"وول ستريت": بوتين معزول ومُحاط بمستشارين متشدّدين ينقلون إليه معلومات عسكرية خاطئة وغير دقيقة
بعد 10 أشهر على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معزولاً، بعد اعتقاده أن الحرب ستكون سريعة، شعبية، وتتكلل بالانتصار، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وتقول الصحيفة في تقرير نشرته الجمعة، إن بوتين كافح لأشهر من أجل التصالح مع فكرة تحوّل الحرب إلى مستنقع مكلف، ووجد نفسه معزولاً ومرتاباً.
وتتحدث الصحيفة عن حادثة وقعت في سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما تلقت القوات الروسية في ليمان، المدينة الصغيرة في شرق أوكرانيا، اتصالاً من بوتين يطلب منها عدم التراجع، في وقت كانت هذه القوات تخسر المعركة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين، ومسؤول استخباراتي روسي سابق، قولهم إن بوتين بدا أن لديه فهماً محدوداً للوضع، إذ كانت قواته في الخطوط الأمامية، وغير مجهزة جيداً، ومحاصرة بتقدم أوكراني مدعوم بالمدفعية المقدمة من الغرب. ويلفت المسؤولون إلى أن بوتين رفض أوامر جنرالاته، وطلب من قواته الثبات.
Putin built a power structure that shelters him from bad news and compounded his Ukraine miscalculations. “Vladimir Vladimirovich doesn’t need to be upset right now.” https://t.co/Hula7j6RNA
— The Wall Street Journal (@WSJ) December 24, 2022
وتشير الصحيفة، نقلاً عن أشخاص مطلعين على الوضع الأوكراني، إلى أن وفوداً من الخبراء العسكريين ومصنعي الأسلحة الذين شاركوا في اجتماعات رئاسية في موسكو خلال الصيف، كانوا يتساءلون عما إذا كان بوتين يفهم الواقع في ساحة المعركة. ويتحدث هؤلاء الأشخاص عن أن الرئيس الروسي ما زال محاطاً بإدارة تلبي قناعاته بأن روسيا ستنجح، على الرغم من التضحيات البشرية والاقتصادية المتزايدة.
وتلفت الصحيفة الأميركية في تقريرها إلى أن بوتين، الذي لم يخدم قَطّ في الجيش، أصبح بمرور الوقت حذراً جداً من هيكل قيادته، لدرجة أنه أصدر أوامر مباشرة للخطوط الأمامية.
ويستند تقرير الصحيفة إلى أشهر من المقابلات مع مسؤولين روس حاليين وسابقين، وأشخاص مقربين من الكرملين، وصفوا بوتين على نطاق واسع، بأنه زعيم معزول، ولم يكن قادراً أو غير راغب في تصديق أن أوكرانيا تقاوم بنجاح. وتقول هذه المصادر إن الرئيس أمضى 22 عاماً في بناء نظام يقوم بإطرائه من خلال حجب التفاصيل المحبطة في البيانات أو تلطيفها.
ويقول مسؤولون أميركيون إنه على الرغم من أن الاتصال بين واشنطن وموسكو شبه يومي، فقد أصبحت هذه المحادثات مقيدة، إذ إنهم وجدوا أن بعض أقرب حلفاء بوتين أكثر تشدداً منه.
من جهتهم، يقول المسؤول الاستخباراتي الروسي السابق، ومسؤولون روس حاليون وسابقون، إن بوتين يستيقظ يومياً في حوالى الساعة السابعة صباحاً، على إحاطة مكتوبة عن الحرب، مع معلومات كُتِبَت بعناية، لتأكيد النجاحات، والتقليل من النكسات.
ويرفض بوتين استخدام الإنترنت خوفاً من المراقبة الرقمية، ما جعله أكثر اعتماداً على الإحاطة التي يقدمها مستشارون منحازون أيديولوجياً.
وتؤكد الصحيفة في تقريرها أن العديد من الأشخاص، من بينهم صحافيون ومسؤولون في قطاع صناعة الأسلحة، خرجوا من لقاءات مع بوتين وهم يشعرون بأنه يفتقر إلى صورة واضحة للصراع.
ويقرّ بعض حلفاء بوتين، وفق الصحيفة، بأن المعلومات التي تصل إلى الرئيس كانت غير دقيقة، ويرجعون الإخفاقات العسكرية إلى سوء التخطيط من قبل المسؤولين الحكوميين.
وفي هذا السياق، تنقل "وول ستريت جورنال" عن بوريس بونداريف، الدبلوماسي المحترف الذي استقال من منصبه في البعثة الدائمة لروسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف بعد الغزو الروسي، قوله إن نظام خداع النفس كان قيد الإعداد لعقود، لافتاً إلى أن دبلوماسيي البعثة تعلّموا خلال حكم بوتين أن يقدموا لموسكو القصة التي تريد سماعها، لافتاً إلى أن المسؤولين الصغار وكبار المديرين يعلمون أنه من أجل الحصول على الترقيات، عليهم المبالغة في الأخبار السارة، والتقليل من شأن تلك السيئة، خوفاً من إزعاج بوتين.