وفد من نظام الأسد زار بغداد سراً بعد الغارات الإسرائيلية

27 يناير 2021
قدم العراق لوفد الأسد معلومات حول تسيب الحدود (فرانس برس)
+ الخط -

علمت "العربي الجديد"، من مصادر عراقية رفيعة المستوى في بغداد، أن وفداً يضم مسؤولين في نظام بشار الأسد أجرى زيارة سرية إلى العاصمة بغداد، منتصف الأسبوع الماضي، والتقى بعدد من المسؤولين الأمنيين فيها. وأوضحت أنه تم بحث الأوضاع على الحدود بين البلدين، وتحديداً الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة، على معسكرات ومواقع عسكرية في دير الزور والبوكمال، تتبع فصائل وجماعات مسلحة موالية لإيران تنتشر في تلك المناطق. 
وبحسب مسؤول عراقي بارز في بغداد، فإن الوفد الذي ضم ثلاثة مسؤولين من نظام الأسد، واستغرقت زيارته إلى العاصمة العراقية يوماً واحداً فقط، قدّم ما اعتبرها معلومات حول تورط الطيران الأميركي المُسيّر، والذي ينشط في الأجواء العراقية، في تقديم معلومات ودعم جوي للغارات الإسرائيلية الأخيرة على بعض المواقع التابعة لمليشيات داعمة للنظام في مناطق شرق سورية الحدودية مع العراق. وبين أن النظام السوري "يتبنى هذه الفرضية، من دون أن يقدم أي شيء ملموس يؤكد ذلك. وهو يعتبر أن العراق مسؤول عن منع تقديم أي مساعدة لشن ضربات جوية في المناطق السورية المجاورة للعراق انطلاقاً من أراضيه".

يعتبر نظام الأسد أن العراق مسؤول عن منع تقديم أي مساعدة لشن ضربات جوية في سورية
 

وأوضح المسؤول أن "العراق سبق وأن أبلغ الجانب السوري عدة مرات، في 2018 و2019 في زمن حكومة عادل عبد المهدي، بأن الطيران الأميركي أو غيره هو ضمن جهود قوات التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، وأن نطاق التحالف هو أجواء البلدين، وأن مناطق سيطرة عناصر قسد (قوات سورية الديمقراطية) التي تنتشر فيها القوات الأميركية أيضاً، أقرب للمواقع السورية المستهدفة من المناطق العراقية التي تحدّث مسؤولو نظام الأسد عنها". وكشف أن "قضية افتتاح منفذ بري للأشخاص بين سنجار والحسكة، ضمن مناطق سيطرة قسد في الجانب السوري عند منطقة مجمع خانصور العراقي شمالي سنجار، ووجهت بالرفض من قبل العراق، رغم وجود طلبات من التحالف الدولي، بدواعٍ يعتبرها إنسانية وتنظيمية. كما أن العراق لا يتعامل مع قسد على أنها قوة رسمية أو حتى شبه نظامية، والتواصل معها يتم من خلال التحالف الدولي في ما يتعلق بتسلم إرهابيي داعش، أو المختطفين من أبناء المكون الأيزيدي، أو حتى تأمين الحدود على الجانب الذي تسيطر عليه ضمن محور ربيعة ـ الحسكة".

واعتبر أن الموقف العراقي "حظي بارتياح من السوريين"، لكنه أكد، في الوقت ذاته، طرح العراق ملف الحدود من وجهة نظره، وقدم للوفد السوري معلومات حول ما وصفه بـ"تسيّب الحد السوري الدولي مع العراق بشكل يسمح بعبور إرهابيين. كما تنشط أيضاً عمليات التهريب للأشخاص والبضائع بفعل استشراء الفساد، وتعدد مصادر القوات والجهات المسلحة المنتشرة على الجانب السوري".
وجاءت الزيارة بعد أيام من شن إسرائيل واحدة من أوسع الاعتداءات على الأراضي السورية، طاولت مواقع ومعسكرات في دير الزور والبوكمال، تتبع جهات مسلحة مرتبطة بإيران داعمة لنظام الأسد. وبحسب المعلومات، فإن الغارات الإسرائيلية في 13 يناير/كانون الثاني الحالي، أوقعت أكثر 57 قتيلاً على الأقل من قوات النظام ومجموعات موالية لإيران، في حصيلة تُعدّ الأعلى منذ نحو عامين. ولكن اللافت أن الضربات نُفذت بتنسيق أميركي-إسرائيلي، وبناء على معلومات استخبارية قدمتها الولايات المتحدة، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام غربية.

عواد: تقديم خدمات بين الجانب الأميركي والإسرائيلي في هذه الضربات أمر وارد

وعن زيارة الوفد السوري إلى العراق، نفى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، شيركو محمد، علمه بالزيارة. وقال لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يملك معلومات كافية عن هذه الزيارة"، مبيناً أن "مهمة العراق الحالية هي الحفاظ على السيادة الوطنية وضبط حدوده منعاً لحدوث أي خروقات أمنية". في المقابل، قال النائب عن تحالف "الفتح"، وهو الجناح السياسي لفصائل الحشد الشعبي، عدي عواد، إن "تقديم خدمات بين الجانب الأميركي والإسرائيلي في هذه الضربات أمر وارد". ورأى، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "فصائل من الحشد الشعبي كانت تعرضت أكثر من مرة لقصف إسرائيلي وأميركي في مناطق حدودية، وداخل الأراضي العراقية أيضاً. ويندرج هذا الأمر ضمن المشروع الأميركي لخلق بيئة آمنة للكيان الإسرائيلي، وتحجيم لقوة محور المقاومة، في ظل صمت المجتمع الدولي على هذه الانتهاكات".
الخبير بالشأن السياسي والأمني العراقي أحمد النعيمي أشار إلى أن "الزيارات التي يجريها مسؤولون في نظام الأسد إلى بغداد لم تنقطع، وكلها ضمن لجنة التنسيق الرباعي التي تضم موسكو وطهران وبغداد، إضافة إلى نظام بشار الأسد". وأضاف النعيمي، لـ"العربي الجديد"، أن تلك الزيارات تتم في الفترة الأخيرة من دون الإعلان عنها، مراعاة لوضع الحكومة العراقية الواقعة تحت ضغط الصراع الأميركي الإيراني. وقد لا يكون مستبعداً أن ذلك يتم بناء على طلب عراقي. لكن من المهم معرفة أن فرضية تقديم واشنطن مساعدة للطيران الإسرائيلي يمكن أن تكون مقبولة في حقبة الثمانينيات أو حتى التسعينيات (القرن الماضي). لكن حالياً مع التقدم الموجود، فإن عمليات الرصد لا تتطلب كل هذه المساعدة، خاصة وأن الطيران الإسرائيلي نفذ ضربات مماثلة قبل سنوات من الثورة السورية، مثل قصف موقع المفاعل (النووي السوري) المفترض عام 2007، وتبعتها ضربات أخرى في نفس المناطق".