وصل وفد رفيع لحركة طالبان بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة، الملا عبد الغني برادر، إلى العاصمة الصينية بكين اليوم الأربعاء، لمناقشة أبعاد المصالحة الأفغانية مع القيادة الصينية.
وقال المكتب السياسي لحركة طالبان، في بيان له اليوم، إن وفداً من تسعة أعضاء من قيادة طالبان قد توجه صوب بكين برئاسة الملا عبد الغني برادر، رئيس المكتب السياسي للحركة، مشيراً إلى أن الزيارة جاءت تلبية لدعوة الصين.
وذكر البيان أن الوفد سيلتقي خلال الزيارة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، ونائب وزيرالخارجية، والمبعوث الصيني الخاص لأفغانستان، مشيراً إلى أن اللقاء سيبحث في ملفات سياسية واقتصادية وأمنية، إضافة إلى مجمل الأوضاع في أفغانستان.
وأكدت الحركة، بحسب البيان، أن أراضي أفغانستان لم تستخدم ضدها، كذلك فإن الصين وعدت من جانبها بعدم التدخل في الشؤون الأفغانية، فيما أوضح البيان أن الصين وعدت أيضاً بأن تساهم في حل القضية الأفغانية عبر الحوار البناء.
من جهتها، أكدت الخارجية الأفغانية أن زيارة وفد طالبان للصين جاءت نتيجة التنسيق بين بكين وكابول، مؤكدة أن الصين أبلغتها بأن زيارة طالبان تأتي بدعوة منها إلى بكين للحديث عن التصعيد الأخير ووجود المسلحين الأجانب في أفغانستان وقضايا مهمة أخرى، مثل قضية السلام.
يذكر أن وفود "طالبان" زارت كلاً من روسيا وإيران وأوزبكستان في الفترة الأخيرة.
وكان المتحدث باسم المكتب السياسي لـ"طالبان" محمد نعيم، قد أكد اليوم الأربعاء، أن الوفد التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي في مستهلّ زيارتهم التي تستمرّ يومين، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
وتواصل حركة "طالبان" فرض واقع ميداني جديد في أفغانستان، سينعكس حتماً على أي حلّ سياسي مستقبلي، انطلاقاً من أي حوار مفترض بينها وبين الحكومة الأفغانية. ويبدو أن الحراك التفاوضي الذي شهدته وتشهده عواصم إقليمية وعظمى أخيراً، يصبّ في سياق رسم الخريطة السياسية، بعد إتمام انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان، في موعدٍ أقصاه 31 أغسطس/ آب المقبل.
وحققت "طالبان" تقدماً واسعاً، بلغ حدّ سيطرتها على 85 في المائة من أراضي البلاد، وفقاً لمسؤوليها، في خطوة تشي بالكثير، خصوصاً لدول الجوار في الوسط الآسيوي، التي تترقّب تداعيات المرحلة المقبلة في ظلّ غياب العاملين الأميركي والأجنبي.
وكان زعيم الحركة هبة الله أخوند زادة، قد أكد في وقت سابق في بيان بمناسبة عيد الأضحى أنه "يؤيد بشدة" تسوية سياسية للنزاع في أفغانستان، "على الرغم من التقدم والانتصارات العسكرية" التي سجلتها الحركة في الشهرين الأخيرين. وقال أخوند زادة: "بدل الاعتماد على الأجانب، دعونا نحلّ مشكلاتنا فيما بيننا وننقذ وطننا من الأزمة السائدة".
وتخشى الأمم المتحدة مقتل أو إصابة أعداد لم يسبق لها مثيل من المدنيين في عام 2021 في أفغانستان، إذا استمر القتال الذي اشتد منذ بدأت حركة "طالبان" هجوماً على جبهات عدة في مايو/ أيار الماضي. وتقول بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (أوناما)، في تقريرها عن الخسائر المدنية في النصف الأول من عام 2021، إنها تتوقع أن تسجل هذا العام أكبر عدد من الضحايا المدنيين منذ عام 2009 عندما بدأت بتسجيل الحصيلة السنوية.
وتشير إلى أن "الخسائر المدنية في أفغانستان في النصف الأول من عام 2021 وصلت إلى مستويات قياسية، مع ارتفاع حاد في أعداد الوفيات والإصابات بشكل خاص منذ مايو الماضي، عندما بدأت القوات الدولية انسحابها وتصاعد القتال بعد هجوم طالبان". ودعت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في كابول ديبورا ليونز "طالبان" والحكومة إلى "تكثيف جهودهما حول طاولة المفاوضات".
وشدد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، أمس الثلاثاء، على ضرورة التفاوض على "تسوية" مع حركة "طالبان" في أفغانستان، وأقرّ بأن البلد يواجه وضعاً أمنياً "صعباً للغاية" مع انسحاب القوات الأجنبية.