احتفالات شعبية ورسمية بالعائدين... فوضى وفرحة ناقصة

02 ديسمبر 2015
الجنود العائدون من الأسر (حسين بيضون)
+ الخط -
انتهى احتفال أهالي العسكريين المُحررين من قبضة "جبهة النصرة" في ساحة رياض الصلح في العاصمة اللبنانية بيروت، وبقي أهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في خيم الاعتصام. شارك هؤلاء في الاحتفال على أمل انضمام أبنائهم إليهم في القريب العاجل.

"فرحة ما بعدها فرحة، وغصة ما بعدها غصة". بهذه العبارة البسيطة وصف شقيق العسكري اللبناني المخطوف لدى تنظيم "داعش"، نظام مغيط، عملية تبادل 16 عسكرياً لبنانياً كانوا مخطوفين لدى "جبهة النصرة"، يوم أمس. قسمت عملية التبادل الأهالي، من دون أن تفرقهم. أهالي مُحَرَّري "النصرة" فرحون مع غصة، وأهالي مخطوفي "داعش" يغصون مع شيء من الفرحة.

فضّل مغيط عدم النزول إلى ساحة رياض الصلح واكتفى بتهنئة أهالي مُحرري "النصرة" هاتفياً. بدا المشهد مُختلفاً في الساحة. لم يقتصر الحضور على أسر المُحررين فقط، فحضر الجيران والأقارب من مُختلف البلديات اللبنانية التي ينتمي اليها المُحررون. وفي زحمة الاحتفالات، انزوت زوجة العسكري المخطوف لدى "داعش"، محمد يوسف، لوحدها. سارت غنوة بهدوء بمحاذات الخيمة التي استقبل فيها الأهالي المهنئين واتجهت نحو تمثال رياض الصلح لتبكي وحدها. تابعت الزوجة أخبار الصفقة وسهرت لساعات طويلة في خيمة الاعتصام: "يا ليتهم (العسكريون) خرجوا جميعاً".

أما عمها (والد زوجها المخطوف)، حسين، فتحامل على حزنه ووقف يستقبل المُهنئين. حاولت قريبة العسكري المُحرر بيار جعجع طمأنته: "أقسم بالله سأنهي ترتيبات استقبال بيار وأعود للاعتصام معكم في الساحة. لن نطوي الملف حتى عودة كل العسكريين". جدد حسين مطالبة "المسؤولين بمتابعة ملف باقي العسكريين، لأن الفرحة ناقصة". وقال لـ "العربي الجديد" إن "الاعتصام في الساحة سيستمر وفاء لطلب العسكريين بالوقوف إلى جانبهم ودعم قضيتهم".

اقرأ أيضاً: بنود صفقة التبادل بين لبنان و"النصرة"

وحدها شقيقة العسكري المُحرر، جورج خوري، ماري، أخرت صعودها الى السراي لاستقبال أكبر عدد ممكن من المهنئين. فارقت السيجارة يدها بعد أن تكلمت مع شقيقها عبر الهاتف، ورقصت الدبكة التقليدية لوقت طويل. تحول التوتر الذي رافقها طوال عام وأربعة أشهر إلى ضحكة عريضة. انتقل الهاتف من يدها إلى يد والدتها التي لم تستوعب أنها تتحدث الى ابنها المُحرر. تلعثمت السيدة المُسنة لدى سماع صوت ابنها، قبل أن تقفز أمام الخيمة.

تنقلت الهواتف والورود في الساحة بين أيدي عشرات الأهالي، مع قضاء العسكريين وقتهم خلال الانتقال من بلدة عرسال على حدود لبنان الشرقية مع سورية إلى بيروت، طويلاً، في الحديث مع أهلهم. تنوعت باقات الورد في الساحة بتنوع حامليها. ضباط قوى أمن داخلي واكبوا اعتصام الأهالي. وأهالي مفقودي الحرب الأهلية اللبنانية المستمرون في المطالبة بكشف مصير أبنائهم، ووالد الصحافي المخطوف في سورية، سمير كساب، حضروا جميعاً إلى الساحة حاملين الورود.

استقبال رسمي فوضوي
وفي السراي الحكومي لبيروت حظي المُحررون باستقبال رسمي فوضوي، شارك فيه السفير القطري، علي بن حمد المرّي، وعدد من الوزراء والمسؤولين. بدأ الاحتفال مع نقل الأهالي عبر مرآب أحد المباني القريبة بالسراي إلى قاعة الاستقبال، بسبب قطع الطريق الرئيسية المؤدية إلى السراي بالعوائق. ولم يُمنح الأهالي فرصة لقاء أبنائهم قبل دخولهم إلى قاعة الاستقبال، وعمّت الفوضى والتدافع. وقد قاطع المنظمون احتفال الأهالي بأبنائهم إفساحاً في المجال أمام رئيس الحكومة ومدير عام الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، لإلقاء كلماتهم. استهل سلام كلمته بدعوة اللبنانيين إلى "الثقة بالدولة وكافة أجهزتها الأمنية والقضائية والسياسية، التي ساهمت في نجاح الصفقة"، كما خص سلام بالشكر "دولة قطر وأميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني". وعدّد إبراهيم في كلمته أسماء العسكريين التسعة المخطوفين لدى "داعش"، مؤكداً العمل على إطلاقهم. وشكر ابراهيم في كلمته الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، قارناً الشكر بعبارة: "دون الخوض في التفاصيل". وبعد انتهاء الاستقبال الرسمي توجه العسكريون إلى ساحة الاعتصام للقاء الأهالي والتضامن مع أهالي مخطوفي "داعش". كما التقط العسكريون صوراً أمام صورهم المرفوعة في الساحة بالحجم الكبير، فاختلطت ضحكاتهم مع دموع أهالي مخطوفي "داعش".

اقرأ أيضاً: إتمام صفقة التبادل بين الدولة اللبنانية و"جبهة النصرة"
المساهمون