سقوط دعوة روسيا لمباحثات حول سورية قبل حصولها

04 نوفمبر 2015
دي ميستورا بموسكو لبحث حوار بين المعارضة والنظام(فرانس برس)
+ الخط -

تحاول روسيا الظهور كوسيط يعمل للتوصل إلى حل سياسي في سورية، في تناقض مع استمرار قصف طيرانها مواقع المعارضة السورية خدمة للنظام. يأتي هذا في وقت كانت تعلن موسكو فيه عن إجراء القوات الجوية الأميركية والروسية تدريباً مشتركاً في سورية أمس الثلاثاء، كما نقلت وكالة "إنترفاكس" عن الجنرال الروسي أندريه كارتابولوف. وقبل ساعات من استقبال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الأربعاء، للمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في موسكو لبحث إقامة "حوار حقيقي" بين دمشق والمعارضة السورية، كما أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، جاء إعلان لافت من نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف بأن بلاده ستدعو الأسبوع المقبل ممثلي المعارضة إلى مشاورات في موسكو، قد تُعقد بحضور ممثلين عن الحكومة.

ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن بوغدانوف إعلانه أن ممثلي النظام والمعارضة "سيُدعَون في الأسبوع المقبل إلى موسكو لإجراء مشاورات"، موضحاً أنه "ليست هناك مشكلة من طرف الحكومة، فقد وافقت منذ زمن طويل، ونحن حالياً على اتصال مع ممثلي مختلف منظمات المعارضة السورية كي تأتي إلى موسكو".

وفي موقف آخر بدا وكأنه محاولة إضافية من روسية لتعزيز دورها كوسيط، نقلت وكالة روسية عن المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا قولها إن بقاء (رئيس النظام السوري) بشار الأسد في السلطة ليس حتمياً بالنسبة لروسيا. وقالت رداً على سؤال عما إذا كان إبقاء الأسد مسألة مبدأ بالنسبة لروسيا: "قطعاً لا. لم نقل هذا قط". وأضافت "نحن لا نقول إن الأسد يجب أن يرحل أو يبقى".

كذلك أكدت أن هناك توافقاً جزئياً بين روسيا والولايات المتحدة والسعودية حول المعارضة السورية التي يمكن إجراء مفاوضات معها، موضحة أنه "في بعض الأمور يحصل توافق، وفي بعضها الآخر يعتبرون أن هناك ضرورة لإضافة أحد ما أو حذف اسم ما"، من قوى المعارضة.

ورداً على سؤال عما إذا كانت قوائم المعارضة لدى روسيا تتوافق مع مثيلتها لدى الولايات المتحدة والسعودية، أوضحت أنه "لم تتم مقارنة اللوائح، فهذه عملية بوشر العمل فيها، وكل ذلك مثبت في إعلان في فيينا". وأشارت إلى أنه تم استحداث آلية عمل فعالة خلال محادثات في فيينا.

لكن الرد السريع على الإعلان الروسي، جاء من نائب وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد الذي أعلن "أننا لم نتلقَ أي شيء رسمي في ما يخص لقاء الحكومة السورية مع المعارضات". ورفض المقداد، في تصريحات خلال زيارة إلى طهران نقلتها وسائل إعلامية، فكرة فترة انتقالية في سورية، قائلاً إنها موجودة فقط "في أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع". وأضاف: "نتحدث عن حوار وطني في سورية وحكومة موسعة وعملية دستورية ولا نتحدث نهائياً عما يسمى بفترة انتقالية".

اقرأ أيضاً: الخارجية الروسية: بقاء الأسد ليس حتمياً

وفيما سرّبت وسائل إعلام أسماء شخصيات من المعارضة السورية على أنها مُقترحة للمشاركة في الحوار المزمع عقده، ومنها ما ذكرته صحيفة "كومرسانت" الروسية أمس، أن قائمة الشخصيات تضم الرئيس السابق للائتلاف معاذ الخطيب والرئيس الحالي خالد خوجة، إلا أن العديد من الشخصيات المذكورة لم يتم التشاور معها، بحسب ما صرحت لـ"العربي الجديد".

فقد نفى عضو لجنة متابعة لقاء القاهرة، عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، قاسم الخطيب، تلقي أي دعوة من روسيا لحضور مؤتمر يجمع المعارضة والنظام. وأشار الخطيب في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن لجنة متابعة لقاء القاهرة ملتزمة بالوثيقة السياسية وخريطة الطريق التي تم التوافق عليها، والتي تتمسك ببيان جنيف 2012، وتنص أيضاً على أن لا يكون لمنظومة الحكم الحالية بما فيها الأسد أي دور في المرحلة الانتقالية أو مستقبل سورية. وأوضح أن "أي دولة تتفق معنا على هذه المبادئ فسوف نتباحث معها ونجلس معها"، رافضاً اللقاء بالحكومة السورية إن دعت لذلك موسكو.

من جهتها، أعلنت نائب رئيس الائتلاف الوطني نغم الغادري، لـ"العربي الجديد"، عدم استلام الهيئة السياسية في الائتلاف أي دعوة حتى الآن لحضور أي مؤتمر تُعدّ له موسكو قريباً.

