وصل وفد أمني وعسكري عراقي رفيع، اليوم الاثنين، إلى مدينة سنجار، 110 كيلومترات غرب الموصل، ضمن محافظة نينوى شمالاً، في زيارة لم يكشف عن تفصيلها بشكل رسمي لغاية الآن، إلا أنها تأتي بعد أسبوع حافل بالتوترات الأمنية داخل مدينة سنجار وضواحيها، إثر مهاجمة أنصار "حزب العمال الكردستاني" لقوة من الجيش العراقي داخل المدينة ورشقها بالحجارة والاعتداء على جنود والاستيلاء على إحدى السيارات العسكرية التابعة له، أعقبها اشتباك مع متسللين يتبعون حزب "العمال" وأسفر عن مقتل جندي عراقي وإصابة آخر.
وذكرت وكالة الانباء العراقية (واع)، في خبر مقتضب نقلاً عن مراسلها، أن "وفداً ضم مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ورئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير الشمري، ومدير الاستخبارات العسكرية وقائد القوات البرية الفريق الركن قاسم محمد، وصل إلى قضاء سنجار في نينوى للاطلاع على الواقع الأمني هناك".
رئيس اركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة ومستشار الامن القومي يصلون الى سنجار غرب نينوى، بعد ٢٤ من المواجهات التي حصلت بين الجيش العراقي وعناصر حزب العمال الكردستاني ...#العراق pic.twitter.com/rtnqsRc3Na
— علي الحلفي 🇮🇶 (@Ali_AL_hillfyey) March 15, 2021
وأمس الأحد، أعلنت بغداد مقتل جندي وإصابة آخر خلال تصدي الجيش لمحاولة تسلل لمسلحين قادمين من سورية باتجاه سنجار، وصفتهم بـ"الإرهابيين"، لكن مصادر أكدت لـ"العربي الجديد" أن العناصر الذين تم الاشتباك معهم هم من عناصر حزب "العمال الكردستاني" وليسوا من تنظيم "داعش"، وحاولوا الدخول إلى العراق باتجاه سنجار، وخلال محاولة منعهم فتحوا النار على القوة العراقية وقتلوا عنصر أمن وأصابوا آخر.
من جهته، قال مسؤول أمني عراقي في محافظة نينوى لـ"العربي الجديد"، خلال اتصال هاتفي معه، إن "الوفد الذي وصل إلى سنجار سيبحث عدّة ملفات أمنية، من بينها فرض الجيش العراقي وجوده في المنطقة ووقف انتشار وتحرك مسلحي حزب العمال الكردستاني داخل المدينة".
وبين أن "من مهمة الوفد القادم من بغداد التوصل إلى إيجاد حل لمسألة دمج المسلحين من المكون الأيزيدي، وتحديداً قوات "أيزيدي خان" التي يبلغ عددها نحو 700 عنصر، مع الأجهزة الأمنية العراقية لتتولى مهمة الانتشار بالمدينة كقوات محلية".
ولفت إلى أن "هذا الدمج الذي ينتظر أهالي سنجار سيفسح الطريق نحو تطبيق واحدة من أهم فقرات اتفاقية سنجار، وهي تشكيل قوة من 2500 عنصر أمني من أهالي سنجار ضمن القوات العراقية، من الجيش والشرطة وجهاز المخابرات"، مشيراً إلى أن "تطبيق هذه الفقرة، يعني أن الأمن سيستقر في المدينة ويسهم أيضاً بعودة النازحين الأيزيديين إلى مناطقهم".
من جانبه، أشار قائمقام قضاء سنجار، محما خليل، إلى أن "الوفود الأمنية عالية المستوى مرحب بها في سنجار، وأن الزيارة الأخيرة للمسؤولين من بغداد تهدف إلى إنهاء وجود العصابات والمليشيات، وإزالة أسباب التهديدات الأمنية التي تُمارس من قبل حزب العمال الكردستاني وبعض الفصائل المنفلتة من الحشد الشعبي". وأوضح، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الالتزام بحماية المواطنين في سنجار والالتزام بالفدرالية هما مسؤولية دستورية تتحملها الحكومة الاتحادية في بغداد".
وتابع أن "حزب العمال الكردستاني يُهدد الأمن في سنجار ومعظم المدن الشمالية، كما أنه يمارس، بمساعدة بعض الفصائل في الحشد الشعبي، معظم عمليات التهريب بكل أشكاله عبر الحدود السورية، كما أن العمال الكردستاني يتخذ من كذبة أطلقها خلال الفترة الماضية منطلقاً لتنفيذ عملياته الهجومية والعدائية، حيث إنه يقول إن أهالي سنجار يرفضون تطبيع الأوضاع في مدينتهم، مع العلم أن الأيزيديين هم أحوج الناس للتخلص من سلاح الكردستاني والمليشيات المسلحة".
في المقابل، بيَّن الصحافي العراقي المهتم بشؤون الأقليات سامان داود، لـ"العربي الجديد"، أن "الوفود الأمنية، التي تزور بين فترة وأخرى مدينة سنجار، لا تسفر عن أي نتائج تذكر، ولا سيما في ما يتعلق بمسألة الدمج الأمني بين القوات الأيزيدية والمواطنين في سنجار والقوات العراقية، ولكن يبدو أن الزيارة الأخيرة قد تصل إلى نتائج جيدة، ولا سيما بعد التوترات الأمنية الأخيرة".
ويتسبب تحشيد مسلحو الفصائل العراقية في بلدة سنجار، غرب مدينة الموصل، إلى جانب الانتشار الواسع لمسلحي حزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، في تأخر تطبيق اتفاقية تطبيع الأوضاع في المدينة، والموقعة بين بغداد وأربيل منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وجعلها بمثابة الملغاة.
وتنص اتفاقية تطبيع الأوضاع على إخراج المليشيات والقوات غير الحكومية بمختلف هوياتها من المدينة، بشكل يسمح بعودة الحياة كما كانت قبل اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي واستباحته المدينة في 2014.