- الثورة السورية تثبت استمراريتها وحيويتها هذا العام، خاصة في محافظة السويداء والشمال السوري، وتعيد تأكيد هويتها كحركة ضد الاستبداد والظلم، بعيدًا عن التصنيفات السياسية والعسكرية الضيقة.
- تحقق الثورة السورية تقدمًا ملموسًا على مستوى الفرد، محررةً السوريين من عقد الخوف ومنتجةً جيلًا جديدًا من الشباب الواعي والقادر على النضال من أجل سورية حرة ومستقلة، تحكمها القوانين العادلة والديمقراطية.
أكد السوريون في داخل البلاد وفي بلاد اللجوء، استمرار ثورتهم التي يعيشون هذه الأيام الذكرى الـ13 لانطلاقتها، وذلك من خلال تظاهرات حاشدة، وفعاليات ثقافية وفنية أقيمت للاحتفال بهذه المناسبة، وليظهروا للعالم أن ثورتهم لا تزال مستمرة، رغم كلّ الرهانات على وأدها، وجعل الشعب السوري عبرة لغيره من شعوب المنطقة التي تعيش تحت سلطة أنظمة فاسدة وديكتاتورية، وقد تفكر في الثورة على تلك الأنظمة.
وقد بدأت بالفعل بعض أنظمة دول المنطقة بالتعاطي مع الثورة السورية على أنها منتهية وقد أصبحت من الماضي، وركبت تلك الأنظمة قطار التطبيع مع نظام بشار الأسد كطرف منتصر.
وخلال السنوات الخمس الماضية، ظهرت طروحات تفند انتهاء الثورة السورية وانتصار نظام الأسد، استناداً إلى التقدم العسكري الذي حققه بمساندة حليفيه روسيا وإيران، وتعويمه سياسياً من خلال مساع روسية وعربية، وسكوت أميركي غربي.
إلا أنه ثبت هذا العام لكل المراهنين على موت الثورة السورية أنها ثورة حق وعدل وأنها مستمرة حتى تنتصر. دخلت محافظة السويداء لتحتفل لأول مرة كمحافظة تقع تحت سيطرة النظام بذكرى الثورة السورية.
كما هبّ الشمال السوري بأكمله للتظاهر احتفالاً بعيد الثورة وانتفاضة في وجه سلطة الأمر الواقع في محافظة إدلب. كذلك تداعى أهالي درعا، مهد الثورة، لإحياء ذكراها من الجامع العمري الذي شهد التظاهرات الأولى في الثورة السورية، التي تشهد ولادة جديدة هذا العام، رغم كلّ الانتكاسات التي تتعرض لها المعارضة السياسية والمعارضة العسكرية.
وبذلك تثبت الثورة أنها ليست مجموعة السياسيين الذين يتحدثون باسمها ويفاوضون كممثلين لها. كما أنها ليست مجموعة العسكر الذين يركبون موجة الثورة، فيما قسم منهم يتبنّى أفكاراً راديكالية بعيدة كل البعد عن فكر الثورة، والبعض الآخر تحوّل مرتزقاً يقاتل باسم الثورة من أجل السلطة أو من أجل المال، وإنما هي ثورة ضد الاستبداد والظلم أينما كان، وثورة ضد سلطات الأمر الواقع في كل الجغرافية السورية.
وكل من ينظر إليها من منظور المكاسب العسكرية والسياسية عليه أن يدرك أن الثورة بكل تضحياتها أكبر من مجرد انتصار عسكري أو سياسي؛ فقد حققت خلال السنوات الماضية أهدافا كبيرة على مستوى الفرد السوري.
تمكنت الثورة من تحرير الفرد السوري من كل عقد الخوف والانغلاق، فأثبت السوريون أنفسهم بشكل فردي في الكثير من المجالات وحققوا نجاحات في دول اللجوء التي منحتهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم وتقديم إمكانياتهم. كما أنتجت جيلاً من الشباب الواعي والقادر على الاستمرار في تحقيق كامل الأهداف وصولا إلى سورية حرة مستقلة يحكمها قانون يتساوى تحته الجميع وتختار ممثليها من خلال صناديق اقتراع حقيقية.