هل عدلت القاهرة موقفها تجاه حكومة الدبيبة؟

20 سبتمبر 2022
انسحاب شكري من الاجتماع الوزاري العربي كان مفاجئاً (الأناضول)
+ الخط -

رغم الموقف الرسمي المصري غير المعترف بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، بدعوى انتهاء ولايتها، وبعد انسحاب وزير الخارجية المصري سامح شكري من اجتماعات الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في 6 سبتمبر/أيلول الحالي، عقب تسلم وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، نجلاء المنقوش، رئاسة الدورة الجديدة، إلا أن المسؤولين في القاهرة، اتخذوا إجراء أول من أمس الأحد، بدا متناقضاً مع موقفهم من حكومة الدبيبة، وذلك بعد استقبال لافت لوزير العمل في حكومة الوحدة، علي العابد.

العابد تواجد في القاهرة للمشاركة بصفته وزير العمل الليبي، في فعاليات الدورة الـ48 لمؤتمر العمل العربي، والتي تنظمها منظمة العمل العربية، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي تستمر أعمالها حتى 25 سبتمبر/أيلول الحالي، ويرأس هذه الدورة المغرب، استناداً إلى نظام العمل في المؤتمر.

ترحيب مصري بممثل حكومة الوحدة

ورغم اعتراض مصر سابقاً على تمثيل حكومة الدبيبة لليبيا في المحافل الدولية، في ظل الاعتراف المصري بالحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وهو ما ظهر في اجتماع مجلس الجامعة العربية أخيراً مع المنقوش، إلا أن حضور العابد اجتماعات منظمة العمل العربي، لم يواجه بأي اعتراض مصري.

حضور العابد اجتماعات منظمة العمل لم يواجه باعتراض مصري

وعلى النقيض تماماً، نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، مقابلة مع العابد على هامش الاجتماعات، بما يحمل دلالات متعلقة بترحيب مصر بوجوده ممثلاً لليبيا. وقال العابد في تصريحاته للوكالة: "العمالة المصرية رقم واحد في بلادنا، ويتم الاعتماد عليها بشكل كبير"، مشدداً على "أهمية منظومة الربط الإلكتروني بين مصر وليبيا في الحفاظ على حقوق العمالة"، مبيناً أنه "لن يُسمح بسفر أي عامل إلا من خلال التسجيل عبر هذه المنظومة".

العابد أكد أيضاً في حديثه مع الوكالة المصرية، والتي يخضع عملها لإشراف مباشر من جانب أجهزة سيادية خاصة في ما يتعلق بالملفات الحساسة، أنه "سيعقد اجتماعاً قريباً مع وزير القوى العاملة المصري حسن شحاتة، لبحث آخر تطورات منظومة الربط الإلكتروني، وحل أي مشكلات تواجه هذه المنظومة"، وهو ما يمثل اعترافاً ضمنياً مصرياً بحكومة الوحدة الليبية عبر لقاء أحد ممثليها.

رسالةٌ من شكري للدبيبة

مقابل ذلك، كشف دبلوماسي في الجامعة العربية بالقاهرة، عن اتصالات جرت قبل انطلاق الدورة الـ48 لمؤتمر العمل العربي مع المسؤولين في الخارجية المصرية، بشأن موقف القاهرة من ممثل ليبيا خلال الاجتماعات. وأوضح الدبلوماسي العربي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن "الرد المصري جاء غير معترض على حضور العابد، مع التأكيد أنه لن يكون هناك إجراء مصري مماثل للذي حدث خلال اجتماعات مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية".

وحول خلفيات القرار الخاص بانسحاب شكري اعتراضاً على تمثيل حكومة الدبيبة لليبيا، قال الدبلوماسي: "وفقاً لمعلوماتي لم تكن هناك أي مؤشرات أو دلالات على موقف القاهرة الحاد، على الأقل قبل الاجتماعات بيوم واحد"، متحدثاً عن أن "القاهرة دُفعت من أحد الأطراف الإقليمية الفاعلة في المشهد الليبي لهذا الإجراء"، مشدداً على أن "المدقق في الموقف، سيجده يتعارض تماماً مع النهج الذي تتبعه مصر بشأن تعاملها في الملفات المختلفة".

دبلوماسي بالجامعة العربية: انسحاب شكري كان بمثابة رسالة فقط، تحت وطأة الضغط الذي تعرضت له القاهرة من جانب أحد الأطراف الإقليمية

وتابع: "بدا جلياً أن الأمر جاء بهدف الضغط على الدبيبة لهدف ما، وعلى ممثلي غرب ليبيا من غير المحسوبين على معسكر الشرق الذي لا يزال يتصدره خليفة حفتر"، مضيفاً: "ربما يكون الهدف هو الضغط على الدبيبة بشأن مشاورات الحل السياسي الجارية".

وقال الدبلوماسي إن "القاهرة لم تكن معنية بالدخول في صدام مباشر مع حكومة الدبيبة، كونها لا تزال تحظى باعتراف دولي، يجعلها صاحبة القرار في ما يخص العلاقات الدولية وعلاقات التعاون الاقتصادي بين ليبيا وغيرها من البلدان، وهو ربما ما يفسر عدم مواصلة الضغط على حكومة الدبيبة". واعتبر في الوقت ذاته أن "الموقف السابق بانسحاب شكري، كان بمثابة رسالة فقط، تحت وطأة الضغط الذي تعرضت لها من جانب أحد الأطراف الإقليمية".

وبحسب البيانات الرسمية، كان يعمل في ليبيا قبل عام 2011 نحو مليوني مصري، وهو العدد الذي انخفض كثيراً نتيجة عدم الاستقرار السياسي والأمني خلال السنوات السبع الأخيرة. وفي إبريل/نيسان 2021، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، عن توقيع مذكرات تفاهم مع ليبيا لتنظيم عودة العمالة المصرية إليها، وتم التوافق على أن تكون هذه العودة، منظّمة.

المساهمون