شهدت مراكز التطعيم في تونس، أمس الثلاثاء، حالة من الفوضى والتدافع في أول "أيام التطعيم المفتوحة" التي دعت إليها وزارة الصحة خلال إجازة عيد الأضحى، ما أدى إلى تهشيم معدات البعض منها، وانتقادات شديدة لسوء تنظيم حملة التلقيح التي لم يرافقها إعداد لوجستي جيد.
وبسبب الرغبة في الحصول على اللقاح، أقبل مواطنون من أعمار مختلفة على مراكز التطعيم التي حددتها الوزارة في مختلف المحافظات لتتكدس الأمواج البشرية أمامها، فيما عجزت الجمعيات المتطوعة عن تنظيم الطوابير وتوزيع الأرقام بحسب الأولويات.
وبعد سويعات من فتح مراكز التلقيح، التي شهدت إقبالاً منقطع النظير، تراجعت وزارة الصحة عن قرارها، مؤكدة أن حملات التلقيح لن تشمل مختلف الشرائح العمرية وأنه سيُطعَّم من تراوح أعمارهم ما بين 40 و50 عاماً، على أن يُدعى من هم أكثر من 18 سنة في وقت لاحق.
وأدت الفوضى إلى تحطيم تجهيزات مركز التطعيم في مدينة رادس بضواحي العاصمة تونس، وانتقدت الجبهة المدنية لمكافحة كورونا، في بيان لها، سوء تنظيم الأيام المفتوحة للتلقيح.
وقالت اللجنة إنها سعت إلى تجنيد الجمعيات المنخرطة في وقت وجيز للمساهمة في عملية التنظيم، إلا أن العديد من الصعوبات واجهت المتطوعين في بعض المراكز، وخاصة في الولايات ذات الكثافة السكانية العالية (ولايات تونس الكبرى وصفاقس ونابل وباجة وسليانة وسوسة...)، ما أثّر في سير العملية وخلق حالة من الاستنكار والغضب لدى المواطنين.
وأشارت إلى أن كمية اللقاحات في المراكز كانت محدودة، ولا تتماشى مع أيام مفتوحة يكون الإقبال فيها على المراكز كثيفاً.
وأعلن رئيس الحكومة هشام المشيشي، الثلاثاء، إقالة وزير الصحة فوزي المهدي وتكليف وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي الإشراف على الوزارة بالنيابة.
وعقب الإقالة، أشرف المشيشي على اجتماع في مقر وزارة الصحة، كاشفاً عن بعض أسباب إزاحة المهدي من منصبه، ومؤكداً أن هناك وضعيات على مستوى قيادة الوزارة لم تعد مقبولة، وأن التوصيات التي كانت تصدر عن رئاسة الحكومة لم تنفذ.
واعتبر المشيشي أن وصول المنظومة الصحية إلى حافة الانهيار بسبب النقص الفادح في الأكسجين أمر غير مقبول، ولا يمكن السكوت عنه.
وفوزي المهدي، الذي أُقيل الثلاثاء سبق أن أقاله المشيشي في يناير/ كانون الثاني الماضي خلال التعديل الوزاري الذي أجراه، وعُوِّض بالهادي خيري، غير أن امتناع الرئيس قيس سعيد عن قبول الوزراء لأداء اليمين أمامه عطّل مغادرة المهدي لوزارة الصحة، ليستمر 6 أشهر إضافية في مهامه قبل أن يُنحّى نهائياً يوم عيد الأضحى وتسقطه حملة التطعيم المفتوحة وما شابها من فوضى.
ورداً على خبر إقالته، قال المهدي في منشور عبر صفحته في "فيسبوك" صباح اليوم الأربعاء، "تلقيت خبر إعفائي مثلكم عبر وسائل الإعلام بعد أن نبهني إليه صديق بالهاتف"، مضيفاً: "علمتني عقود الجندية الثلاثة أن لكل مهمة بداية ونهاية، وألا ألقي سلاحي أو أغادر موقعي إلا بتسليم العهدة لمن سيتحملها بعدي. عملت في وزارة الصحة بعقل الوزير وأخلاق الطبيب وشرف الجندي، ولم أسمح للسياسة وتقلباتها أن تستدرجني، وكيف لها أن تستدرجني وأنا أرى يومياً رمالها المتحركة تبتلع معاش الناس وحياتهم".
وأضاف المهدي: "شكراً لكل أفراد فريقي في الوزارة والإدارة الذين عملوا معي عشرة أشهر في مواجهة ثلاث موجات من الوباء. شكراً لزميلاتي وزملائي مهنيي الصحة في كل الخطوط على حفاظهم على منظومتنا الصحية للحفاظ على حياة التونسيات والتونسيين. شكراً للمتطوعات والمتطوعين الذين لولاهم ما كانت الحملة الوطنية للتلقيح".
وختم: "شكراً لكنّ ولكم جميعاً. إن كان من نجاح فهو بفضلكم. وإن كان من تقصير فهو مني، اللهم احفظ تونس وسخرني دائماً لخدمتها".