هل خرق البرلمان الجزائري المادة 5 من قانونه العضوي و138 من الدستور؟

16 سبتمبر 2024
خلال مناقشة قانون العقوبات في البرلمان الجزائري، يونيو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأجيل افتتاح الدورة البرلمانية الجزائرية:** البرلمان الجزائري لم يحدد تاريخاً لافتتاح دورته الحالية، مما أثار جدلاً حول مخالفة الدستور الذي يحدد موعد الافتتاح في الثاني من سبتمبر.
- **ردود الفعل والجدل القانوني:** رئيس الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم اعتبر التأجيل مخالفة صريحة للدستور، بينما اتخذ رئيس البرلمان خطوة شكلية لعقد اجتماع لمكتب المجلس.
- **التحليل القانوني:** الخبير سعيد يحياوي أشار إلى أن الخطوة قد تكون مخالفة قانونية للقانون العضوي ولعرف استقر العمل به، مع إمكانية فتح باب المبادرة البرلمانية كبديل.

لم يحدد البرلمان الجزائري بعد تاريخاً واضحاً لافتتاح دورته الحالية التي كانت مقررة في الثاني  من سبتمبر/ أيلول الجاري، بعد تأجيلها لدواع ترتبط بالانتخابات الرئاسية، لكن ذلك أثار جدلاً بشأن ما إذا كان هذا القرار يعد مخالفة لنص الدستور الذي يضبط بالتاريخ، موعد افتتاح الدورة النيابية وموعد إغلاقها، وكذا الظروف التي يمكن تمديدها فيها. وتنص المادة 138 من الدستور الجزائري: "يجتمع البرلمان في دورة عادية واحدة كل سنة، مدتها عشرة شهر، وتبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر يونيو (حزيران)"، ووفق التفسير الدستوري للمادة، فإن اجتماع البرلمان (عقد جلسة افتتاح) يعد المظهر الأساس الذي يكرس المعنى الدستوري المتعلق بافتتاح الدورة، وهو ما لم يحصل حتى الآن.

وإذا كان الدستور لم يحدد شكل افتتاح الدورة النيابية، فإن القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة (غرفتي البرلمان الجزائري)، وعملها والعلاقات الوظيفية بينهما، يحدد ذلك بوضوح. وتنص المادة الخامسة من القانون على شكل الافتتاح: "تبتدأ دورة البرلمان العادية في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، ويحدد تاريخ اختتام الـدورة العادية بالتنسيق بين مكتبي الغرفتين وبالتشاور مع الحكومة، وتفتتح الدورة وتختم بتلاوة سورة الفاتحة وعزف النشيد الوطني".

بالنسبة لرئيس الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم أحمد صادوق، فإن قرار تأجيل افتتاح الدورة البرلمانية لوقت غير معلوم أمر مفاجئ، وقال لـ"العربي الجديد" إن "ذلك يقع ضمن مخالفة صريحة للمادة 138 من الدستور التي توجب افتتاح الدورة في اليوم الثاني من شهر سبتمبر (إن لم يكن يوم عطلة)". وأضاف: "غير معروف من اتخذ هذا القرار، ولا نعلم السبب، لم تُستشَر المجموعات البرلمانية في هذا القرار، حيث كان يمكن أن تُعقد مراسم افتتاح الدورة ولو بالحد الأدنى من الحضور، وبذلك تحترم الأشكال الدستورية". وعما إذا كان التأجيل مرتبطاً بانشغال النواب بالانتخابات الرئاسية، أوضح صادوق: "باقي المؤسسات تشتغل بشكل عادي على غرار الحكومة والرئاسة وباقي الهيئات الرسمية للدولة، وبالتالي فإنه لم يكن هناك ما يمنع افتتاح البرلمان دورته العادية، ثم تأجيل باقي الأشغال إلى ما بعد الرئاسيات".

في الأثناء، اتخذ رئيس البرلمان إبراهيم بوغالي والهيئة المديرة للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) خطوة شكلية للالتفاف على المادة الدستورية، وبالتالي تجاوز أي إشكال قد يطرح على هذا الصعيد، من خلال عقد اجتماع لمكتب المجلس، ومناقشة مجموعة بنود تخص استقالة نواب من مجموعات نيابية وبعض الأسئلة الشفوية وإحالتها إلى الحكومة. كما جرى إبلاغ نواب البرلمان بافتتاح الدورة نظرياً، وأنه أصبح بإمكانهم إيداع مبادراتهم النيابية لدى مكتب البرلمان، ما يعني استئناف النشاط النيابي والبرلماني.

الخبير في القانون الدستوري سعيد يحياوي اعتبر أن الخطوة قد لا تكون مخالفة صريحة للدستور، طالما أن الدستور لم يحدد كيفية افتتاح دورات البرلمان الجزائري. وقال يحياوي لـ"العربي الجديد": "قد تبدو المسألة نظرياً مخالفة دستورية، لكنه في الواقع مخالفة قانونية للقانون العضوي، ولعرف استقر العمل به، ولكون أن النص الدستوري يتحدث عن افتتاح الدورة البرلمانية، ولا يتناول بالتحديد شكل مراسم افتتاح الدورة". وتابع: "ما استقر العمل عليه حتى الآن هو عرف يتضمن مراسم الافتتاح بجلسة علنية تجمع جميع النواب وبحضور رئيسي الغرفتين (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، كل على حدة (تقام في المجلسين). وأردف: "فتح باب المبادرة البرلمانية وإيداع الأسئلة الشفوية وحتى اجتماع اللجان أو مكتب إحداها، قد يكون يشكل بالنسبة لإدارة البرلمان بديلاً عن الافتتاح التقليدي المعتاد في الجلسة العلنية".