وزيرة خارجية فرنسا تجول على مسؤولي لبنان: تفاؤل بشأن المرحلة المقبلة

14 أكتوبر 2022
شددت كولونا على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم حصول أي فراغ (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

شددت وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، خلال لقائها المسؤولين اللبنانيين، اليوم الجمعة، على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتأمين حسن سير العمل في مؤسسات الدولة اللبنانية، وإتمام الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مشيدة بإنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل.

واستهلّت الوزيرة الفرنسية لقاءاتها باجتماع مع الرئيس ميشال عون، قبل أن تلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فرئيس البرلمان نبيه بري، وأكدت في مجمل لقاءاتها، مخاطر حصول الفراغ الرئاسي، وأهمية إجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وقال مصدرٌ دبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد"، إنّ "وزيرة الخارجية الفرنسية نقلت إلى المسؤولين اللبنانيين تأكيد الرئيس إيمانويل ماكرون على وقوف فرنسا إلى جانب لبنان والشعب اللبناني، وإنه يعوّل على إدراك القادة السياسيين لخطورة الأزمة من أجل وضع خلافاتهم جانباً، والالتزام بالاستحقاقات الدستورية لما لتعطيلها من ارتدادات سلبية على الكثير من الملفات، بما فيها اتفاق ترسيم الحدود الذي يحتاج لاستقرار سياسي ومؤسسات عاملة غير معطّلة".

المصدر الدبلوماسي: فرنسا تنظر بتفاؤل إلى المرحلة المقبلة لبنانياً، في حال إجراء انتخابات رئاسية في وقتٍ قريب وتشكيل حكومة جديدة

وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أنّ "فرنسا تنظر بتفاؤل إلى المرحلة المقبلة لبنانياً، في حال إجراء انتخابات رئاسية في وقتٍ قريب وتشكيل حكومة جديدة، خصوصاً بعد إتمام اتفاق الترسيم، الذي كان للفرنسيين دور كبير في إزالة الكثير من العراقيل التي حامت حوله، وسيستكملون دورهم ربطاً بالعلاقة التعاقدية بين لبنان وشركة توتال الفرنسية، وهو ملف كان على طاولة البحث في لقاءات وزيرة الخارجية الفرنسية"، مؤكداً أنّ "المطلوب كخطوة ثانية، إتمام الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، باعتباره الحلّ الأسرع للنهوض الاقتصادي".

ولفت المصدر إلى أنّ "المجتمع الدولي، إذ يشيد باتفاق ترسيم الحدود، إلا أنّه في المقابل ينتقد طريقة تعاطي السلطات في لبنان مع الأزمة الاقتصادية المعيشية الخطيرة، إذ بعد مرور 3 سنوات، لم تقدم بعد على أي خطوة إصلاحية، بما في ذلك تعهداتها للصندوق منذ إبريل/ نيسان الماضي، خلال التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء، ويأمل في أن يكون إقرار مشاريع القوانين الإصلاحية منحازاً إلى مصلحة الشعب بالدرجة الأولى، لا أن يصار إلى إقرارها عشوائياً إرضاءً للصندوق".

وأبلغ عون وزيرة خارجية فرنسا خلال استقباله لها، أن "موافقة لبنان على الصيغة النهائية التي أعدّها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ستشكل مدخلاً أساسياً لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، وستساهم في النهوض الاقتصادي اللبناني من جديد والانطلاق في ورشة إعادة الإعمار".

وأكد "العمل من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، فضلاً عن سعيه إلى تشكيل حكومة جديدة، لا سيما وأن الوقت لا يعمل لمصلحة لبنان، في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها". وطلب عون من الوزيرة الفرنسية مساعدة فرنسا في موضوع إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية خلال لقائها عون وفق ما نقل عنها مكتبه الإعلامي، إن "الرئيس الفرنسي يسعى لدى كل الدول الصديقة لمساعدة لبنان"، لافتةً إلى أنه "بعد انتهاء مفاوضات الترسيم، باتت زيارتها إلى لبنان تدور في أجواء أكثر إيجابية، وبعد موافقة لبنان ستبدأ شركة توتال عملها في الكشف والتأكد من نوعية النفط الموجود، وأن الأمور ستسير على الطريق الصحيح".

وإذ أكدت كولونا "تمسك بلادها بصداقتها مع لبنان، خصوصاً في الأوقات الصعبة"، تمنّت أن "يتمكن اللبنانيون من تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإقرار الإصلاحات الضرورية للنهوض الاقتصادي".

