لا يزال غضب حكومة إقليم كردستان في شمال العراق يتفاعل مع القصف الإيراني الذي وقع بصواريخ بالستية على منزل رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي. يأتي هذا التفاعل مع مرور، اليوم السبت، 40 يوماً على الحادثة. وفي تصريح لوزير الداخلية في الإقليم، ريبر أحمد، أشار إلى أن هذا الهجوم يُعد انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الأمنية المبرمة بين بغداد وطهران.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي، أنه شنّ هجمات صاروخية في مدينة أربيل، استهدفت ما قال إنه "مقر رئيسي لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)"، لكن أربيل نفت هذه المزاعم واعتبرت أن القصف يُعد تغطية لفشل إيران في ملفات عدة. فيما دان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني القصف، واعتبره "عملاً عدوانياً وتطوراً خطيراً يقوّض العلاقات القوية بين بغداد وطهران".
وقال ريبر أحمد، في كلمة ألقاها خلال مراسم إحياء أربعينية دزيي وابنته اللذين قتلا مع آخرين من جراء ذلك القصف، إن "إقليم كردستان لم يكن في أي وقت من الأوقات مصدر تهديد للبلدان المجاورة، وكان دائماً مثالاً للأمن والاستقرار، ولم يسمح بأن تكون أراضيه منطلقاً لمهاجمة أي بلد".
وأضاف وزير داخلية الإقليم، أنه "ضمن إطار الاتفاقية الأمنية المبرمة بين العراق وإيران، فقد أدينا جميع الالتزامات الملقاة على عاتقنا بهذا الصدد، إلا أن ذلك القصف الصاروخي انتهك جميع بنود تلك الاتفاقية".
وأدى القصف الباليستي الإيراني إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة ستة آخرين بجروح، كما أدى الى خسائر مادية فادحة في منازل المدنيين، وعلى الرغم من عدم وجود أية أدلة واضحة لمزاعم إيران في قصف أربيل، فإنها بقيت تدافع عن الهجوم، مستمرة بالقول إنه كان مقراً للتجسس لصالح الكيان الإسرائيلي.
وفي السياق، أشار عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، سورت أيزيدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحكومة في أربيل لا تزال غاضبة من الممارسات الإيرانية العدوانية ضد الإقليم، ومواصلة اتهامه بالتعاون مع إسرائيل، من غير وجه حق ومن دون أي دليل". وبين أن "أربيل طالبت طهران بأية أدلة تثبت الادعاءات الإيرانية، لكن الأخيرة لم تقدم أي شيء".
وأردف أيزيدي، أن "أربيل أكملت تحقيقاتها الخاصة بالعدوان الإيراني الأخير، كما أن بغداد أكملت التحقيقات عبر دوائرها الأمنية والاستخباراتية الخاصة وجمع الشهادات، ومن المفترض أن تتجه بغداد إلى مجلس الأمن لتقديم الشكوى ضد إيران". واعتبر أن "إيران تجاوزت القانون الدولي والاتفاقات الأمنية مع بغداد، ولا بد من إيقافها عند حدها".
وقبل شهر، قال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هوراماني لـ"العربي الجديد"، إن "إيران تدعي وجود مقر للموساد في أربيل، وهذا غير حقيقي ولا توجد أي أدلة على ذلك، بل إنها تعتمد على روايات ودعايات وأكاذيب".
وبيّن أن "القصف الإيراني الأخير على منزل رجل الأعمال بيشرو دزيي، هو جريمة بشعة ووحشية، مع العلم أنه رجل اقتصاد وأعمال ومال، ولا علاقة له بالأمور السياسية والأمنية، وهو مساهم بشكل كبير في ازدهار أربيل، وإلى هذه اللحظة لا نعرف لماذا قتلته إيران بهذه الطريقة".
ونهاية أغسطس/آب الماضي، وقعت بغداد وطهران اتفاقية أمنية بين البلدين تقضي بتفكيك معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان- العراق على الحدود مع إيران، شمالي العراق.
وتقضي الاتفاقية بإيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل البلدات الحدودية العراقية، مقابل قيام بغداد بتفكيك تجمعات تلك المعارضة وإبعادها عن الحدود مع إيران، وتسليمها المطلوبين منهم، وقد التزم العراق بالاتفاقية وأعلن تنفيذ بنودها رسمياً.