هل وصل الحوار الكردي الكردي في سورية إلى طريق مسدود؟

26 أكتوبر 2020
يرفض "الاتحاد الديمقراطي" دخول قوات البشمركة إلى سورية (Getty)
+ الخط -

تشير معطيات إلى أن الحوار الذي يرقى إلى مستوى المفاوضات بين أحزاب "الإدارة الذاتية" وأحزاب "المجلس الوطني الكردي" في شمال شرقي سورية، وهما أكبر كيانين سياسيين في البلاد، وصل إلى طريق مسدود في ظل تلكأ حزب الاتحاد الديمقراطي، أبرز أحزاب هذه الإدارة، في قبول الإعلان عن فك ارتباطه مع حزب العمال الكردستاني، وهو من أهم شروط المجلس للتوصل إلى اتفاق.

وذكرت مصادر مطلعة على سير المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، أن الحوار بين الطرفين الكرديين "توقف"، مشيرة إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي، والمعروف اختصارا بـ(PYD)، "يرفض حتى اللحظة مبدأ فك الارتباط بحزب العمال الكردستاني وطرد قيادات وعناصر الأخير من الأراضي السورية".

وأشارت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، إلى أن المجلس الوطني يضع هذا الأمر شرطا لإنجاح الحوار، إلى جانب شروط أخرى أبرزها إلغاء التجنيد الاجباري في منطقة شرقي نهر الفرات، والسماح بدخول "البشمركة السورية" إلى الشمال الشرقي من سورية.

 وكانت الولايات المتحدة الأميركية، وهي الداعم الأبرز للكرد السوريين، ضغطت لفتح حوار بين الطرفين الكرديين لتشكيل مرجعية كردية سياسية واحدة في سورية، تمثل الأكراد السوريين في استحقاقات الحل السياسي للقضية السورية.

وكشفت المصادر ذاتها أن شخصيات فاعلة في حزب الاتحاد الديمقراطي و"الإدارة الذاتية" مرتبطة بالنظامين السوري والإيراني "لعبت دورا بارزا في إفشال المفاوضات"، مضيفة أن أي اتفاق ليس بصالح النظام الذي يتطلع لاسترداد منطقة شرقي نهر الفرات وفق شروطه، وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الحاضر.

ويُنظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تأسس في عام 2003، على أنه نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني، والمصنف من عدة دول ضمن خانة التنظيمات الإرهابية، حيث يتبنى "الاتحاد الديمقراطي" فكر وفلسفة عبد الله أوجلان وهو مؤسس حزب العمال، ويقبع في سجن تركي منذ نحو 20 عاما.

 ويصر المجلس الوطني الكردي على أن المسألة الكردية في سورية تحل في سياق الحل السياسي للقضية السورية، بعيدا عن أي مشروعات سياسية أخرى تتعلق بالكرد في تركيا أو غيرها من البلدان. في حين يُتهم حزب الاتحاد الديمقراطي من قبل المعارضة السورية بمحاولة تقسيم البلاد، وإنشاء إقليم ذي صبغة كردية في منطقة شرقي الفرات، رغم أن غالبية سكان هذه المنطقة الغنية بالثروات من العرب. 

تحديات داخلية وخارجية

من جانبه، أكد شلال كدو، وهو قيادي في المجلس الوطني الكردي وممثلا له في الائتلاف الوطني السوري المعارض، أن "هناك تحديات داخلية وخارجية تواجه الحوار الكردي الكردي"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى ضغوط من عدة أطراف تقف أغلبها حائلا دون إتمام هذا الحوار.

وأشار إلى أنه "في حال كانت هناك إرادة فهذه التحديات لن تُفشل الحوار الجاري منذ أشهر"، مضيفا أن المجلس الوطني الكردي يطالب الطرف الآخر بإعادة النظر في العديد من القضايا، منها العقد الاجتماعي والمناهج التعليمية المؤدلجة المفروضة في الشمال الشرقي من سورية، والمسائل الأمنية وأبرزها عودة البشمركة السورية من إقليم كردستان العراق.

 وأكد كدو أن المجلس الوطني الكردي "لن ينجر إلى التراشق الإعلامي"، مضيفا أن تصريحات بعض الشخصيات في حزب الاتحاد الديمقراطي خلقت إحباطا كبيرا لدى الرأي العام الكردي في سورية، وأوحت أن الحوار وصل إلى طريق مسدود، "وهو مناف للحقيقة، فالحوار لا يزال جاريا وتوقفه جاء بسبب سفر مندوبة وزارة الخارجية الأميركية (زهرة بيلي) إلى واشنطن، ونحن ننتظرها لاستئناف الحوار".

تعدد الرؤى

 وفي حديث مع "العربي الجديد" أكدت سما بكداش، الناطقة باسم حزب الاتحاد الديمقراطي وعضو لجنة المفاوضات، وجود تحديات تواجه الحوار الكردي الكردي، مضيفة "نحن أمام طرفين كلُّ له مشروعه ورؤيته.

واتهمت بكداش تركيا بمحاولة عرقلة الحوار الكردي الكردي، معربة عن اعتقادها بأن أنقرة "تعرقل أي خطوات من شأنها توحيد الكرد في سورية"، مضيفة: "لا تزال التهديدات التركية موجودة وتزداد كلما خطونا باتجاه توحيد الصف الكردي". كما اتهمت النظام السوري وروسيا بعرقلة الحوار، مؤكدة أن حزبها "ليس لديه ميول انفصالية أو خطط لتهميش العرب في الشمال الشرقي من سورية".

اتهمت بكداش تركيا بمحاولة عرقلة الحوار الكردي الكردي

 

وأضافت في هذا السياق "نحن جزء من الحل في سورية. هدفنا من توحيد الصف الكردي الإسهام في حل الأزمة السورية"، لافتة إلى أن بعض الملفات لم تحسم بعد، منها "آليات انضمام المجلس الوطني الكردي إلى الإدارة الذاتية"، مشيرة إلى أنه "تم التوافق على تغيير العقد الاجتماعي شرط موافقة كافة المكونات في الشمال الشرقي من سورية"، وفق بكداش. 

 وكانت جولات الحوار بدأت في نيسان/ إبريل الفائت بطلب من قوات "سورية الديمقراطية" (قسد) التي تهيمن عليها الوحدات الكردية، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي.

واتفق الجانبان في جولتين على أن اتفاقية دهوك، التي أبرمت بينهما برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ستشكل أيضاً أرضية لهذه المفاوضات. ونصت الاتفاقية على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل "حركة المجتمع الديمقراطي" (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية-25 حزباً) فيها 40 في المائة، و"المجلس الوطني الكردي" 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. 

كذلك تمّ الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من "حركة المجتمع الديمقراطي"، و12 من "المجلس الوطني"، و8 من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين.

وتعد مسألة دخول "البشمركة السورية"، التي تضم مقاتلين سوريين كرداً متمركزين في شمال العراق إلى الشمال الشرقي من سورية، من التحديات الكبرى التي تواجه المفاوضات بين الطرفين الكرديين، حيث يرفض "الاتحاد الديمقراطي" دخول هذه القوات إلى سورية كي يبقى متفردا بالقرار في منطقة شرقي نهر الفرات، طارحا اندماج هذه القوات في قوات "قسد" من دون شروط، وهو ما يرفضه المجلس الوطني الكردي الذي يعتبر "البشمركة السورية" ذراعا عسكرية له. 

المساهمون