هل يخضع الاتحاد الأوروبي لحاكم بيلاروسيا؟

23 نوفمبر 2021
رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو (Getty)
+ الخط -

يتفاعل الاتحاد الأوروبي هذه المرة بشكل مختلف مع قضية المهاجرين العالقين عند حدوده الشرقية، بين بيلاروسيا وبولندا. وأعلنت دوله تضامنها مع وارسو، وغضت الطرف عن أساليب العنف والقوة المستخدمة من قبل قواتها لصد اللاجئين الذين يعتزمون الوصول إلى غرب وشمال أوروبا طمعا بالحماية الدولية.

وحيال ذلك، أبرزت "تاغس شبيغل" أنه لا حل في أزمة المهاجرين مع بيلاروسيا ضد شركاء الاتحاد الأوروبي، رغم اعتماد لوكاشينكو أساليب ملتوية لإحداث الشرخ بين دول الاتحاد، وفي مقدمتهم ألمانيا، وذلك بعد أن تواصلت معه خلال الأسبوع الماضي المستشارة أنغيلا ميركل لدوافع إنسانية، وبهدف التخفيف عن المهاجرين لتأمين حاجياتهم اليومية، من خلال السماح للمنظمات الإنسانية والإغاثية بالوصول إليهم، بصفته مسؤولا عن الوضع غير الإنساني على حدود بلاده.

وترى الصحيفة أن لوكاشينكو يستخدم مهاراته الدعائية، وهو الذي قال قبل أيام إنه من المفترض أن يتوجه ألفا مهاجر إلى ألمانيا بعد إعلان الأخيرة استعدادها لذلك، وأنه وعد من قبل المستشارة بتأمين ممر إنساني لهؤلاء المهاجرين الذين استدرجهم إلى بلاده، ويكون بذلك قد تمكن من الضغط على الأوروبيين وجعلهم ينصاعون لرغباته بحجة البعد الإنساني للقضية.

لكن الوضع على الحدود مختلف عما كان عليه مع تركيا عام 2015، وميركل ليس بإمكانها أن تقرر بمفردها كما حصل سابقا وتتصرف بحذر. والسبب أنها إذا تجاهلت الموقف الأوروبي، ودعت لاعتماد خيار الممر الإنساني، فإن موقفها سيعزل ألمانيا مع وجود شبه إجماع أوروبي على صد هؤلاء المهاجرين، والدفع بلوكاشينكو لإعادتهم إلى بلدانهم بعد أن سمح لهم بالدخول إلى مينسك بتأشيرات سياحية، وتهريبهم عمدا من مناطق الأزمات إلى الحدود الخارجية لكل من ليتوانيا ولاتفيا وبولندا، واستخدامهم ورقة ضغط سياسية ردا على العقوبات المفروضة عليهم من الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، يرفض لوكاشينكو هذه المزاعم، ويتهم الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن موقفه، وبأنه وعد من المستشارة بأنها ستدرس المشكلة مع الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، أمس الاثنين، إن طلب لوكاشينكو رفض، وهذا الحل ليس مقبولا من قبل ألمانيا أو الاتحاد الأوروبي.

 

وتشكل أزمة المهاجرين مع بيلاروسيا معضلة لدول الاتحاد الأوروبي، لأنه لا يريد أن يخضع للابتزاز من نظام لوكاشينكو، في حين أن صد المهاجرين ينتهك قيمه الأساسية إذ لا يتوافق مع القانون الأوروبي. وإزاء ذلك، قالت المحامية المختصة في القانون الدولي دانا شمالز لموقع القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي أف"، إن قانون الاتحاد الأوروبي والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تحظر هذا النهج، مبرزة أن القبض على شخص بهذه الطريقة، وإعادته دون إجراءات حق اللجوء، يشكلان انتهاكا للحظر المفروض على الترحيل الجماعي.

وهنا، يرى الخبير في سياسات الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي لوكاس راشيه من مركز جاك ديلورس للأبحاث في برلين، أن حظر الترحيل الجماعي يعني أنه يجب التحقق من الظروف الفردية للأجنبي قبل الترحيل. وبالإضافة إلى ذلك، يشير راشيه إلى ما يسمى بشرط عدم الإساءة القسرية في القانون الدولي، وأنه وفقا لاتفاقية جنيف للاجئين، يحظر ترحيل الأشخاص الذين يسعون للحصول على الحماية إلى البلدان التي تكون فيها حياتهم أو حريتهم مهددة بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب معتقداتهم السياسية.

ومن جهة ثانية، تجد المحامية شمالز أن الاتحاد الأوروبي أمام معضلة في سياسة اللجوء، لأنه من حيث المبدأ يحق للدول التحكم في الهجرة وتقييدها، لكن هذا الحق يتعارض دائما مع حماية اللاجئين، وفي حالة تهديد النظام العام يمكن إغلاق المعابر مؤقتا. أما راشيه، فقال إن سيادة القانون في الاتحاد الأوروبي تتعرض للتحديات بشكل متكرر من الخارج، كما هو الحال مع بيلاروسيا، ومن الداخل أيضا، كما حصل عندما قوّضت المجر حق اللجوء. 

يشار إلى أنه وفقا للقانون البولندي الذي تم تعديله خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بات يحق لقائد حرس الحدود طرد الأجنبي فورا بعد عبوره الحدود بطريقة غير قانونية، كما ويمكن لمكتب الهجرة أيضا أن يرفض أي طلب حماية دولية إذا ما جرى القبض على مقدم الطلب فور عبوره الحدود بطريقة غير نظامية.