نواب فرنسيون: الاعتراف بدولة فلسطين خطوة إلى الأمام

باريس

منى السعيد

avata
منى السعيد
04 ديسمبر 2014
C5780B5B-D4C2-4029-9A70-DA5E3C8F066C
+ الخط -

يثير تبنّي البرلمان الفرنسي، بأكثرية أعضائه، قرار الاعتراف بدولة فلسطين، من أجل التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، وبدء مناقشته في مجلس الشيوخ، أمس الأربعاء، تمهيداً للتصويت عليه في الحادي عشر من الشهر الحالي، ردود فعل مختلفة على الساحة الفرنسيّة، في وقت يأمل فيه النواب المؤيدون أن يشكّل الاعتراف مقدّمة لخطوات عمليّة أخرى.

وتعكس نتيجة التصويت في البرلمان، حيث تبنّى القرار 339 نائباً، مقابل اعتراض 151، وامتناع 16 عن التصويت، وجود تيار إجماعي، ممثلاً بقوى اليسار، أي الاشتراكيين، والشيوعيين، وجبهة اليسار وحزب الخضر، الذين أعربوا عن تصميمهم الواضح على المضي في العملية حتى النهاية. ويرى النواب المنضوون في صفوف هذه الأحزاب، أنّ الخطوات التي تحقّقت في البرلمان، ينبغي البناء عليها في المستقبل.
في موازاة ذلك، بدا الانقسام السائد بين صفوف اليمين الفرنسي واضحاً. ولم تنجح آلية الأحزاب، سواء بالنسبة إلى حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" أو حزب الوسط، بمنع عدد من نواب اليمين من التصويت على القرار. ولم يكترث بعضهم بالتوجيهات، مفضلاً انسجاماً مع تاريخ فرنسا، التصويت وفق الأسس التي كانت الديبلوماسية الفرنسية قد حدّدتها تقليديّاً، ولم يترددوا في المجاهرة بموقفهم علناً وبفخر.
ولم يخفِ نائب رئيس جمعية الصداقة الفرنسية ــ الفلسطينية، فرانسوا أسنسي، اعتزازه بقرار البرلمان الفرنسي، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا الاعتراف تطلّب عشرات السنين من النضال". ويقول: "طالبنا ببحث قضية الاعتراف بدولة فلسطين أربعاً وعشرين مرّة في المجلس، وما حدث يُعدّ خطوة إلى الأمام".

ويرى أسنسي أن "مجموع النواب الذين أيّدوا القرار جيد جداً، وهو يتجاوز اليسار، وجزءاً من اليمين أيضاً"، معرباً عن اعتقاده أنّ "الجزء الآخر، الذي عارض القرار، نفّذ التوجيهات التي وصلته". ويضيف: "أنا متأثر للغاية، لأنني أقود هذا النضال منذ عشرات السنين، وأعرف أنّ السلام لن يأتي غداً، ولكن ما حدث يلزمنا في مسيرة قد تذهب في اتجاه حلّ دائم بين إسرائيل وفلسطين، وما حدث إيجابي جداً".
وتتوجّه الأنظار حاليّاً إلى مجلس الشيوخ، الذي يُعدّ "المحطة المقبلة"، وفق أسنسي، الذي يعرب عن "شكوكه لعدم توفّر أغلبيّة يسارية في المجلس"، مشيراً في الوقت ذاته، إلى "وجوب تحرّك النواب الشيوعيين، وأن يبادروا إلى شرح أهميّة هذه الخطوة لزملائهم".
ويذهب النائب الفرنسي إلى حدّ القول إنّ "لفرنسا موعداً مع تاريخها، وعليها أن تحمل رسالتها إلى العالم، ولذا على كل فرد أن يحكّم ضميره، استناداً إلى قيمنا الجمهورية ورسالة فرنسا العالميّة".
من جهتها، تنوّه رئيسة لجنة الخارجية في البرلمان الفرنسي، إليزابيث غيغو، بأهميّة هذا التصويت، وتقول لـ"العربي الجديد": "حصلنا على أغلبيّة الأصوات، ولاحظت الأسبوع الماضي خلال زيارتي واشنطن والأمم المتحدة، كم كان هذا التصويت منتظراً". وفي حين أبدت احترامها "لكلّ الآراء، حتّى تلك التي عارضت القرار"، توضح "أنّنا أصرّينا كمجموعة على موقفنا، وأردنا أن نقول للعالم، إنّه لا شيء أسوأ من حالة الجمود الحالية".

وتذكّر غيغو بما جاء على لسان الرئيس الفرنسي الراحل، فرانسوا ميتيران، بقولها إنّ "فرنسا مسؤولة عن السلام"، وتضيف: "لذلك عملنا على نص يستند إلى السلام ويشكّل بادرة سلام".
وفي حين تشير غيغو إلى أنّه "لا يحق لها التنبؤ بموقف مجلس الشيوخ"، لكنها ترى أن إعلان الحكومة الفرنسية عن سعيها داخل مجلس الأمن الدولي إلى الدفاع عن موقف متوازن، هو أمر مهم"، معتبرة أنّ ذلك "يعبّر عن موقف فرنسا التقليدي، والصيغة الواردة في نصنا، نص القرار". وتضيف: "حكومتنا ستسعى إلى الحصول على نص يلقى الإجماع بشأن مشروع القرار الذي تقدمت به فلسطين عبر الأردن، وبعدها يمكن تنظيم مؤتمر دولي لمساعدة ومواكبة الطرفين اللذين يمكنهما وحدهما التوقيع على المفاوضات، والتوصّل إلى اتفاق على أسس معروفة ومقبولة من المجتمع الدولي".

