نتائج عكسية لمحاولات الجيش استمالة قبائل سيناء

17 نوفمبر 2015
ضمّ "ولاية سيناء" شبّاناً جدداً (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
تتزايد الأوضاع تعقيداً في شبه جزيرة سيناء، شرقي مصر، يوماً بعد يوم، مع تزايد الانتهاكات بحق المدنيين، التي تصاحب عمليات الجيش المصري، في مواجهة المسلحين، تحديداً تنظيم "ولاية سيناء". ولا يزال الجيش يواصل عمليته، التي بدأت منذ نحو عامين في منطقة سيناء، لمواجهة التنظيم المسلح، والذي سبق أن أعلن مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي. وقد تمكّن التنظيم من التوسّع في ضمّ عناصر جديدة له، سواء من داخل سيناء أو من المحافظات المصرية، أو من غير المصريين، وهو ما انعكس بشكل كبير على عملياته ضد الجيش والشرطة.

ونفّذ التنظيم العديد من العمليات التي كبّدت القوات المشتركة من الجيش والشرطة خسائر فادحة، بينما فشل الجيش في الردّ على المسلّحين، على الرغم من اتباعه سياسة تعتمد على معاقبة الأهالي. مع العلم أن عمليات التنظيم الكبيرة، تراجعت، باستثناء إعلانه مسؤوليته عن إسقاط طائرة الركاب الروسية، في منطقة وسط سيناء، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أنه يقوم بتفجيرات في قلب مدينة العريش، التي تعتبر محور تخطيط العمليات.

وما يضاعف من انتهاكات الجيش في سيناء، الاعتماد بشكل كبير على قصف الطائرات الحربية، بدعوى قتل المسلحين، غير أن العمليات تؤدي أيضاً إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وقد سمح الجيش لبعض الأفراد في سيناء، تحديداً من عشيرة أبو شويطر، المعروفين في المنطقة باسم "كتيبة 103"، بحمل السلاح دعماً له في مواجهة "ولاية سيناء". غير أن الوضع تدهور وتطور إلى مضايقات للأهالي وانتهاكات جديدة.

دفع كل ذلك، بعض شباب القبائل في سيناء، إلى تأييد عمليات التنظيم، باعتباره "التنظيم المخلِّص لهم من انتهاكات الجيش"، ليتحوّل الأمر إلى ثأرٍ من الجيش. ويكشف شيخ قبلي من سيناء، أن "انضمام بعض الشباب من القبائل إلى ولاية سيناء، ازداد أخيراً، بعد تزايد انتهاكات الجيش والشرطة والمسلحين التابعين لهما".

اقرأ أيضاً: توقف حركة الطيران بين القاهرة وموسكو وإلغاء رحلتين اليوم

ويقول الشيخ لـ"العربي الجديد"، إن "مسألة انضمام شباب من سيناء إلى التنظيم ليست جديدة، إذ سبقتهم في ذلك أعداد أخرى على فترات سابقة". ويتابع: "عمليات الجيش في سيناء دفعت العديد من الشباب إلى حمل السلاح مع المسلحين"، محذراً من "استمرار هذا النهج في التعامل مع الأزمة في سيناء". ويطالب بـ"ضرورة وقف الانتهاكات قبل خروج الأوضاع في سيناء عن السيطرة، وتحول المنطقة إلى صراع بين القبائل والجيش، وهو أمر يجب أن ينتبه إليه الجميع".

ويؤكد ضرورة وجود رؤية من القيادة السياسية لحل الأزمة، بدلاً من الاعتماد فقط على الحلول العنيفة والسلاح، متعجباً من تصرفات الجيش، قائلاً: "بدلاً من التنسيق مع شيوخ القبائل في مواجهة المسلحين، يتم التنكيل بالأهالي". ويشدد على أن "الجيش يتبع سياسة حرق الأرض بدلاً من اتباع خطط محددة". وحول الخسائر التي يتكبّدها التنظيم بحسب بيانات المتحدث الرسمي العسكري، يوضح الشيخ أن "هذه الأخبار غير صحيحة، فعلى الأرض الجميع يعلم أن التنظيم لا يزال يحتفظ بقدراته بشكل كبير".

وعن التواجد بشكل علني من قبل التنظيم وترتيب مسيرات بسيارات الدفع الرباعي، يشدد على أن "ولاية سيناء كسب التأييد، بالتالي لم يعد هناك حاجة في مثل هذا الظهور الاستعراضي، خصوصاً أن الطائرات باتت عاملاً أساسياً ومرجّحاً للجيش". ويوضح الشيخ القبلي، أن "انضمام المسلّحين من خارج سيناء إلى التنظيم أمر صعب، ولكنه ليس مستحيلاً". ويلفت إلى أن "أبرز المشاكل التي تواجه حسم المعركة في سيناء، متعلق بنقص المعلومات لدى الأجهزة المعنية، وهو أمر لن يتمكنوا منه إلا بمساعدة الأهالي والقبائل".

من جانبه، يقول الخبير العسكري، يسري قنديل، إنه "من الصعب الحديث عن فكرة انضمام شباب من سيناء إلى التنظيم المسلح، ولكنه أمر وارد". ويضيف قنديل في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم تكبّد خسائر كبيرة، تحديداً في عملية احتلال الشيخ زويد. وفقد بالتالي جزءاً كبيراً من قوته". ويشير إلى أن "الجيش لا يتعامل إلا مع المسلحين فقط، ولا يتعرّض للمدنيين، ولكن ربما تحدث أزمة حينما تختبئ العناصر الإرهابية وسط الأهالي". ويوضح أن "المسلّحين يخشون من مواجهة الجيش في الحملات، لذلك يلجأون إلى التواجد وسط المدنيين، ولا بد للأهالي من طردهم والإبلاغ عن تحركاتهم".

اقرأ أيضاً كمائن الموت في سيناء: معاناة تطارد الأهالي