وزير تونسي سابق يعتصم في مطار قرطاج مع أفراد أسرته بعد منعهم من السفر

19 اغسطس 2022
منع نور الدين الخادمي من السفر 8 مرات (Getty)
+ الخط -

أكد وزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي، لـ"العربي الجديد" أنّه "معتصم بمطار تونس قرطاج برفقة عائلته، وذلك بعد منعه من السفر ثماني مرات دون موجب قانوني ولا إذن قضائي، ولكن بموجب ما يعرف بالاستشارة قبل العبور".

وقال الخادمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "منع من السفر سبع مرات، واليوم هذه التجربة الثامنة مع أفراد عائلتي، وأنا معطل عن السفر دون أي حكم قضائي أو سبب قانوني"، مشددا على أن "مصالحه معطلة منذ 35 يوما ودراسة ابنته الجامعية متعثرة وعائلته مشتتة".

وأكد الخادمي أنه "اتصل بالجهات التنفيذية والقضائية للاستفسار، بداية بوزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية وبالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والوحدة الوطنية للتحقيق في قضايا الإرهاب وبجميع المؤسسات المعنية أمنيا وقضائيا، ولا يوجد أي تتبع قانوني أو حكم قضائي ضده".

واعتبر أنه "ممنوع من السفر بمفعول الاستشارة قبل العبور التي لم تبن على حكم قضائي، حيث يتم الاطلاع على الجواز وقبل التأشير بالعبور يتم تسليم الجواز للمسؤول الأمني الذي يستشير جهة لا نعلمها ولا يتم إعلامنا بهذه الجهة حتى نستفسر منها، هو يتلقى منها تعليمات فقط بصدّنا عن السفر دون تفسير".

واعتبر الخادمي أن "هذا الإجراء تعسفي في شخصي وفي حق عائلتي ومظلمة تسببت لي بمضيعة أعمالي وتعب وعدم استقرار نفسي، وابنتي في أزمة نفسية حادة بسبب ما نتعرض له".

ومضى قائلا: "تم الاعتداء على حقي في السفر، وهو حق دستوري وشرعي وإنساني، وهو حق كفله الله لخلقه "قل سيروا في الأرض"، والدساتير والقوانين تكفله وتنظمه ولا يجوز لأي جهة أن تمنع حرية السفر إلا بحكم قضائي".

وتوجه عضو مجلس الشعب المنحل ماهر المذيوب، بنداء إلى الجامعيين والحقوقيين في العالم لمساندة الخادمي، قال فيه إن السلطات منعت الخادمي من السفر والعمل بالخارج منذ أكثر من 30 يوما وفي 7 مرات متتالية إلى إحدى دول الخليج العربي، حيث يرأس وحدة للبحوث في إحدى أهم جامعاتها المرموقة".

وقال: "الخادمي مهدد في صحته وفقدان عمله، وأبناؤه مهددون بحرمانهم من استكمال دراستهم". 

وتصاعد استعمال إجراء "الاستشارة الأمنية قبل العبور"، المعروفة في تونس بملحوظة "أس 17" على سياسيين ونواب ووزراء ونشطاء وقضاة بشكل كبير بعد 25 جويلية/يوليو، وذلك لمنعهم من مغادرة البلاد.

واعتمد نظام بن علي قبل الثورة هذا الإجراء، حيث سلط قرارات تحجير السفر على معارضين ومنتمين لأحزاب وتيارات فكرية محظورة من النظام الحاكم، في إطار ما وصفته السلطات وقتها بحماية أمن الدولة. 

وتلقت المحكمة الإدارية العديد من طلبات إبطال هذا الإجراء، وأنصفت المحكمة في بعض الملفات عدداً من الشاكين على غرار القاضية إيمان العبيدي والناشط إسكندر الرقيق.. فيما ما زالت شكايات أخرى محل نظر. 

وأكد القاضي والمتحدث الرسمي باسم المحكمة الإدارية في تونس عماد الغابري، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد" أن المحكمة الإدارية سبق وأبطلت قرارات منع السفر، قائلا أن "للقضاء الإداري سابقية أحكام وفقه قضاء في ما يتعلق بالمنع من السفر، وقد تم الحكم بإبطال هذا الإجراء لمخالفته الدستور سابقاً".

وفسر القاضي بالمحكمة الإدارية أن "توقيف التنفيذ يستند إلى أن إجراء المنع من السفر تسلط على حق من الحقوق الدستورية المنصوص عليها بالدستور، والقاعدة الدستورية تنص على أنه لا يمكن الحد من الحقوق إلا بمقتضى قانون أو نص تشريعي، وبالتالي لا يمكن الحد من الحقوق بقرارات إدارية".

وكانت النائبة عن التيار الديمقراطي أمل السعيدي قد منعت، الأربعاء الماضي، من تجديد جواز سفرها، لتنضاف بذلك إلى عدد من النواب الذين يواجهون انتهاكات لحقوقهم الدستورية، في سياق منعهم من السفر. 

وأكد الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، أن "باعث الجمهورية الجديدة (يقصد الرئيس قيس سعيّد) يواصل خرقه لحقوق الناس بمنع النائبة والمواطنة أمل السعيدي من حقها في تجديد جواز سفرها"، مضيفا، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، أنها "جمهورية جديدة، جمهورية مارقة".

ووجهت انتقادات لاذعة لرئيس الجمهورية حول انتهاك الحقوق والحريات وتجاوز الدستور في علاقة بموضوع منع السفر عبر تعليمات أمنية ودون موجب قضائي، فتفاعلت الرئاسة في بلاغ رسمي، نشر نهاية العام الماضي، قالت فيه إن "رئيس الجمهورية قيس سعيّد أسدى تعليماته للمكلف بتسيير وزارة الداخلية، بألا يتمّ منع أي شخص من السفر إلا إذا كان موضوع بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو تفتيش".

وشدد رئيس الدولة على أن "يتمّ ذلك في كنف الاحترام الكامل للقانون، والحفاظ على كرامة الجميع ومراعاة التزامات المسافرين بالخارج".

وأوضح سعيد أن "ما يُروّج من سوء المعاملة هو من محض افتراء من لم يكفهم الافتراء في الأرض، بل يريدون الافتراء حتى وهم في الأجواء".

المساهمون