قبل أقل من أسبوع على القمة التي جمعت الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين في يونيو/حزيران الماضي في سويسرا، أمر البيت الأبيض البنتاغون بتأجيل تجربة مخطط لها منذ فترة طويلة، لصاروخ "فرط صوتي" (هايبر سونيك)، تفادياً لإثارة التوترات مع موسكو.
وقال ثلاثة أشخاص تحدثوا إلى صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، بينهم مسؤول دفاع ومساعد كبير في الكونغرس، إن موظفاً رفيع المستوى في البيت الأبيض تواصل مع مكتب وزير الدفاع لطلب تأجيل التجربة، مشيرة إلى أن بايدن كان في تلك الفترة يحضر لمحادثات صعبة مع نظيره الروسي، وكان المسؤولون قلقين من أن تؤدي التجربة الصاروخية لإرسال إشارة خاطئة، أو نسف الاجتماع.
#NatSecDaily SCOOP: The White House had DOD delay a hypersonic missile test within a week of the Biden-Putin summit to not raise tensions before the meeting https://t.co/HFWm3kUSnd
— Alex Ward (@alexbward) October 28, 2021
وذكر مسؤول الدفاع أنّ الروس أيضاً لم يقوموا بأمور مستفزة قبل ذلك الاجتماع، معتبراً أن الموضوع ليس غريباً على الإطلاق للتحضير للقاء.
وتحدثت المصادر لـ"بوليتيكو" شرط عدم الكشف عن هويتها لحساسية الموضوع. وفي وقت قال متحدث باسم البيت الأبيض إن رواية الصحيفة غير دقيقة، امتنع البنتاغون عن التعليق. ولم يذكر أحد بالتفصيل من قدّم الطلب لتعليق التجربة، أو من تسلمه من البنتاغون.
ولم تتطرق أول قمة للرئيسين الأميركي والروسي في يونيو من هذا العام في جنيف، لِطَيف واسع من الملفات، إلا أنّ البيان الختامي المشترك لم يتناول سوى قضايا الرقابة على الأسلحة الاستراتيجية والحد من مخاطر نشوب نزاع نووي. ولفت بوتين وبايدن، في بيانهما، إلى أنّ روسيا والولايات المتحدة، حتى في سنوات التوتر، أظهرتا قدرتهما على تحقيق أهداف مشتركة لضمان الاستقرار الاستراتيجي.
ويأتي تقرير "بوليتيكو" بالتزامن مع اتخاذ الصراع الأميركي ـ الصيني مساراً أكثر حدّة، بعد كشف صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية أخيراً أن الصين اختبرت سلاحاً في أغسطس/ آب الماضي، شقّ طريقه عبر الفضاء ودار حول الأرض، قبل النزول صوب هدفه، الذي أخطأه في نهاية المطاف. وعلى الرغم من نفي بكين تقرير الصحيفة، تزايدت المخاوف بعد الكشف أن الصاروخ قادر على حمل رؤوس نووية، وهو ما دفع الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الأربعاء الماضي، إلى إبداء قلقه بشأن الصواريخ "فرط صوتية" (هايبر سونيك).
وينطلق هذا النوع من الصواريخ في الطبقات العليا للغلاف الجوي بسرعات تزيد عن خمسة أضعاف سرعة الصوت، أو نحو 6200 كيلومتر في الساعة. وكانت الصين قد عرضت في 2019 صاروخاً أسرع من الصوت أطلقت عليه اسم "دي أف ـ 17". ويمكن لهذا السلاح متوسط المدى (حوالى ألفي كيلومتر)، ويشبه "طائرة شراعية"، حمل رؤوس حربية نووية. لكن الصاروخ الذي تحدثت عنه "فايننشال تايمز" يختلف عن "دي أف ـ 17"، إذ يمكن أن يصل إلى الفضاء ويوضع في المدار، ثم يمر عبر الغلاف الجوي قبل أن يصيب هدفه. وسبق أن أعلن الروس عن صواريخ "تسيركون" التي تُطلق من غواصة، وصواريخ "أفانغارد".
وكان الصاروخ الصيني "صرخة يقظة" بتعبير النائب الديمقراطي روبن غاليغو، إذ أقرّ، خلال ندوة له بحكم عضويته في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، بأنّ أميركا "متأخرة في استثماراتها البحثية في هذا السلاح ولم تكن لديها القدرات الاستخباراتية اللازمة لإشعارها قبل الوقت بمثل هذا التطور".
وقال كلون كيتشن الباحث بمعهد الأبحاث الأميركي للسياسات العامة بواشنطن عن هذه التجربة "صار هناك ما يحمل على الاعتقاد بأنّ الصين تفوقت على أميركا في هذا السلاح"، معتبراً أنّ هذا "التهديد الهائل هو تذكير قوي بأنّ التفوق العسكري الأميركي ليس أمراً حتمياً".