هل يمهد اتفاق اللجنة الدستورية المبدئي لتوافق حول الإطار الدستوري للانتخابات الليبية؟

21 مايو 2022
تشكيك بمبالغة ستيفاني وليامز في التفاؤل بالاتفاق حول مسودة الدستور (تويتر)
+ الخط -

أعلنت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، مساء الجمعة، عن اتفاق اللجنة المشتركة المشكلة من مجلسي النواب والدولة حول 70% من مواد مسودة الدستور، ليسود تساؤل حول مصير باقي المواد، وبالأخص ما إذا كان تم الاتفاق حول الجدلية منها، وفتح الباب أمام إجراء الاستحقاقات الانتخابية.

وكانت البعثة الأممية للدعم في ليبيا قد نقلت عن وليامز، في كلمتها أمام أعضاء اللجنة إثر اختتام أعمال الجولة الثانية في القاهرة حول المسار الدستوري، تأكيدها اتفاق اللجنة على 137 مادة من مواد مسودة الدستور. ويتكون مشروع الدستور الذي أقرته الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور عام 2017، من 197 مادة، ولم تحدد وليامز المواد المتوافق عليها بين أعضاء اللجنة من مجمل مواد مشروع الدستور.

وأعربت وليامز عن سرورها بتمكن اللجنة من التوصل إلى "توافق مبدئي"، وقالت "لقد شهدت الأيام الستة الماضية مشاورات مكثفة ومناقشات إيجابية فيما بينكم، حول المسار الدستوري. ولقد أسعدني بشكل خاص أنكم تمكنتم من الاتفاق على الباب الثاني المعني بالحقوق والحريات، فضلاً عن البابين الخاصين بالسلطة التشريعية والقضائية باستثناء عدد قليل من المواد لا يتعدّى أصابع اليد الواحدة".

وأضافت "في الواقع، لقد تمكنتم من التوصل إلى اتفاق مبدئي على العديد من مواد مسودة الدستور، وهذا يُظهر مدى التزامكم. وأنا أحثكم بشدة على مواصلة مشاوراتكم للتوصل إلى توافق نهائي بشأن المواد المتبقية".

وفي تعليق لأستاذ القانون الدستوري بالجامعة الليبية، سليمان الرطيل، على ذلك، قال إن وليامز استخدمت ضمن كلمتها توصيفاً يعكس عدم وجود تقدم حقيقي في مباحثات المسار الدستوري، مشيراً إلى أنها قالت "ما يجري هنا هو عمل مستمر (لم يكتمل)".

وأضاف متحدثاً لـ "العربي الجديد": "وليامز تعلم تماماً أن المحادثات لم تسفر عن شيء ملموس ولكنها أعطت الرأي العام جرعة مسكنة، وقد أضافت كلمة عمل مستمر (لم يكتمل) في آخر خطابها حتى لا تتهم بالمبالغة".

وتابع "وقد بالغت فعلاً، فكلنا يعلم أن المواد الخلافية في مسودة الدستور لا تتعدى نقاطاً بسيطة، لكنها مؤثرة في سياق الأحداث الجارية، وخاصة في تحديد من يحق له الترشح لرئاسة الدولة"، مشيراً إلى أن عدد المواد التي أعلنت عن التوافق حولها لم يقم حولها خلاف أصلاً، وأن العدد المتبقي والمؤجل للجولة المقبلة هو محل الخلاف.

واستبعد الرطيل قدرة اللجنة على الاتفاق حول المواد الخلافية خلال الجولة المقبلة من مباحثات اللجنة والتي تقرر عقدها في القاهرة يوم 11 يونيو/ حزيران المقبل.

الرأي نفسه ذهب إليه الباحث في الشأن السياسي والدستوري، محمد محفوظ، قائلاً إن "التصريحات المتعلقة بتوافق اللجنة المشتركة والتي أعلنت عنها وليامز وأعضاء اللجنة من الجانبين أخذت منحى إيجابياً يفوق الواقع".

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد": "في تقديري أن كل هذا يأتي في إطار التسويق الإعلامي الرخيص الموجه للناس، لأن المواد التي تم الاتفاق عليها ليست محل خلاف منذ البداية، وهي المتعلقة بالحقوق والحريات والسلطة التشريعية والقضائية".