كما اعتبرت أن "اجراء الإصلاحات اللازمة واحترام المواعيد الدستورية، سيكون بمثابة رسالة إيجابية للدول التي تعاني بدورها من أزمات باتت معروفة، كي تبدأ في المبادرة للمساعدة"، مشددة على دور مجلس النواب في إقرار القوانين الإصلاحية اللازمة.

وفي ختام زيارتها إلى لبنان، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحافي عقدته من مطار بيروت الدولي، إنه "يجب احترام الاستحقاقات الدستورية فهذا ضرورة أساسية للبنان"، مشددة على أن "لبنان لم يعد يستطيع أن يتحمّل خطر فراغ في السلطة وعلى القادة اللبنانيين أن يكونوا على مستوى مسؤولياتهم الدستورية".

ولفتت إلى أن "التحدي يكون في تجنب أي فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وهو موقف نشاركه مع كل أصدقاء لبنان"، مؤكدة أن "اختيار الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم"، داعيةً إلى "انتخاب رئيس يعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطي الأزمة الحالية وضمان استقرار وازدهار وأمن وسلامة لبنان، وهو موقف موحد لكل أصدقاء لبنان وضمنهم فرنسا".

كذلك، تطرقت كولونا إلى ملف انفجار مرفأ بيروت، ولفتت إلى أنه بعد عامين من الانفجار، الشعب ينتظر العدالة وعلى السلطة القضائية أن تتابع عملها في التحقيق بمنأى عن أي تأثيرات سياسية.

وأردفت وزيرة خارجية فرنسا "البلد في وضع صعب للغاية، وطارئ، والوقت مهم واليقظة مطلوبة"، لافتة إلى أنه صحيح أن لبنان وقع اتفاقاً تاريخياً لترسيم الحدود البحرية، ولكنه لا يحل مكان الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تبقى ضرورية، والأولوية هي لتطبيق الاتفاقية التي تم التوصل إليها مع صندوق النقد الدولي، فهو الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة للمستثمرين في القطاع الخاص، وللإتيان لهذا البلد بالتمويل الذي يحتاجه لمواجهة تدهور الخدمات العامة، ولإعادة اطلاق نشاطات وعمل المؤسسات، إذ من غير المقبول أن يستمر الشعب في تحمّل عواقب أزمة ليس مسؤولاً عنها".

تجدر الإشارة إلى أنه في 11 إبريل، تم الإعلان عن توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية مع لبنان، للاستفادة من تسهيل الصندوق الممدّد لمدة أربع سنوات، مع طلب إتاحة موارد من الصندوق بقيمة 2173.9 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أي ما يعادل 3 مليارات دولار أميركي، على أن يكون ذلك مشروطاً بقيام الجانب اللبناني بجملة تعهدات على مستوى إقرار قوانين إصلاحية تضع حداً للفساد والهدر في مؤسسات وقطاعات الدولة.

وقام المسؤولون اللبنانيون ببعض الخطوات المطلوبة في إطار الاتفاق، أبرزها على مستوى إقرار البرلمان موازنة العام 2022، بيد أنها لاقت انتقادات واسعة، باعتبارها تفاقم معاناة الناس، وتأتي على حسابهم، ووُضعت بعيداً عن أي خطة تعاف مالي واقتصادي، وأرقامها وهمية عشوائية ولا تحاكي الواقع، مع الإشارة إلى أن القانون المقرّ لا يزال يحتاج إلى توقيع الرئيس عون.

وخلال اللقاء بين وزيرة الخارجية الفرنسية ورئيس حكومة تصريف الأعمال، جدّد ميقاتي "شكر فرنسا على وقوفها الدائم إلى جانب لبنان ودعمها له على الصعد كافة، وعلى العلاقة الخاصة بين فرنسا والشعب اللبناني، والتي يعبّر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كل المحافل الدولية".

وبحسب بيان صادر عن مكتب ميقاتي الإعلامي، فإنّ وزيرة خارجية فرنسا شددت على "وجوب إتمام الاستحقاقات الدستورية اللبنانية في موعدها، ووجوب استكمال الإصلاحات الضرورية للانتقال إلى التوقيع النهائي لاتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي".

وقالت كولونا إنّ "المجتمع الدولي ككل يتطلع إلى إتمام عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لعدم حصول أي فراغ قد يضعف الموقف اللبناني في إدارة عمليات التفاوض لحلّ أزماته ومعالجة الملفات الضرورية".

كذلك، طلب ميقاتي من الوزيرة الفرنسية مؤازرة بلادها لبنان في حلّ أزمة اللاجئين السوريين على أرضه، وإعادتهم إلى بلادهم.

المساهمون