شدد وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الأربعاء، في مقال له في صحيفة "دي فيلت"، على أن ألمانيا لن تبقى صامتة في وجه الفظائع والجرائم ضد الإنسانية التي لا حصر لها في سورية، والتي يتحمل النظام السوري ومن يدعمه من الخارج المسؤولية الأساسية عنها.
دعا ماس إلى ألا تكون هناك نقاط عمياء عند التعامل مع الفظائع التي اقترفها النظام بعد عشر سنوات على الحرب، معتبرًا أن "العدالة للضحايا ضرورية لإعادة بناء سورية مستقرة ومسالمة مع حل سياسي موثوق قابل للحياة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، قائلًا "نحن نحارب من أجل عدم إفلات أتباع النظام من جرائم التعذيب، ولن تغلب جرائمهم رغبة الشعب السوري في الكرامة والعدالة".
وأوضح في مقاله أنه نظراً لخطورة الجرائم، فإن بلاده تؤيد "إعطاء الفرصة للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها وتوجيه التهم للجناة"، مشيراً إلى أن الهدف من توثيق الجرائم إفشال استراتيجية أولئك الذين يعرقلون إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال مجلس الأمن. ولفت إلى أن استخدام الأسلحة الكيميائية، تحت أي ظرف من الظروف، يشكل تهديداً خطيراً للسلام والأمن العالميين.
وتابع قائلًا: "لذلك أيدنا إنشاء آلية الأمم المتحدة للأدلة الخاصة بسورية، والتي ستستخدم لجمع الأدلة وتأمينها للمحاكمات المستقبلية، وهذا أمر حيوي، كما ندعم عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في الصراع السوري".
وأكد ماس أن على الأمم المتحدة تكريس كل طاقاتها لتحقيق نتائج ملموسة، وتقصي المعلومات، خاصة من جماعة النظام، وتقديم حلول لمأساة المعتقلين وأكثر من 100 ألف شخص من المفقودين، معتبرًا أن "مكافحة الإفلات من العقاب ليست مجرد مبدأ، بل واجب أخلاقي سياسي، وهذا مهم من حيث السياسة الأمنية للمجتمع الدولي، كما أنها تعتبر مطلباً أساسياً لتحقيق سلام دائم في سورية، معتبرًا أن البلاد "لن تكون قادرة على التصالح مع ماضيها".
ولم يغفل الوزير الألماني تقدير الجهود التي يبذلها المدافعون عن حقوق الإنسان وموظفو المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، لا سيما وأن هؤلاء يخاطرون بحياتهم لكشف الحقيقة حول الجرائم المرتكبة في سورية، لافتاً إلى أنهم"محميون من قبلنا حيثما كان ذلك ممكناً".
ونوّه إلى الدور الهام الذي تلعبه المحاكم المحلية الأوروبية في ملاحقة مرتكبي الجرائم في سورية، إذ بدأ بعضها بالفعل بإجراءات قانونية ومحاكمات طاولت جناة أدينوا بأحكام نهائية ومطلقة، مذكراً أنه في العام 2016 بدأت السويد بمقاضاة أشخاص على ارتكابهم لجرائم خطيرة في سورية، فضلاً عن معاقبة المحكمة العليا في مدينة كوبلنز الألمانية مؤخراً عضواً سابقاً في المخابرات السورية بتهمة المساعدة والتحريض على الجرائم ضد الإنسانية، ناهيك عن الدعاوى المعلقة في فرنسا، ومن بينها ما تم التقدم بها أخيراً بشأن الهجمات الكيميائية للنظام على شعبه.
علاوة على ذلك، بيّن الوزير الألماني أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الأفراد والمؤسسات المقربة من النظام، والمسؤولين عن اضطهاد الشعب السوري، رافضاً ادعاءات النظام بأن هذه العقوبات هي سبب معاناة الشعب السوري، وسبب الأزمة الاقتصادية الحالية الخانقة هناك، مشيرًا إلى أن النظام قد أهمل واستنزف القطاعات بشكل صارخ.
تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا تعهدت، أمس الثلاثاء، خلال مؤتمر بروكسل الخامس حول دعم سورية والمنطقة، والذي انعقد افتراضياً بسبب جائحة كورونا، وشاركت فيه أكثر من 50 دولة، بالمساهمة بـ1,74 مليار يورو كان يفترض أن تمنح لمساندة اللاجئين السوريين في محنتهم وتوفير الرعاية الصحية والتعليم للأطفال.