جدل القاعدة الدستورية

ويرى محفوظ أن مواد الخلاف الحقيقية ترتبط بعدة نقاط، أهمها: شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، ومهام وصلاحيات الرئيس، ومقر السلطة التشريعية وعاصمة البلاد، بالإضافة لمواد تتعلق بالهوية واللغة والعلم والنشيد. ويصف محفوظ هذه المواد بالأساسية، ويتوقع "صعوبة التوافق حولها من الجانبين".

وضمن تصريحه، يسرد محفوظ جزئية خلاف أخرى يتوقع اتساعها لاحقاً، قائلاً "لقد تم الاتفاق على أن تكون مسودة الدستور هي القاعدة الدستورية التي ستجرى بموجبها الانتخابات المقبلة، ويؤجل الاستفتاء عليها كاملة إلى ما بعد هذه الدورة الانتخابية المقبلة، ولكن الواضح أن هناك مجموعة من أعضاء مجلس النواب ومنهم من هم موجودون باللجنة ما زالوا يقولون إنه بعد هذه التعديلات سيجرى الاستفتاء لتكون المسودة هي الدستور الدائم، ومن هنا يأتي التباعد في المواقف والتصريحات، وهذه دلالة واضحة على عدم وجود توافق بين المجلسين (النواب والدولة)".

ويستشهد محفوظ في هذا الشأن بموقف الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، قائلاً إن "موقف الهيئة واضح، لقد رفضت حتى المشاركة في تعديل المسودة، ولديها حجة قانونية واقعية تستند إلى أن مسودة الدستور أصبحت ملكاً للشعب الليبي، وليس لأي أحد الحق في تعديله حتى الهيئة نفسها، طالما لم يُستفتَ عليها".

يذكر أن مسودة الدستور أعدت من قبل الهيئة التأسيسية المنتخبة منتصف عام 2014، وفي يوليو/ تموز 2017 صوتت الهيئة لصالح المسودة، وأحالتها لمجلس النواب، الذي أحال بدوره نهاية عام 2018 قانون الاستفتاء إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، دون أن يجرى الاستفتاء عليها.

وفي أكثر من مناسبة، أعلنت هيئة الدستور رفضها فتح المسودة من قبل أي جهة، قبل التصويت عليها من قبل الشعب.

وتحتكم ليبيا حاليا إلى إعلان دستوري أصدره المجلس الوطني الانتقالي عام 2011، وأجريت عليه لاحقاً عدة التعديلات من قبل المؤتمر الوطني العام السابق، ومجلس النواب.

مصير المواد الخلافية

وفيما لم يصدر حتى صباح اليوم أي تعليق رسمي من قبل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور حيال نتائج الجولة الثانية للجنة الدستورية، قال عضو الهيئة عمر النعاس "لا يحق لأحد فتح مسودة الدستور ويجب عرضها مباشرة على الشعب صاحب الحق الوحيد في إقرارها أو رفضها".

وأوضح في تصريح لـ"العربي الجديد" "حتى صياغة قاعدة دستورية ستكون إجراء غير صحيح، لأنها ستقر بعيداً عن رأي الشعب، وقد تعدل بعيداً عنه أيضاً، وهذا لا يجوز. أما الدستور، فسيكون مصدره الشعب صاحب السلطات، وفي بنوده كل ما ينظم الحياة السياسية، ومن ضمنها الانتخابات".

وفيما يخص تعديل مواد في المسودة تُوصف بالخلافية، شدد النعاس على أن "مسودة الدستور تم التصويت عليها بشكل صحيح من قبل الهيئة، وتم أيضاً رفض الطعون المقدمة ضدها، وليس من حق أي شخص أو جهة وصف أي مادة من مواد الدستور بالخلافية قبل الاستفتاء. وفي حال رفض الشعب للمسودة من خلال استفتاء عام، ستقوم الهيئة بتعديل المسودة".

من جانبه رحب رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، "بالتقارب الحاصل بين مجلسي النواب والدولة بشأن الاستحقاق الدستوري، الذي سيكفل انتقال السلطة وفق انتخابات تتجسد فيها إرادة الشعب الليبي".

وقال "ندعم أي توافق يحصل بين السلطات التشريعية المعنية بالخصوص"، بحسب تغريدة على حسابه على "تويتر".

المساهمون