كذلك نفت نائب رئيس التحالف المدني السوري ريم تركماني، والتي تم تداول اسمها في قائمة المعارضة للمشاركة في حوار فيينا، أن "تكون قد تلقت دعوة للمشاركة بلقاء موسكو أو حوارات فيينا، أو أن يكون قد تم التشاور معها حول عملية الحوار في فيينا".

وعن الحراك الدبلوماسي في فيينا، رأت في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أساس الصراع في سورية هو صراع سياسي سوري-سوري، على الحقوق والحريات، وقد تلت تعقيدات كبيرة هذه البداية ومنها دخول المستويين الإقليمي والدولي بقوة كبيرة إلى هذا الصراع"، موضحة أن "قوة هذه الدول المتدخلة هي أكبر من قدرة السوريين مجتمعين، لذلك فإنه من المطلوب أن تتوافق هذه الدول في البداية كي تصبح راعية للحل وليس للأطراف".

واعتبرت تركماني أنه "من الضروري جداً أن يتم عقد اجتماع مثل فيينا"، موضحة أن "عدم وجود السوريين في أول جولتين من لقاءات فيينا هو دليل على أن المسؤولية الأكبر في إنهاء هذه الحرب هي على عاتق هذه الدول وليس على عاتق السوريين، لكن مع استمرار الجولات فسيكون من المهم جداً مشاركة السوريين في هذه الاجتماعات بشكل متوازن، فالأمر يتطور من محادثات لإنهاء الحرب إلى وضع الخطوط العريضة لمستقبل سورية، وهذا المستقبل لن يكون مستقراً ما لم يرسم ملامحه السوريون وهم الأكثر دراية بشعاب بلادهم وصراعاتها".

كما نفى رئيس "تيار بناء الدولة السورية" لؤي حسين، لـ"العربي الجديد"، أن يكون قد تم التواصل معه بأي شكل حول لقاء موسكو وحوارات فيينا، قائلاً: "لا أحد اتصل بي، وعلى ما أعتقد أن هذا الكلام ليس صحيحاً من الأساس، ورأيي أن كل ما يجري هو عبارة عن جعجعة من دون طحين".

من جهته، قال مستشار الرئاسة المشتركة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، سيهانوك ديبو، لـ"العربي الجديد"، وهو أحد أهم الأحزاب الكردية والفاعلة في الإدارة الذاتية، إنه لم يتم الاتصال به حول حوارات فيينا، لافتاً إلى أن "معظم من يتم تداول أسمائهم هم من المشاركين في منتدى موسكو 1 وموسكو 2، وروسيا ككل الأطراف ستقدّم أطراف معارضة ترى أنها قادرة على التعامل معها".

ورأى ديبو أن "اجتماع فيينا الثالث سيكون ضمن الاستراتيجية الجديدة المتبعة من قِبل الدول الفاعلة، المعتمدة على التدرج بخطوات صغيرة، ومن المرجح أن تكون في فيينا أسماء معارضة ورموز للنظام"، معتبراً أن هناك "انقلاباً في مواقف عدد من الدول التي كانت تعادي النظام سابقاً"، مشيراً إلى أن "التركيز على رأس النظام فقط خطأ استراتيجي كبير من قِبل الدول الفاعلة".

ولفت إلى "أننا نشهد اليوم المرحلة الثالثة من التطورات السورية، وهي إعادة تشكيل المشهد القديم، من تحالفات جديدة، سيكون لها أثر واضح على التوازنات السياسية والعسكرية على الساحة السورية، وحتى على مستوى المعارضة السورية، إذ قد نشهد قريباً زوال كيانات وتحالفات قديمة، كما سنشهد ولادة تحالفات جديدة". لكنه يعتبر أنه "وعلى الرغم من ذلك فخارطة الحل السوري لا تزال تبدو بعيدة"، معرباً عن اعتقاده بأن "لقاءات فيينا قد يكون هدفها الحقيقي العمل على ألا يتفاقم الوضع أكثر مما وصل له، وهذا ضمن التنسيق الروسي الأميركي غير المعلن".

واستدرك ديبو قائلاً "كما لا يمكن تغييب نتائج الانتخابات التركية، والتي هي مؤشر على أن الحرب السورية مستمرة ولها أكثر من وجه، كما يبدو على النظام أنه أكثر عدائية، وغير متقبل للحل، في وقت يقترب فيه شبح التقسيم أكثر من السوريين، ويجب علينا كقوى ديمقراطية التصدي لهذا المشروع". واعتبر أن "الشعب السوري لا يملك اليوم رفاهية القرار، في حين يجب على المعارضة خلال الفترة المقبلة أن تخلق تحالفاً قادراً على الحفاظ على سورية ككيان موحد وفي ظل دولة عادلة ديمقراطية".

ولم تكن هذه الأجواء بعيدة عن اللجنة السياسية لمؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، وهيئة التنسيق الوطنية، فقد أكدت مصادر فيها لـ"العربي الجديد"، عدم تلقيهم دعوات بهذا الشأن أو حتى التشاور معهم من قِبل إحدى الدول المشاركة في فيينا لإجراء مثل هذا الحوارات.

اقرأ أيضاً: 15 يوماً سورياً حاسماً... وواشنطن أقرب إلى الوسيط

المساهمون