هل يصادق سعيد على تعديلات المحكمة الدستورية أم يعيدها للبرلمان؟

31 مارس 2021
تنتهي اليوم آجال الطعون على مشروع القانون (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تنتهي، اليوم الأربعاء، آجال تقديم الطعون على مشروع القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية في تونس.

وأوضح النائب المكلف بالإعلام والاتصال بمجلس النواب، ماهر مذيوب، في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا للأنباء"، أمس الثلاثاء، أنّ أجل الطعن المحدد بـ7 أيام، من تاريخ مصادقة البرلمان يوم 25 مارس/ آذار على مشروع قانون تعديل المحكمة الدستورية، ينتهي اليوم، لتتم إحالته على مصالح رئاسة الجمهورية للتوقيع والختم.

وأضاف مذيوب أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد يتولّى التوقيع على مشروع قانون التعديل وختمه في أجل 4 أيام بعد انقضاء آجال تقديم الطعون وفق مقتضيات الفصل 81 من الدستور، مشيراً إلى أنّ تقديم الطعون يكون لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين من قبل رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، أو 30 نائباً في البرلمان.

ولرئيس الجمهورية، وفق نفس الفصل، الحق في ردّ المشروع إلى البرلمان مع التعليل، للتداول ثانية، على أن تكون المصادقة على مشروع القانون الأساسي بأغلبية بثلاثة أخماس المجلس، (أي 131 نائباً من أصل 217 نائباً)، وليس بأغلبية الحاضرين، كما تم في الجلسة السابقة (تم التصويت على التعديلات بـ111 نائباً واحتفاظ 8 بأصواتهم)، وهو ما سيعقد تعديل القانون إذا تمت إعادته للبرلمان لصعوبة الحصول على أغلبية كبيرة؛ نظراً للخلافات العميقة بين الكتل البرلمانية.

ويتساءل مراقبون في تونس عن موقف الرئيس قيس سعيد، وما إذا كان سيصادق على التعديل أم سيعيده من جديد للبرلمان.

وقال الباحث في القانون الدستوري وعضو "الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية"، رابح الخرايفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك رأياً يدفع  نحو عدم إمضاء رئيس الجمهورية لمشروع قانون تنقيح المحكمة الدستورية، وهذا الرأي ينقسم إلى قسمين، قسم يقوده بعض رجال القانون، وجزء يقوده حقوقيون، وخاصة بعض الجمعيات النسائية ممن تعتبر أنّ عدم احترام مشروع القانون للمناصفة التي ينص عليها الدستور، ولتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، يدفع إلى رفضه".

 وأوضخ الخرايفي أنّ "مجلس نواب الشعب كان انتخب امرأة من بين أربعة أعضاء، أما ما بقي من مناصب فهي رجالية، ولو سلمنا بمبدأ المناضفة، فهذا يعني إعادة فتح باب الترشحات مجدداً"، مؤكداً أنّ "مشروع القانون الجديد أتى بإمكانية الترشح الحر، وليس من طرف الكتل، وفي ذلك إزاحة للعديد من العوائق الإجرائية".

وأضاف أنّ "من الخيارات الدستورية أمام رئيس الجمهورية إمضاء القانون، وأنا شخصياً أحبّذ هذا الخيار؛ لأنّ عدم إمضائه يجعل الأمر سابقة قانونية ثانية في تونس، وهذا الأمر سيفتح باب السلطة التقديرية للرئيس، وهي عدم إمضاء القانون"، مشيراً إلى أنّ "هذا الخيار غير محبذ".

وبيّن الخرايفي أنّ هناك ثلاث آليات دستورية أمام سعيد، إما "إرجاع مشروع القانون لقراءة ثانية أمام مجلس الشعب، وهذه الفرضية تقتضي أن يكون التصويت بـ131، وهنا ستتعقد المسألة أكثر. أما الفرضية الثانية فهي الطعن من قبل رئيس الجمهورية في دستورية مشروع القانون أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، ولكن إلى غاية اليوم لم يسجل أي طعن. أما الفرضية الثالثة فتنصّ على عرض القانون على الاستفتاء، وهذا غير محبذ، خاصة وأنّ المسألة لا تتعلق بالحريات الأساسية التي  ينص عليها القانون، وسيدخل هذا الأمر البلاد في دوامة من التعديلات الإجرائية نص عليها الفصل 49 من الدستور في حالات أخرى، وليست هذه الحالة". 

