وزير خارجية موريتانيا في الرباط: خطوة لطي صفحة الأزمة الصامتة

24 مايو 2021
وزير الخارجية المغربي خلال استقباله نظيره الموريتاني اليوم (تويتر)
+ الخط -

يلتقي وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، مساء الاثنين، وزير الخارجية الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في لقاء سيبحث العلاقات الثنائية في ظل حديث عن أزمة صامتة بين البلدين، إلى جانب الأوضاع في المنطقة، خصوصا بعد تمكن الجيش المغربي من تأمين معبر الكركرات الحدودي الفاصل بين المغرب وموريتانيا وإعلان جبهة "البوليساريو" الانفصالية عن عدم التزامها باتفاق وقف إطلاق النار.

وتأتي زيارة رئيس الدبلوماسية الموريتانية بعد نحو شهرين على تأجيل لزيارة رسمية كانت مقررة له إلى الرباط لتسليم رسالة من الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، فيما كان لافتا تضارب الأنباء حول أسباب ذلك وحديث عن أزمة جديدة بين البلدين.

وفي الوقت الذي ربطت فيه بعض المصادر إرجاء الشيخ أحمد زيارته التي لم تكن مبرمجة سلفاً إلى المغرب، بالوضع الوبائي الناجم عن تفشي فيروس كورونا في البلدين، ربط مراقبون مغاربة بين التأجيل ووجود انزعاج مغربي من استقبال الرئيس الموريتاني لمبعوث زعيم جبهة "البوليساريو"، المكلف بالشؤون السياسية، البشير مصطفى السيد، في القصر الرئاسي بنواكشوط. وهو الاستقبال الذي حاولت الجبهة الترويج له كانتصار لها. كما أعاد استقبال حزب "التجمع الوطني للإصلاح" (تواصل) الإسلامي، مجدداً، وفد الجبهة، إلى الأذهان التوتّر الذي أثير في يوليو/تموز الماضي على خلفية تأسيس لجنة للصداقة مع "البوليساريو"، بتمثيل عدد من الأحزاب الموريتانية، من بينها "التجمع الوطني للإصلاح".

وبحسب المراقبين، فإن المغرب يراهن على خروج نواكشوط من حيادها السلبي وتعديلها للكفة المائلة نحو الجبهة والجزائر، وإدارة الدفة قليلاً نحو الرباط، التي ترغب في "علاقات استثنائية" مع الجارة الجنوبية على أسس واقعية وعملية، يكون الجانب الاقتصادي القاطرة المحركة لها. وذلك في وقت تبدو فيه أن الرباط، في توجهها الدبلوماسي الجديد، بعد أزمة الكركرات والاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، لم تعد تقبل بالحياد السلبي بخصوص قضية وحدتها الترابية.

إلى ذلك، ينتظر أن يثير بوريطة مع الشيخ أحمد العلاقات الثنائية بين البلدين في ظل الحديث عن وجود أزمة صامتة، وكذا تطورات قضية الصحراء خاصة بعد تمكن الجيش المغربي من تأمين معبر الكركرات الحدودي الفاصل بين المغرب وموريتانيا، في 13 فبراير/شباط الماضي، وما تلاها من أحداث بإعلان "البوليساريو" عدم التزامها باتفاق وقف النار الموقع في 1991، والاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء.

وفيما يبدو لافتا أن نواكشوط تحاول طي صفحة الأزمة الصامتة التي تمر بها العلاقات بين البلدين في الأسابيع الماضية، شهدت العلاقات بين الجارين، طيلة العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني الجديد للسلطة، حالة من الفتور والتوتر جراء ارتباطات "البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد.

وفي الوقت الذي كان فيه عددٌ من المراقبين يراهنون على أن يحمل وصول ولد الشيخ الغزواني فرصة لإعادة إطلاق علاقات مغربية - موريتانية أكثر متانة، لا سيما بعد القطيعة التي طبعت العلاقات السياسية بين البلدين في ظلّ فترة حكم محمد ولد عبد العزيز، فإن العكس هو ما حصل.

وفي ظلّ الأزمة التي تعيشها العلاقات بين الرباط ونواكشوط منذ وصول ولد الغزواني إلى الرئاسة في موريتانيا، برز، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إعراب العاهل المغربي الملك محمد السادس، خلال اتصال هاتفي معه، عن استعداده للقيام بزيارة رسمية للجمهورية الموريتانية، موجهاً في الوقت نفسه الدعوة إلى الرئيس الموريتاني لزيارة المغرب.

وبدا لافتاً، خلال الاتصال الهاتفي، تعبير قائدي البلدين عن "ارتياحهما الكبير للتطور المتسارع الذي تعرفه مسيرة التعاون الثنائي، وعن رغبتهما الكبيرة في تعزيزها والرقي بها، بما يسمح بتعميق هذا التعاون بين البلدين الجارين، وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته"، بحسب بيان للديوان الملكي.

ورأى مراقبون في إعلان الملك محمد السادس استعداده لزيارة نواكشوط، انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلاً لتقارب بين الرباط ونواكشوط سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي، منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة، على "ألا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، وإنما علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافيا".

وعاشت موريتانيا، خلال الأسابيع الماضية بعد أزمة الكركرات، جدلاً ونقاشاً حول علاقاتها بـ"البوليساريو" جراء ما لحق مصالحها من أضرار، وما ترتب من انعكاسات على أسواق الاستهلاك الموريتانية المعتمدة على معبر الكركرات، الذي يعتبر حيوياً، سواء للتصدير أو الاستيراد، ليس فقط مع المغرب، وإنما مع أوروبا من جهة، وباقي بلدان غرب أفريقيا من جهة أخرى.

المساهمون