيرانيين وبقاء جثتيهما في أرض المعركة، وقد تم سحب الجثث من قبل المقاتلين. ووجد في حوزة هؤلاء الضابطين بطاقات تعريف، والكثير من الوثائق والصور (موجودة على هاتف محمول)، بحسب ما يؤكّد الناطق الإعلامي باسم الجبهة الجنوبية الرائد عصام الريس لـ "العربي الجديد".

عبد إلهي مع لواء في الحرس الثوري الإيراني 


اللافت هنا أن إيران تنعي مقاتليها الذين يسقطون في سورية بصفة "مجاهدين متطوعين لمحاربة الإرهابيين والتكفيريين". لكن في حالة الضابطين الإيرانيين وهما عباس عبد إلهي وعلي سلطان مرادي، فقد تم نعيهما من قبل وكالة "أنباء فارس"، على أنهما من "المقاتلين الإيرانيين" التابعين لما أسمتها بـ "جبهة الإسلام"، ومن الذين "انضموا للدفاع عن العتبات المقدسة في سورية". وذكرت "أنباء فارس" في 14 فبراير/شباط أن جثتيهما ما زالتا بقبضة من وصفتهم بالإرهابيين، مشيرةً إلى أنهما قتلا في 12 فبراير/شباط، وهو أمر غير صحيح. وأتى الإعلان الرسمي الإيراني، بعد أن نشرت الجبهة الجنوبيّة صورة عبد إلهي مقتولاً في ساحة المعركة.

العقيد عباس عبد إلهي مع ضابط سوري  


وبحسب ما يؤكّده الريس، فإنهما قتلا خلال الاشتباك مع قوات الجبهة الجنوبية في الثامن من فبراير/شباط، أي بعد يومٍ من بدء الهجوم على المنطقة الجنوبيّة. وبحسب الصور والوثائق الموجودة لدى "غرفة الإعلام العسكري" المخصصة لنشر كلّ ما يصدر عن الجبهة الجنوبية، فإن عباس عبد إلهي ضابط في الحرس الثوري برتبة عقيد.

الضابط علي سلطان مرادي الذي قتل مع عبد إلهي 


قُتل العقيد الإيراني عبد إلهي في بلدة كفر ناسج، التي لا تزال خط اشتباك بين القوات الإيرانيّة والسورية وقوات الجبهة الجنوبيّة. وقد كان عبد إلهي على متن دراجة ناريّة، وقُتل خلال الهجوم العسكري على البلدة، وبقيت جثته هناك، وهي موجود بحوزة لواء الفرقان، بحسب ما يقول الريس. ويؤكّد الناطق الإعلامي باسم الجبهة الجنوبيّة وجود علاقة بين عبد إلهي وقائد الحرس الثوري قاسم سليماني؛ وأن عبد إلهي كان يقود العمليات العسكرية. وما يجعل الريس متأكّداً من أن العقيد الإيراني يشغل موقعاً قيادياً (من المرجّح أنه كان قائد الهجوم على الجبهة الجنوبية)، وجود وثائق ودفتر ملاحظات بحوزته وضع عليه ملاحظاته العسكرية. ومن ضمن هذه الملاحظات إرشادات عسكرية للمنطقة وتحديد النقاط التي تحتاج لإسناد ناري ودعم عسكري، وشرح لخارطة في المنطقة.


دفتر الملاحظات الشخصية بالعقيد عبد إلهي 



ويُشير الريس إلى أن مقتل الضابطين ساهم بإضعاف الروح المعنويّة للمقاتلين الإيرانيين، وأدى إلى انسحاب ضباط إيرانيين آخرين من المنطقة. وتفاعل هذا الأمر مع "البسالة القتالية للثوار"، ما أفشل الهجوم ومنع القوات المهاجمة من تحقيق أهدافها.

