الصراع الهندي الباكستاني الحدودي لصالح الحركات الجهادية؟

08 أكتوبر 2014
يدفع المدنيون ثمن تبادل إطلاق النار الحدودي (Getty)
+ الخط -

تُخيم حالة من التوتر على الحدود الهندية الباكستانية بسبب تبادل البلدان الاتهامات بالانتهاكات الحدودية واستمرار تبادل إطلاق النار بين القوات المرابطة على الحدود بين الجارتين منذ أكثر من شهر تقريباً. وازدادت الأمور سوءاً يوم الإثنين بعد مقتل تسعة أشخاص، أربعة منهم في الجانب الباكستاني وخمسة في الجانب الهندي وكلهم مدنيون، في تبادل إطلاق النار بين قوات الدولتين النوويتين اللتين خاضتا ثلاث حروب منذ انفصال باكستان عن الهند في عام 1947 اثنتان منهما بسبب قضية كشمير العالقة بينهما.

يتكرر مع كل حادث إطلاق نار سيناريو تبادل الاتهامات حول المتسبب في عودة التوتر. تتهِم باكستان القوات الهندية بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي يجري العمل به منذ 2003، وإطلاقها النار عشوائياً على الجانب الباكستاني بين حين وآخر. وبحسب الخارجية الباكستانية، فإن القوات الهندية قامت ست مرات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار منذ بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، وقد أدى إطلاق نار للقوات الهندية على الأراضي الباكستانية إلى مقتل 4 باكستانيين، بينهم امرأة وطفل، وذلك بالإضافة إلى إصابة ستة آخرين بجراح.

وفي وقت تتعهد فيه الخارجية الباكستانية برفع الملف على كل المستويات الدبلوماسية، يؤكد الجيش الباكستاني أن القوات الباكستانية ترد بالمثل على إطلاق القوات الهندية النارعلى المناطق الباكستانية لإجبارها على وقف إطلاق النار، وأنها لن تبقى صامتة إزاء الانتهاكات الحدودية المتكررة من الجانب الهندي.

وعلى عكس الرواية الباكستانية، ترى الهند أن القوات الباكستانية على الحدود هي التي تسببت في خلق أجواء من التأزم والتوتر على الحدود، وبادرت إلى إطلاق النار على أحياء هندية عدة، أدت إلى مقتل خمسة مواطنين هنود وإصابة أكثر من عشرين آخرين بجراح.

لا يقتصر التوتر على الحدود الغربية بين الهند وباكستان، إذ شهدت الحدود الشرقية بين أفغانستان وباكستان توتراً بين حين وآخر، ولا سيما أن هناك مخاوف من إثارة أزمة الحدود بين أفغانستان وباكستان التي لا تعترف بها أفغانستان رسمياً. كما تشهد المناطق الحدودية في أفغانستان وباكستان موجة جديدة من أعمال العنف هذه الأيام.

ويرى المراقبون أن تزايد وتيرة التوتر على الحدود الباكستانية الهندية سيزيد من الضغوط على الجانب الباكستاني، لكن الأخطر أنه قد يتيح الفرصة لعمل الحركات الجهادية التي تتخذ من المناطق الحدودية بين الهند وباكستان، وبالتحديد من إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين، مقراً لها. وهذه الحركات لا تزال فاعلة وتشكل عائقاً كبيراً في إجراء المفاوضات بين الدولتين لحل الملفات العالقة بينهما.

تصرّ الهند على أن الحركات المسلحة التي تقاتل القوات الهندية في الشطر الهندي من كشمير تتخذ من الجانب الباكستاني مأوى لها، وتحظى بدعم من السلطات الباكستانية. كما تطالب جارتها النووية باكستان باتخاذ خطوات جادة ضد هذه الجماعات والحركات المسلحة كـ"جيش طيبة" و"جيش محمد" وغيرهما. لكن باكستان ترفض أن تكون لها أي صلة بتلك الجماعات.

من هنا يرى المراقبون أن المجموعات المسلحة لا محالة تستفيد من أي توتر على الحدود الهندية الباكستانية، وهو ما يعززه إعلان القوات الهندية المرابطة على الحدود قتلها الإثنين الماضي لثلاثة مسلحين حاولوا التسلل من الأراضي الباكستانية إلى الأراضي الهندية.

وبالإضافة إلى الحركات المسلحة المتواجدة في المنطقة، أعلن تنظيم القاعدة أخيراً فرعاً جديداً له في شبه القارة الهندية التي تشمل الهند وباكستان وبنغلاديش ونيبال وسريلانكا باسم "قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية". وقام الفرع بعد أيام من تأسيسه بهجوم على قاعدة بحرية تابعة للقوات البحرية الباكستانية، ما يعني أن فرع القاعدة الذي يهدف تأسيسه إلى مناصرة المسلمين في شبه القارة الهندية يملك قوة عسكرية لا يستهان بها. كما تناولت وسائل الإعلام أخيراً وجود أفراد في جماعات مسلحة داخل الهند وفي إقليم كشمير يدعمون الدولة الإسلامية (داعش)، ومن دون شك أن كل تلك الحركات المسلحة تستفيد من التوتر بين الهند وباكستان على الحدود المشتركة.

وفي السياق، أعلنت حركة أزبكستان الإسلامية التي تنشط في المناطق القبلية الباكستانية دعمها لتنظيم "داعش" الذي يتزعمه أبوبكر البغدادي والذي يسيطر على مناطق واسعة في سورية والعراق، ورحبت برفض تنظيم الدولة الحدود بين الدول الإٍسلامية، وذلك في حين تراجعت حركة طالبان باكستان عن مبايعة "الدولة الإسلامية". وأكد المتحدث باسم الحركة شاهد الله شاهد أن الحركة تدعم كل الحركات المسلحة في سورية من دون أن تبايع أمير الدولة أبوبكر البغدادي، وهي تبقى في تبعيتها لزعيم حركة طالبان الملا عمر الذي يسمونه بأمير المؤمنين.

وكانت "طالبان باكستان" قد أعلنت في بيان لها ولاءها للدولة الإسلامية ودعمها بكل ما أمكن، غير أنها تراجعت عن موقفها في بيان ثان لها، قائلة إن بيانها الأول قد أسيء فهمه.

ولكن على الرغم من تراجع "طالبان"، فإن هناك جماعات أخرى في المنطقة أعلنت ولاءها للدولة كـ"جماعة الأحرار" المنشقة عن "طالبان باكستان" و"حركة أزبكستان الإٍسلامية"، وأعلنت رفضها للحدود بين الدول الإسلامية، ما قد يشجع الحركات الجهادية في شبه القارة الهندية على العمل نفسه. ومن دون شك، فإن أي صراع بين الهند وباكستان على الحدود يصبّ في مصلحة تلك الحركات الجهادية والمجموعات المسلحة.

دلالات