وزير خارجية فرنسا: ندعم مقترح المغرب بشأن الصحراء ونقترح إقامة شراكة

وزير خارجية فرنسا من الرباط: ندعم مقترح المغرب بشأن الصحراء ونقترح إقامة شراكة لـ30 عاماً

26 فبراير 2024
وزير الخارجية المغربي يستقبل نظيره الفرنسي في الرباط (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

جدد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الذي بدأ زيارة إلى الرباط اليوم الاثنين، دعم باريس "الواضح والمستمر" مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب لحل نزاع الصحراء، مؤكداً إرادة التقدم في هذا الملف.

وأضاف سيجورنيه، في مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، متحدثا عن ملف الصحراء: "نعرف أنه رهان وجودي بالنسبة للمغرب"، مشدداً على أنه "حان الوقت للتقدم، وسأسهر على ذلك شخصياً"، بحسب "فرانس برس".

كما أعلن سيجورنيه عن اقتراح لباريس بإقامة شراكة للثلاثين عاماً المقبلة مع المغرب.

والتقى سيجورنيه مع  بوريطة في الرباط الاثنين، في خطوة متقدمة لدفن الخلافات والعودة إلى الوضع الطبيعي في العلاقات بين البلدين، بعد أزمة عميقة شهدتها تلك العلاقات منذ عام 2021، من أبرز مظاهرها تجميد زيارات مسؤولي البلدين، وغياب أي اتصال بين الملك محمد السادس والرئيس إيمانويل ماكرون.

وتعول باريس على الزيارة الأولى من نوعها لوزير خارجيتها سيجورنيه منذ توليه المنصب في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، باعتبارها تمثل خطوة أولى نحو تحقيق "أجندة سياسية جديدة" بين البلدين في مختلف المجالات، وكذلك "خطوة قوية لفتح فصل جديد في العلاقة بين البلدين".

وخلال الأيام الماضية، كان لافتاً تأكيد سيجورنيه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أنه يعمل على تجاوز "سوء الفهم" الحاصل بين الرباط وباريس، وكان صرّح قبل ذلك في حديث لوسائل إعلام بأنه مكلف من طرف ماكرون بتحسين العلاقات المغربية الفرنسية.

وبالموازة مع ذلك، سُجل المزيد من مؤشرات عودة الدفء إلى العلاقات بين البلدين، مثل إعلان وكالة الأنباء الرسمية المغربية، في 20 فبراير/ شباط الحالي، حضور الأميرات للا مريم وللا أسماء وللا حسناء مأدبة غداء بقصر الإليزيه بدعوة من بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي.

وعرفت العلاقات بين الرباط وباريس مداً وجزراً منذ وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه في عام 2017، وعاشت على وقع توتر صامت تحول إلى "مواجهة مفتوحة" دارت رحاها على جبهات عدة، سياسية ودبلوماسية واقتصادية وإعلامية.

وكان قرار الحكومة الفرنسية، في سبتمبر/ أيلول من عام 2021، "تشديد شروط منح تأشيرة الدخول" للمتقدمين من تونس والجزائر والمغرب انعكس سلباً على علاقات البلدين، وأثار غضباً وصل إلى حد المطالبة بمقاطعة المنتجات الفرنسية وتنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في الرباط.

كما تراجعت العلاقات بعد اتهامات صحف فرنسية للرباط، في يوليو/ تموز 2021، باختراق هواتف شخصيات مغربية وأجنبية عبر برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس"، وهو الاتهام الذي نفته الحكومة المغربية ولجأت في الـ28 من الشهر ذاته إلى مقاضاة كل من صحيفة "لوموند" وموقع "ميديا بارت" و"فرانس راديو" بتهمة التشهير.

ويعتبر ملف الصحراء من الملفات التي أرخت بظلالها على العلاقات المغربية الفرنسية، إذ ينتظر المغرب من حليفه التقليدي توضيح موقفه بشأن "سيادته على الصحراء"، في ظل التحولات الكبرى التي عرفها الملف منذ اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بـ"مغربية الصحراء"، وما تلاه من تأييد قوى دولية أخرى، كانت من أبرزها إسبانيا وألمانيا.

المغرب وفرنسا: علاقات محكومة بالتاريخ والجغرافيا

ويرى الباحث في تاريخ العلاقات الدولية بوبكر أونغير، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العلاقات المغربية الفرنسية محكومة بالتاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة"، لافتاً إلى أن الرباط ترى أن "تقوية العلاقات الثنائية ضرورية لتجاوز بعض الثغرات وسوء الفهم الذي كان سيد الموقف في الآونة الأخيرة".

وبحسب أونغير، فإن تلك العلاقات "لن تستقيم وتتوطد على النهج الصحيح إلا بمجموعة من القرارات التي من الممكن أن يكون تنفيذها والتقيد بها أساسياً لعلاقة متوازنة صريحة، وفي مقدمتها ضرورة أن تعرف فرنسا، المستعمر القديم للمغرب، أن هذا الأخير تغير كثيراً" ويوضح أونغير أن هذا التغيير تجلى في سعي المغرب لـ"تنويع الشركاء الاقتصاديين في العالم وكسر احتكار فرنسا الاقتصادي على صعيد التجارة الخارجية ونسبة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إليه".

ويرى أونغير أن "عودة العلاقات المغربية الفرنسية إلى أوجها يقتضي إطلاق التعاون الأمني والاستخباري بين البلدين لما فيه مصلحة أمن المنطقة المتوسطية برمتها"، لافتاً إلى أن على فرنسا أن "تراجع بشكل جذري تعاملها مع قضايا التأشيرات وفسح المجال للمغاربة للحصول على التأشيرة من أجل العمل وغيره من الأغراض الأخرى التي تتطلب من المغاربة زيارة فرنسا".

ويذهب الباحث المغربي إلى أن القرار الاستراتيجي الفرنسي الذي تراه الرباط ضرورياً ومحدداً في علاقاتها الخارجية يبقى هو "إقرار فرنسا بمغربية الأقاليم الجنوبية للمملكة، والقطع مع سياسة اللعب على الحبلين في التعامل مع القضية، على اعتبار أن الوضوح والشفافية في الموضوع ركيزة أساسية من ركائز بناء الثقة بين البلدين".

المساهمون