يتحضّر وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عصام شرف الدين لزيارة دمشق ولقاءِ مسؤولين من النظام السوري بتكليفٍ رسميٍّ من السلطات اللبنانية لبحثِ خطة عودة اللاجئين السوريين، الذين تصرّ الدولة اللبنانية على توصيفهم بالنازحين، في "مشهدية" تتكرّر في الفترة الأخيرة، خصوصاً من بوابة ملف "الطاقة والغاز" بين الطرفَيْن السوري واللبناني.
وسبق لوفدٍ لبناني أن قام، في سبتمبر/أيلول الماضي، بجولةٍ سورية اعتبرت أول زيارة رفيعة المستوى لبنانياً إلى دمشق منذ عام 2011، إذ مثَّلَ حكومة حسان دياب بينما كانت في مرحلة تصريف الأعمال، لبحثِ ملف استجرار الطاقة والغاز من مصر والأردن عبر سورية، والذي رغم توقيع اتفاقيته قبل أيامٍ في بيروت فإنه ما زال ينتظر الضوء الأخضر الأميركي لإبعاده عن العقوبات الأميركية جراء قانون قيصر، الذي ينص على فرض عقوبات هي الأقسى من نوعها على نظام بشار الأسد وداعميه ومموليه.
وكانت الزيارات من الجانب اللبناني تقتصر منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 على الصفة الفردية وشخصيات تدور في فلك "حزب الله" و"حركة أمل" بقيادة رئيس البرلمان نبيه بري، سياسية كانت أو أمنية.
ويقول وزير المهجرين اللبناني لـ"العربي الجديد": "حصلت على مواقفة رسمية من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال والمكلف بتشكيل حكومة جديدة نجيب ميقاتي، لزيارة دمشق بعد عطلة عيد الأضحى، وسألتقي بالدرجة الأولى وزير الإدارة المحلية في سورية، الذي كنت قد لمست منه إيجابية كبيرة لناحية مدّ الدولة السورية يدها للتعاون وحلّ الأزمة".
ويشير شرف الدين إلى أنه مفوّض من قبل الدولة اللبنانية في الملف، و"كنت قد دعيت وزير الشؤون الاجتماعية للانضمام إليّ، لكنه قال لي أنت مفوّض تحكي باسمي وباسم الدولة، وذلك باعتباري الوزير المعني بخطة العودة، ولا مانع من أن ينضمّ أي شخص إلى الجولة، في حال أراد مثلاً الرئيس ميقاتي تكليف شخصيات بهذا الصدد".
وعن توقيت الزيارة، يقول شرف الدين: "كان يجب أن تحصل من قبل، واليوم بحكم أنني موجود في الحكومة والانتخابات النيابية انتهت في لبنان، وبعدما أصبحت العودة ممكنة وآمنة إلى سورية، حرّكت الملف الذي هو ذو طابع إنساني ووجداني، ولقيت تجاوباً لبنانياً في ذلك، إذ يجب التركيز عليه ووضعه ضمن الأولويات، لأن لبنان لم يعد أيضاً قادراً على تحمّل أعباء مليون ونصف مليون نازح سوري، خصوصاً في ظلِّ الضائقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد".
وحول تداعيات زيارة دمشق والتواصل مع مسؤولين في النظام السوري، وما إذا كان ذلك يضع لبنان تحت مقصلة "عقوبات قيصر"، سأل شرف الدين: "شو بدن يضغطوا أكثر؟ ما هني ضاغطينا"، معتبراً أن "ملف النازحين يُستخدَم من جانب الأميركيين كورقة ضغط سياسية"، آملاً من الدول الغربية والمانحة والمعنيين إبعاد هذا الموضوع الإنساني عن السياسة.
وأشار شرف الدين إلى أن "خطة الدولة اللبنانية تقوم على إعادة 15 ألف لاجئ سوري شهرياً، وهو عددٌ قابل للتعديل بالنظر إلى القدرة الاستيعابية عند الحكومة السورية، وهو ما سنبحثه أيضاً خلال الزيارة مع ضمان تأمين الظروف الملائمة لعودتهم ومستلزمات العيش والصحة والطبابة والدراسة والإيواء".
من جهة ثانية، أكد الوزير اللبناني أن الخطة تحمي العائدين من الملاحقات الأمنية، وبالتالي يطاولها قانون العفو العام الذي كانت سورية قد أقرّته، وكان يعدّ من الأسباب التي تعرقل تنفيذ الخطة سابقاً، عدا عن أنها تضمن بتفاصيلها العودة الآمنة والكريمة.
وتوقف شرف الدين عند موقف مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي "رفضت طرحنا أن يتلقى النازحون المساعدات المادية والعينية في سورية"، من هنا كان موقف الرئيس ميقاتي عالي النبرة، بقوله إن لبنان من الممكن أن يلجأ إلى إخراج السوريين بالطرق القانونية في حال لم يتعاون معه المجتمع الدولي لإعادتهم إلى بلادهم.
ويعيش لبنان صراعاً سياسياً داخلياً من بوابة ملف اللاجئين والعلاقة مع النظام السوري والأطر الواجب اتباعها على صعيد العودة الآمنة، مع رفض فرقاء سياسيين معارضين أي تواصل مع نظام بشار الأسد.