وتعرب غيغو عن اعتقادها أنّ "هذا الأمر سيدفع الدول العربية، التي لم تعترف بإسرائيل، وهي الأغلبية، إلى أن تعترف بإسرائيل وفقاً للمبادرة العربية لعام 2002، وأن يكون هناك اعتراف شامل". وتقول إنّ "الأولويّة اليوم هي للسلام، وثانيّاً لمكافحة الإرهاب الذي يمتد في كل مكان ويهدّد المنطقة".

وتتوقف غيغو عند الاتهامات التي وجهها نواب اليمين إلى حزب اليسار في البرلمان، لافتة إلى أنّ "ما سمعته من بعض النواب من ألفاظ وحجج قانونيّة، تذرعوا بها، لم تكن في مستوى المناقشة".

في المقابل، يرى نائب عن الحزب اليميني، "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، أنّ "التصويت هو بمثابة رسالة سياسيّة واضحة، تعكس رغبة ونفسيّة النواب"، موضحاً، أن زملاءه الذين "صوّتوا ضدّ القرار ليسوا أعداءً لفلسطين، فالمشكلة موجودة منذ 40 عاماً وينبغي حلها، والسلام بحاجة إلى دولتين".

وفي حين يعرب رئيس حزب "انهضوا بفرنسا"، النائب نيكولا دوبون أنيان، لـ"العربي الجديد"، عن فخره بالتصويت إلى جانب القرار، يؤكّد النائب الاشتراكي، باتريك مينوشي، أنّ "الاعتراف بدولة فلسطين يعدّ بمثابة خطوة الى الأمام". ويقول إنّه على الرغم من أنّ "الاعتراف ليس نهائيّاً بعد، ولكنه رسالة يوجهها البرلمان الفرنسي إلى الحكومة الفرنسية والعالم حول هذه المسألة، وإلى الفلسطينيين والإسرائيليين أيضاً". ويوضح أن "العديد من زملائنا في اليمين، وعلى الرغم من التوجيهات التي قُدمت من حزبهم بعدم التصويت، صوتوا لصالح القرار، انطلاقاً من وجود تقليد وتاريخ في بلدنا حول المسألة".

ويوضح مينوشي أنّه "لا يمكننا إجبار الحكومة على اتخاذ موقف، وهذه ليست رغبتنا، لكنّنا نتمنى أن تتقدّم المسيرة الأوروبيّة، وأن يتم اعتماد مبادرات، وهناك جدول زمني وتواريخ محددة من أجل تسوية الصراع". ويضيف: "نعتقد أنّ الأمور طالت كثيراً ومسألة الاستيطان، وخصوصاً المتعلق بأجزاء من فلسطين، أصبحت لا تطاق وتخلق الجهاديين"، لافتاً إلى أن فرنسا تعتبر نفسها، اليوم، في دوامة الخطر جراء مواجهة الجهاديين". ويُشدّد على "إننا نتدخل في العالم وعلينا التدخّل أينما يتطلب ذلك، ومتى تطلب ذلك، سواء على الصعيد العسكري أو الديبلوماسي".

ذات صلة

الصورة
ماكرون يلقي خطابًا متلفزًا يعلن فيه حل البرلمان، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية.
الصورة
وزير التربية الوطنية والشباب في فرنسا غابريال أتال (برتران غاي/ فرانس برس)

مجتمع

أفاد وزراء في الحكومة الفرنسية بأنّ حظر ارتداء العباءة في مدارس فرنسا يستجيب لضرورة الاتّحاد في مواجهة "هجوم سياسي"، مبرّرين الإجراء الذي أعلن عنه وزير التربية الوطنية غابريال أتال.
الصورة
احتجاجات في فرنسا على مقتل نائل م. (فراس عبد الله/ الأناضول)

مجتمع

أعاد مقتل نائل م. برصاص شرطي فرنسي في مدينة نانتير بالضاحية الغربية للعاصمة باريس، وكذلك الاحتجاجات الليلية في مدن فرنسية عدّة، آفات عميقة يعاني منها المجتمع الفرنسي إلى الواجهة.
الصورة
فرنسا-سياسة

سياسة

لقي قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تمديد إجراءات الحجر حتى 11 مايو/أيار المقبل، انتقادات كثيرة لأنه يترافق مع إعادة فتح المؤسسات التعليمية في هذا التاريخ، وهو ما فُسر بأنه مسعى لإعادة الموظفين إلى أعمالهم لتدارك الخسائر التي لحقت بالاقتصاد.