واشنطن والموقف من مبادرة الصين في أوكرانيا: تمويه لمد موسكو بالسلاح

27 فبراير 2023
تعاملت الإدارة الأميركية مع المبادرة الصينية على أنها "مفخخة" (Getty)
+ الخط -

حذر مساعد الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان، اليوم الاثنين، الصين من عواقب تزويد روسيا بـ"أسلحة فتاكة"، وكشف في ثلاث مقابلات متلفزة ومتتالية عن توجس الإدارة الأميركية من نوايا بكين في هذا الاتجاه، ولو أنه "لا دليل حتى الآن على قيامها بهذه الخطوة".

من جانبه، تحدث مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز، عن التخوف الأميركي من أنّ تكون الصين قد تمول روسيا في حربها على أوكرانيا، مسلطاً المزيد من الأضواء على جوانبه، إذ كشف بأن وكالة الاستخبارات المركزية "بدأت تجمع المعلومات الاستخباراتية التي تفيد بأن الصين تفكر في توفير أسلحة مقاتلة" لروسيا، مضيفاً: "لكن هذا لا يعني أنها اتخذت القرار النهائي في هذا الشأن".

وتابع مدير الوكالة: "إننا واثقون من أن الرئيس الصيني ينظر في مسألة توفير هذه الأسلحة" لروسيا.

وكانت تقارير عديدة قد ذكرت أن تلك المعدات تشمل المسيرات الكاميكازية، وقطع غيار للطائرات الحربية، وغيرها من الأسلحة، كما كان الوزير أنتوني بلينكن قد أشار إلى معلومات في هذا الخصوص تفيد بأن بكين عاكفة على "النظر" في هذا الموضوع، حسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس.

ويبدو أن الإدارة الأميركية أرادت من هذا التركيز العلني المكثف على الموضوع، "ردع" الصين على مستوى الخطاب ومنعها من المضي في هذا الخيار، وربما أرادت أيضاً إرباك بكين من خلال إعطائها شعوراً بأنها مخترقة، في حال كان ما روجته واشنطن صحيحاً، وهذا بدوره قد يحمل القيادة الصينية على التردد في موضوع تسليح موسكو.

وكان من اللافت أن يتزامن فتح هذا الموضوع مع إعلان الصين عن مبادرتها لوقف إطلاق النار، وطرح مشروع من 12 نقطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، الذي بدا أنه جرى التوافق حوله مع موسكو خلال زيارة وزير الخارجية الصيني، الأسبوع الماضي، ولقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتعاملت الإدارة الأميركية مع هذه المبادرة على أساس أنها مفخخة، إذ أعربت وزارة الخارجية عن "تشكيكها" فيها، وفي اليوم التالي خلال كلمته في مجلس الأمن الدولي، وصف الوزير أنتوني بلينكن بند وقف إطلاق النار بأنه أشبه بمنح روسيا "استراحة لإعادة تنظيم قواتها وتسليحها لاستئناف الحرب".

ولعل الإدارة الأميركية كانت تسعى، من خلال هذه التصريحات، إلى حرف الأنظار عن طبخة التسليح التي لا تقوى الصين على الإجهار بها، لما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية على صعيد علاقاتها ومصالحها الكبيرة مع الأوروبيين والأميركيين، وهذا ما أبقاها على الحياد عسكرياً طوال السنة الأولى من الحرب، لكن يبدو أنّ هذه الأخيرة وصلت الآن إلى نقطة فاصلة في ضوء التعثر الميداني الروسي، حسب التقديرات الأميركية، وبما ينذر باحتدام المواجهة وتوسعها، وهذا سيناريو لا يتوافق مع المصالح الصينية.

من ناحية أخرى، فإن موسكو حليف استراتيجي للصين، ويبدو أن بكين لا تقوى على القبول بهزيمتها، لكنها في الوقت ذاته لا تريد الانغماس علناً في الحرب، إلا إذا قررت "إشغال الغرب وإغراقه بحرب استنزاف طويلة، وهذا خيار يخدم مصالحها" البعيدة، إذ قد تندفع الصين حينها نحو الدعم العسكري المكشوف لروسيا، وهذا سيناريو "ممكن" حسب بيرنز. 

ومن خلال المؤشرات السابقة، يبدو أنّ هذه الحرب تدخل عامها الثاني ليس فقط بدون أي أفق لإنهائها، بل على العكس تماماً، بآفاق مفتوحة على التصعيد وعدم التراجع، إذ إنّ بوتين "المهووس بالأرض الأم" كما يقول السفير الأميركي السابق في موسكو جون سوليفان، ليس في وارد التزحزح عن تطلعاته "القيصرية"، بينما لا تقوى واشنطن على القبول بأقل من إنهاء حربه في أوكرانيا، وإلا انتهت بدخولها ومعها حلف الأطلسي إلى هذه الحرب.

المساهمون