12 عاماً على الثورة الليبية: الانقسامات والسجالات لم تنطفئ

12 عاماً على الثورة الليبية: الانقسامات والسجالات لم تنطفئ

17 فبراير 2023
تنقسم الآراء حول أهداف حروب حفتر (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

عندما استقرت الأوضاع نسبياً في ليبيا بعد نجاح الثورة في إسقاط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011، ظن كثيرون أن مشاكل هذه الدولة في طريقها للحل، إلا أن الواقع كان عكس ذلك.

ودفعت أوضاع البلاد طيلة 42 عاماً من حكم القذافي، في ظل حكم شمولي، الليبيين إلى الانخراط في ثورات الربيع العربي التي بدأت في أقطار عربية مجاورة آنذاك، لكن مقاومة النظام للثورة جرفت البلاد إلى أتون ثورة مسلحة، لا تزال آثارها قائمة حتى الآن، بعد مرور 12 عاماً عليها.

وشهدت هذه السنوات خلافات سياسية ترافقت مع انتشار السلاح. وظهرت الخلافات بين أبرز تيارين سياسيين داخل المؤتمر الوطني العام، أول برلمانات البلاد بعد الثورة، وهما "تحالف القوى الوطنية"، و"العدالة والبناء"، فيما انحاز قادة السلاح لأحد الطرفين.

وفي ظل تصاعد الحروب، تحوّلت هياكل البلاد السياسية إلى واجهات لشرعنة الحروب، فمجلس النواب انحاز لمعسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، فيما المؤتمر الوطني العام عاد للمشهد السياسي ليكون واجهة لشرعنة المواقف العسكرية ضد حفتر.

قراءات متفاوتة لنتائج ثورة فبراير

ويستمر تباين واختلاف الآراء حول مضاعفات وآثار الثورة بعد 12 عاماً عليها، وسط تشاؤم البعض وتفاؤل آخرين.

أحمد عمار، أحد المشاركين من مدينة الزنتان غرب البلاد في الثورة إبان انطلاقها عام 2011، يقول لـ"العربي الجديد" إن "تدخّل المجتمع الدولي الكثيف بطائراته في البداية رسخ مبدأ المقاومة بالسلاح، وكأنه أراد لها ذلك، فلم نسمع في تلك الآونة عن أي مبادرة سياسية من قبل المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة".

ويرى أن آثار الأزمة السياسية الحالية مردها إلى التدخّل الدولي أيضاً، معتبراً أن "أطراف النزاع السياسي كل منها مدعوم من دولة ما ويرتهن لها". ويرى أن المشهد السياسي بدأ بالانجراف نحو العسكرة أكثر مع ظهور حفتر، وإطلاق محاولته الانقلاب على السلطة في طرابلس التي لقيت تأييداً من جانب أنصار "تحالف القوى الوطنية"، ومعارضة كبيرة من أنصار "العدالة والبناء".

عمار: المشهد السياسي بدأ بالانجراف نحو العسكرة أكثر مع ظهور حفتر، وإطلاق محاولته الانقلاب على السلطة

ويعتبر عمار أن عام 2014 كان أولى البدايات الفعلية لسرقة الثورة والانجراف بها في أتون الحرب، موضحاً أن "إطلاق حفتر عملية الكرامة في بنغازي، واندلاع معارك فجر ليبيا بين خصومه وأنصاره في طرابلس، كانت بداية ملامح اختفاء أهداف الثورة وظهور ملامح أطماع رجوع حكم الاستبداد والعسكر".

ويقول إنه قرر عدم المشاركة في الحروب التي تلت انتهاء الثورة، خوفاً من "سرقة الثورة وأهدافها". ويدعو عمار إلى ضرورة تجاوز خلافات الماضي. ويقول "في البداية كنا ثواراً، ثم أنصار الكرامة، وأنصار فجر ليبيا، ثم كل طرف يصف الآخر بالمليشيات، وأعتقد الآن أننا وصلنا إلى مرحلة يتوجب فيها التفاهم وإلقاء السلاح".

دفاع عن الثورة أو انقلاب عليها؟

من جهته يقول السيفاو محمد، وهو ثائر آخر شارك في الثورة عام 2011 في الجبل الغربي، لـ"العربي الجديد" إن "الثورة لم تلجأ للاستعانة بالمجتمع الدولي إلا بعد أن أصبح حلاً أخيراً، فالنظام هو من شهر السلاح في وجوهنا ولم يبادر لأي حوار، وهو كان قائماً على أساس القوة لا القانون، ولهذا لم يجد غير القوة ليستعملها في وجه المد الثوري".

ووفق محمد، فإن "سلاح وعزيمة الثوار على الأرض والدعم الدولي أنهى الأحداث بسرعة، وإلا لصارت ليبيا سورية أخرى"، معتبراً أن "الأوضاع القائمة في البلاد تمر بمرحلة طبيعية تستلزم وقتاً للتعافي بسبب آثار 42 عاماً من الحكم الشمولي".

وشارك محمد في معارك "فجر ليبيا"، ويرد ذلك إلى أنه وغيره من الذين شاركوا في الانتفاضة اضطروا إلى ذلك للدفاع عن أهداف الثورة التي واجهت خطر الانقلاب عليها، خصوصاً أن حفتر من الرفاق السابقين للقذافي، وفق قوله.

ويدافع عن موقفه ضد حفتر، قائلاً "تبيّن صحة موقفنا عندما توسع حفتر ورفض كل مبادرات الحوار وهاجم فجأة طرابلس للسيطرة على كل البلاد، لقد كان يستخدم شعارات مراوغة كالحرب على الإرهاب والمليشيات والهدف هو الحكم"، متسائلاً "لو لم نقف في وجهه، ماذا كان ليحدث؟ كان سيحكم ليبيا وفقاً لعقليته العسكرية، وتعود البلاد إلى حكم العسكر والتوريث".

في الجانب الآخر، يدافع حافظ البرعصي، أحد المشاركين في الثورة في مدينة البيضاء شرق البلاد عام 2011، عن انخراطه في حروب حفتر، ويقول لـ"العربي الجديد": "عند انطلاقتها كانت بنغازي تعج بالإرهاب، وداعش أقر بوجوده فيها".

البرعصي: أنصار النظام السابق هم من أساءوا لـ"الجيش الوطني"

ويتابع: "شاركت في حرب السيطرة على مواقع النفط وسط البلاد عندما كانت المليشيات القبلية تسيطر عليها، وكذلك في الجنوب لضبط وقع الانفلات". ويقرّ البرعصي بوجود ما وصفها بـ"الأخطاء" في حروب حفتر، وعلى رأسها حرب اقتحام طرابلس التي يؤكد أن أغلب من شارك فيها كان تحت تأثير شعارات "الغزو التركي وسيطرة المليشيات الهاربة من بنغازي".

ويرى البرعصي أن أنصار النظام السابق هم من أساءوا لما سماه بـ"الجيش الوطني" (في إشارة لمليشيات حفتر)، ويضيف: "تمكنوا من اختراق الجيش، وكانوا أحد أسباب عدم قبول معظم الثوار في غرب البلاد للجيش كون أنصار النظام السابق جزءاً منه".

المساهمون