غيب الموت، الإثنين، وكيل مؤسسي حزب "الكرامة" المصري، عضو مجلس الشعب السابق أمين إسكندر، عن عمر ناهز 70 عاماً، بعد صراع قصير مع المرض، علماً بأنه أحد رموز ما يعرف بـ"التيار الناصري" في مصر، وصديق مقرب من المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.
ولد إسكندر في عام 1952، وبدأ نشاطه السياسي منذ كان طالباً في المرحلة الثانوية، حيث شارك في مظاهرات تأييد المقاومة الفلسطينية عام 1968، وبعد دخوله الجامعة كان واحداً من الكوادر الناصرية الشابة التي اتخذت موقفاً معارضاً من سياسات الانفتاح لنظام الرئيس الراحل أنور السادات.
وشارك إسكندر في مظاهرات الخبز عام 1977، وتعرض للاعتقال مرات عدة، كان أولها في عام 1978 بتهمة قلب نظام الحكم، وكان وقتها مجنداً في الجيش، كما اعتُقل في مظاهرات 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأفرج عنه عشية جمعة الغضب في 27 من ذات الشهر، والتي مهدت للإطاحة بنظام الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك.
وفي أعقاب الثورة، فاز إسكندر بعضوية مجلس الشعب (البرلمان) أواخر عام 2011 على قوائم "التحالف الديمقراطي من أجل مصر"، والذي قاده حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، وضم مجموعة من متباينة من الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها حزب "الكرامة".
وساهم إسكندر في تأسيس جميع الأحزاب الناصرية، بداية من المنبر الاشتراكي مع ضابط الجيش كمال الدين رفعت، والحزب الاشتراكي مع المحامي فريد عبد الكريم، وحزب التحالف مع كمال أحمد، والحزب الناصري بقيادة ضياء الدين داوود، والذي تولى فيه مسؤولية العمل التثقيفي والفكري، وهو نفس الموقع الذي تولاه بعد مشاركته في تأسيس حزب "الكرامة".
ولإسكندر العديد من المؤلفات، ومنها "ذاكرة ورؤيا"، و"نقد تحالف كوبنهاجن"، و"عبور الهزيمة"، و"الحركة القومية في مائة عام"، بالإضافة إلى "عصر القهر والفوضى"، و"الزلزال: دراسات من داخل الأزمة العربية"، و"نقد التجربة الناصرية: رؤى من الداخل".
انتخابات مبكرة
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دعا إسكندر إلى جمع تواقيع شعبية تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على غرار حملة "تمرد" وقت حكم الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013، قائلاً عبر صفحته في "فيسبوك": "ما يحدث للمصريين هو فضيحة، وكفاية إهانة لبلدنا، وإهانة لشعبها. أدعو شرفاء البلد إلى جمع توقيعات بالملايين لإجراء انتخابات مبكرة للرئاسة، حتى ننقذ بلدنا من هؤلاء الفاشلين".
وكانت آخر تدوينات إسكندر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حين قال: "هل ينتظر الرئيس (عبد الفتاح السيسي) عقد مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، لكي يصدر قراراً بالإفراج عن سجناء الرأي، أم من الأفضل الإفراج عنهم قبل المؤتمر؟"، مضيفاً "لماذا المعاندة؟ وما الضرر من الإفراج عن كل سجناء الرأي مثل د. عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، والإعلامية هالة فهمي، والناشط أحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح".
انتقاد السيسي
كما قال في تدوينة تسبقها: "الرئيس السيسي يقول إنه يتحدث عن ربنا كثيراً لأنه حبيبه. ربنا يقوي إيمانك، طيب كان فين الإيمان ده لما وهبت جزيرتي تيران وصنافير للسعودية؟ وكان فين حين اعتديت على الدستور، وأطلت مدة وجودك في السلطة؟، وكان فين لما تواطأت على أموال مصر المنهوبة في زمن مبارك؟ كل حبك للرب لم يجعلك تشاوره مرة واحدة فيما فعلته من مشروعات، وكل هذا الإيمان لم يشعرك في أي لحظة أهمية وجود أولويات مثل التعليم والصحة؟".
وأضاف إسكندر متهكماً: "كل هذا الحب الإلهي، وتترك حصة مصر في مياه النيل مهددة؟ تعرف تقول كم الفلوس التي جاءت (مصر) كهبات أو قروض، وأين صُرفت؟ ومن هو الرقيب عليها؟ هل يُعفيك إيمانك من تعيين مستشارين تسألهم عند الحاجة؟ وهل تزوير الانتخابات حرام أم حلال؟ كل انتخابات مجالس النواب والشيوخ والرئاسة مزورة، وبعدين تقول ربنا جابني، وهو اللي هايحاسبني. لا يا سيد عبد الفتاح، الشعب هو الذي سيحاسبك، أما الآخرة فيمتلكها الله وحده".
فساد واستبداد
وفي 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، كتب إسكندر: "القضاء سلم سلطته إلى السيسي، وأصبح بعدها تابعاً لا حول له ولا قوة. وتم السيطرة على كل شيء حتى الرأي والإعلام، وظهرت طفيليات وديدان في كل المجالات، واعتُقل الآلاف، وأخرست الألسنة، واستوطن الجبن عموم الناس، واكتشفنا أن الرجال ليسوا على قدر المرحلة. باع رجال الجيش الخيار والطماطم والفراخ، وعاشت مصر في مستنقع من الفساد والاستبداد والتخلف، وتحت قيادة الواحد المهدي أو المريض العقلي، وما زلنا ننتظر الإفراج عن سجناء الرأي".
وقال في تدوينة أخرى: "السيسي وحده هو المسؤول عن الخراب العمدي الذي وقع على مصر، وزيادة الفقر والفقراء والديون، وتحول ملايين الشباب إلى عمال باليومية، وسائقين لعربات (توكتوك)، وباعة في الشوارع. والأخطر هو موت المستقبل لكل الناس، وما زال (السيسي) جالساً على كرسيه، ولم يرتفع صوت يطالب بحسابه ومحاكمته. ثم تتحدثون عن حوار، والله عيب".