قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن قرابة 100 ألف مواطن سوري ما يزالون مختفين قسرياً منذ مارس/آذار 2011، غالبيتهم لدى النظام السوري.
وأوضحت الشبكة في تقرير أصدرته اليوم السبت بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، الذي يصادف يوم غد الأحد، أن لا حل سياسياً من دون المختفين، وأشارت إلى أن وباء الاختفاء القسري يجتاح المجتمع السوري. وأضاف التقرير أن الاختفاء القسري استخدم سلاحَ قمع وحرب وإرهاب منذ الأيام الأولى لانطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية، في مارس/آذار 2011، واستمر استخدامه على مدى تسع سنوات على نحو تصاعدي، مؤكداً أن النظام السوري كان المسؤول الرئيس عن استخدامه على نحو استراتيجي وواسع النطاق، وبنسبة تصل إلى قرابة 85 بالمئة من إجمالي حصيلة المختفين قسرياً.
كما أشار التقرير إلى أنَّ غالبية ضحايا الاختفاء القسري قد جرى اعتقالهم خلال الأعوام الثلاثة الأولى من انطلاق الحراك الشعبي (2011 - 2012 - 2013)، حيث شهدت هذه الفترة أكبر موجة من الاعتقالات، وبالتالي من الاختفاء القسري، بهدف كسر الحراك الجماهيري وتحطيمه وإصابته في مقتل. ولفت التقرير إلى أن استراتيجية الإخفاء القسري تهدف إلى ترويع المجتمع وإرهابه عبر تعريض قسم من أبنائه إلى المصير المجهول، وتحويلهم إلى مجرد إشارات استفهام، وما يتبع ذلك من تداعيات اجتماعية واقتصادية، حيث لا تقتصر تداعيات جريمة الإخفاء القسري على الضحايا فقط، بل إنها بحسب التقرير تمتد إلى عائلاتهم التي ترزح تحت وطأة الفقدان والانتظار الطويل والعجز، في ظلِّ انعدام أية إجراءات قانونية يستطيعون القيام بها لمساعدة الضحية، بسبب السطوة الأمنية لأجهزة المخابرات المسؤولة عن الاعتقال والإخفاء، ومعاناة نفسية مستمرة لعدم معرفة مصير أحبتهم.
أشار التقرير إلى أنَّ غالبية ضحايا الاختفاء القسري قد جرى اعتقالهم خلال الأعوام الثلاثة الأولى من انطلاق الحراك الشعبي
وبحسب التقرير، فإن النظام السوري مستمر في تسجيل جزء من المختفين أنهم متوفون في دوائر السجل المدني، وقد بلغ عدد المسجّلين 991، واستند التقرير في ذلك إلى قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي يتم العمل عليها وبناؤها بشكل متواصل منذ تسع سنوات حتى الآن، وإلى لقاءات مع عائلات الضحايا المختفين قسرياً من مختلف المحافظات السورية، إما عبر الهاتف أو برامج الاتصال المختلفة، أو عبر زيارتهم في أماكن وجودهم داخل سورية وخارجها، واستعرض 14 رواية، تم الحصول عليها بشكل مباشر وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة.
وطبقاً للتقرير، فإنَّ ما لا يقل عن 99479 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، بينهم 84371 لدى النظام السوري، وما لا يقل عن 8648 لدى تنظيم "داعش" الإرهابي، و2007 لدى "هيئة تحرير الشام". كما أكّد أنَّ ما لا يقل عن 2397 شخصاً ما يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى المعارضة المسلحة (الجيش الوطني)، إضافة إلى وجود ما لا يقل عن 2056 شخصاً لدى "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ذات القيادة الكردية.
وأوصى التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بعقد اجتماع طارئ لمناقشة هذا الشأن الخطير، الذي يُهدد مصير قرابة 100 ألف شخص، ويُرهب المجتمع السوري بأكمله، كما طالبهم بالعمل على الكشف عن مصير المختفين قسرياً، بالتوازي مع بدء جولات العملية السياسية أو قبل البدء بها، مع ضرورة وضع جدول زمني صارم للكشف عن مصيرهم.
وطالب التقرير مجلس حقوق الإنسان بمتابعة قضية المعتقلين والمختفين قسرياً في سورية، وتسليط الضوء عليها ضمن جميع الاجتماعات السنوية الدورية، وتخصيص جلسة خاصة للنظر في هذا التهديد الرهيب، كما حثَّ المفوضية السامية لحقوق الإنسان على إعداد تقرير خاص وتفصيلي يُسلِّط الضوء على هذه الكارثة بكافة أبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية، ودعم منظمات حقوق الإنسان المحلية الفاعلة في سورية. وأوصى الفريقَ العامل المعني بالاختفاء القسري لدى الأمم المتحدة بزيادة عدد العاملين في قضية المختفين قسراً في مكتب المقرر الخاص المعني بحالات الاختفاء القسري في سورية؛ نظراً لضخامة حجم حالات المختفين قسرياً.