حملت التظاهرة الاحتفالية لأبناء مناطق جنوب اليمن رسائل للداخل والخارج، وقد جاءت في ظروف مغايرة واستثنائية، وأقيمت في العاصمة المؤقتة عدن، يوم الأربعاء الماضي بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لاستقلال جنوب اليمن عن الاحتلال البريطاني.
اقرأ أيضاً: هادي يجدد تمسّكه بالدولة الاتحادية و"الحراك" يؤكد على الانفصال
وجاءت التظاهرة وسط تشديدات أمنية كبيرة، وهي الأولى التي يدعو إليها الحراك الجنوبي منذ بدء غارات التحالف في اليمن ضدّ الانقلاب الحوثي وحليفه علي عبدالله صالح. وتأتي التظاهرة بعد تحرير خمس محافظات على يد المقاومة الجنوبية والجيش الوطني بمساندة التحالف العربي.
كما أنّها المرة الأولى التي تتولى فيها حماية الفعالية قوات جنوبية، في رسائل عسكرية وأمنية، تقول إن الجنوب بات بيد الجنوبيين. وجرى في الفعالية عرض عسكري بمختلف الأسلحة.
إضافة إلى الرسائل الداخلية، حملت الفعالية رسائل سياسية للتحالف والسلطة الشرعية اليمنية، تؤكد على تمسك الجنوبيين بمطالبهم بالانفصال عن الشمال. وحاول الناشطون من أنصار الحراك الجنوبي، عبر بيانات بعض القيادات والمكوّنات، الإيحاء بأن المناسبة تأتي متزامنة مع التحرير الثاني من الشمال بعد التحرير الأول من الاحتلال البريطاني قبل أكثر من نصف قرن.
وشارك في الاحتفالية مختلف الأطياف والمكونات والقوى السياسية الجنوبية، سواء الحراك الجنوبي أو غيره، لذلك جاءت الرسائل متعددة بتعدّد الجهات المشاركة بالفعالية؛ فهناك من سعى إلى تأكيد استمرارية دعم التحالف العربي والشرعية في أهدافها، لإسقاط الانقلاب، وهو ما ظهر من خلال رفع صور قيادات عدد من دول التحالف، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إضافة إلى أعلام تلك الدول إلى جانب علم دولة الجنوب السابقة، فيما غاب علم الوحدة في هذه الفعالية.
في المقابل، أرادت جهات أخرى مشاركة في الفعالية تأكيد دعمها للتحالف، لكن في الوقت نفسه تأكيد تمسكها باستعادة الدولة الجنوبية.
من جهة ثانية، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن هناك جهات وقفت بقوة خلف إقامة هذه الفعالية، لتتاح لها العودة إلى المشهد في الجنوب، باسم الحراك الجنوبي، بسبب موققها من الحرب، وهي مكونات وقيادات يعتقد أنها متحالفة مع الحوثيين وإيران.
وتظهر هذه النوايا لتلك الجهات عبر البيانات الكثيرة التي أصدرتها بمناسبة الفعالية، على الرغم من أنها لم تصدر أي بيان خلال الحرب أو الهجوم على عدن والضالع من قبل مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وارتكابهم الجرائم بحق الجنوبيين.
ومن ضمن هذه الجهات التي أصدرت بيانات، الهيئة القيادية للحزب الاشتراكي في الجنوب والقيادي محمد علي أحمد وحسن أحمد باعوم والرئيس السابق علي ناصر محمد. ورأى مراقبون أن هؤلاء أرادوا استخدام ورقة الحراك الجنوبي للعودة إلى المشهد اليمني، وأنهم يرفضون دور السعودية والتحالف في اليمن.
من جهة ثانية، وجهت اللجنة التنظيمية للفعالية عدة رسائل في بيانها السياسي إلى الاتحاد الأوروبي، الذي طالبته بدعم مطالب الجنوبيين، وإلى دول التحالف العربي، التي قالت عن تحالف المقاومة معها إنه تحالف الضرورة مع العدو المشترك، معتبرة أن "ما حدث من انتصارات للمقاومة الجنوبية لم يكن له أن يتحقق دون دعم ورعاية التحالف الملموس". وفي الوقت نفسه لم يكن للتحالف أن يحقق ذلك النصر، دون ما اعتبرته اللجنة إرادة وبسالة المقاومة الجنوبية، مضيفة: "فقد حدث في هذه الحرب تحالف الضرورة ضد العدو المشترك".
كما حملت اللجنة التحضيرية في بيانها على السلطة الشرعية، واتهمتها بنقل الصراع إلى عدن، وحذرتها من محاولة فرض شرعية الوحدة.
ومن شأن هذه الفعالية والبيانات التي صدرت أن تنذر بأن عدن ومناطق الجنوب قد تنحو إلى تأزيم الوضع إن لم يتم التعامل مع مطالبها بجدّية.
اقرأ أيضاً: الحوثيون يختطفون 30 ناشطاً وقوات "مكافحة الإرهاب" تصل عدن