الضابطان عباس عبد إلهي وعلي سلطان مرادي 


ويلفت الريس إلى أنه سبق العمليّة العسكرية إعدام 12 ضابطاً سورياً بشكلٍ عشوائي من قبل الضباط الإيرانيين بعد المعركة العسكرية في الجنوب، واتهموا بأنهم سربوا المعلومات. وهو ما يضعه الريس في إطار ترهيب وإخضاع الضباط السوريين للسطوة الإيرانية، ومنع أي حالة تمرد ممكنة في صفوف الضباط السوريين الذين لا يُرحبون كثيراً بالقيادة الإيرانيّة للمعارك. وقد حصلت هذه الإعدامات في الفرقة التاسعة في درعا، كما "إننا تأكدنا من جميع الفصائل أن لا صلة لهم بالضباط الذين أعدموا". ويُعتقد أن عملية الإعدام جاءت انتقاماً للخسائر البشرية التي تكبدتها القوات المهاجمة.

العقيد عباس عبد إلهي مع مقاتل في سورية 


وفي قراءة الصور التي حصلت عليها "العربي الجديد" من قبل "غرفة الإعلام العسكري" في الجبهة الجنوبية، فإن العقيد الإيراني عباس عبد إلهي، دخل سورية بكامل عتاده العسكري الإيراني. وفي العادة، فإن المتطوعين لا يأتون بعتادهم الكامل، بل القوات الرسمية التي ترسلها دولة إلى دولة أخرى هي التي تأتي بهذا العتاد.

البطاقة الخاصة بالعقيد عبد إلهي في سورية 


وفي حالة عبد إلهي فإن حذاءه العسكري من تصنيع شركة إيرانيّة وهي من الصناعات العسكرية الإيرانيّة. كما أنه يظهر في إحدى الصور في أرض المعركة في سورية، وفي يده اليسرى ثلاثة أقلام من ألوان مختلفة، وهو أمر لا يقوم به العسكريون العاديون بل الضباط إذ يستعملونها لتسجيل ملاحظاتهم العسكرية، ويتم استخدام الأقلام الملوّنة للتدوين على الخرائط. كما أن عبد إلهي يحمل بطاقة من السلطات السورية تُشير إلى أنه ضيف "العتبة العلوية المقدسة"، وقد انتهت صلاحية هذه البطاقة مع انتهاء العام الماضي.
ويظهر عبد إلهي في إحدى الصور الخاصة بـ "العربي الجديد" خلال لقائه في إيران بأحد ضباط الحرس الثوري من رتبة لواء. ويظهر في صورة أخرى بكامل ثيابه العسكرية الرسميّة والأوسمة التي نالها.

العقيد عباس عبد إلهي خلال دورة عسكرية في روسيا 


ويظهر الضابط الإيراني في صورة أخرى مع شبان لبنانيين وضابط إيراني رفيع، في ثيابهم المدنية في سورية في أحد المواقع العسكرية، بحسب "غرفة الإعلام العسكري". ثم يظهر في صورة أخرى برفقة ضابط سوري. واللافت أنه في الصور المأخوذة في سورية، يختلف شكل الزي العسكري، وتغيب الرتب العسكريّة عن البزة الرسمية. ومن الصور التي وُجدت ضمن مقتنيات العقيد الإيراني، صورة رسميّة له يُعتقد أنها في روسيا خلال دورة عسكرية رسميّة.
عبد إلهي مع مقاتلين لبنانيين وضابط إيراني بالزي المدني 


وفي قراءة هذه الصور، فإنها تُثبت أن العمل الإيراني في سورية يتجاوز الدور الاستشاري إلى قيادة العمليات العسكرية، فعبد إلهي قتل خلال قيادة الهجوم. كما أنه من الضباط الذين تدرجوا في الحرس الثوري الإيراني. كما أنه تولّى قيادة العمليات العسكرية في الجنوب السوري، وهو على ثقة من الانتصار العسكري، والعودة سالماً إلى بلده، وإلا ما الحاجة لوجود هذه الصور معه، وهي ليست جميعها صورا حديثة، بل قديمة العهد؟