ولاحظ الباحث في القانون الدستوري أنّ "السيناريو الأنسب يبقى إمضاء سعيد للقانون حتى لا يقع في فخ تعطيل إرساء المحكمة الدستورية، فقد يسّر النواب شروط الترشح، وتمت إزالة العوائق الإجرائية، وبذلك هم دفعوا عن أنفسهم تهمة التعطيل، وسيصبح الرئيس هو الذي يعيق تنصيبها، وبالتالي فالفرصة متاحة اليوم أمام رئيس الجمهورية لإمضاء القانون وتعيين الأعضاء الأربعة الموكلين إليه، وسيصبح هو الذي يقود المبادرة السياسية، خاصة إذا عيّنهم قبل يوم 8 إبريل/ نيسان (جلسة انتخاب ثلاثة آعضاء في البرلمان)".

وأشار إلى أنّ "الأمور تسير بسرعة، إذ لاحظنا أنّ سعيد استقبل رئيس المجلس الأعلى للقضاء، واستقبل أساتذة قانون دستوري، وربما يكون بحث مواقفهم وإمكانية تعيين أحدهم، والشخصيات التي استقبلها تولت إعداد مشروع القانون".

واستقبل الرئيس سعيّد، أول أمس الإثنين، رئيس اللجنة التي تولّت إعداد مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالمحكمة الدستورية أمين محفوظ، ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس صغير الزكراوي، والأستاذ بالكلية نفسها إبراهيم الرفاعي.

وتناول اللقاء، بحسب بلاغ للرئاسة، "مناقشة التعديلات المطروحة، وتمّ التركيز، بالخصوص، على الدور الأساسي للمحكمة الدستورية في إرساء دولة القانون بعيداً عن الاعتبارات السياسية، والتأكيد على ضرورة أن تتوفر في هذه المحكمة كل الشروط لتحقيق مقاصدها، ومن بينها الحياد والكفاءة، حتى لا تكون امتدادا لأية جهة سياسية"، وهو ما رجَّح فرضية عدم مصادقة سعيد على التعديلات لدى بعض المراقبين. 

أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ أكد، في تصريح لإذاعة "موزاييك" الخاصة، بعد اللقاء مع سعيد، أنه "تم التداول في مسألة المحكمة الدستورية، وطلب منّي رئيس الجمهورية تقديم الفلسفة التي على أساسها تمّت المصادقة على القانون الأساسي في سنة 2015، والمتعلّق بالمحكمة الدستورية، وكنت رئيس اللجنة التي أعدّت مشروع القانون، وبيّنت له أنّ الفلسفة التي يقوم عليها هذا القانون هي محاولة أن تكون المحكمة الدستورية حجر الزاوية لتمكين تونس من أن تصبح دولة قانون، وهذا هو المعمول به في الدول التي اعتمدت محكمة دستورية، مثل ألمانيا والنمسا وغيرها من الدول، وخاصة احترام نص الدستور الذي ركّز على أنّ المحكمة هيئة قضائيّة تتكون من ذوي الكفاءة، ما يعني تركيز الدستور على الكفاءة، وبالتالي لا يمكن التلاعب مع الكفاءة حتى لا يقع التلاعب بالمحكمة الدستورية، مثلما وقع التلاعب بهيئات أخرى".

وتابع محفوظ: "إذن، مسألة التخفيف في الأغلبية المطلوبة لنيل ثقة مجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء غير كافية ولا توفر الضمانات الكافية لتمرير الكفاءات إلى المحكمة الدستورية. ومن هذا المنطلق كان هناك حرص شديد لرئيس الجمهورية على توفير هذه الضمانات الدستورية، وعلى ضرورة احترام هذه الفلسفة المعمول بها في العديد من الدول، مثل ألمانيا، التي يتم فيها انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية من طرف البرلمان بأغلبية الثلثين".

المساهمون