هل تُبرم صفقة هذه المرة بين الاحتلال وحركة حماس؟

05 يوليو 2024
الدمار الذي لحق بخيام النازحين بالمواصي رفح، 29 يونيو 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- هناك مؤشرات جديدة قد تدفع صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس قدماً، منها إرسال فريق تفاوض إلى الدوحة ودعم وزراء من الليكود.
- إدراك جديد في اليمين الإسرائيلي بأن إعادة المحتجزين تتطلب صفقة، مما يدفع بعض العائلات المؤيدة لليمين لدعمها، رغم اتهامات بالتراخي.
- مخاوف من أن نتنياهو قد يسعى لإفشال الصفقة بسبب خلافات بين الجيش والاستخبارات ومكتبه، مما قد يعطل التوصل إلى اتفاق.

نتنياهو أفشل جميع المحاولات للتوصل إلى صفقة جديدة

هناك متغيّرات بعضها من داخل حزب الليكود قد تساهم في دفع الصفقة

بن غفير وسموتريتش لن يسقطا الحكومة على خلفية الصفقة

منذ إبرام الصفقة الأولى بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، في الشهر الثاني تقريباً من حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تخللتها هدنة وتبادل أسرى ومحتجزين، فشلت جميع المحاولات التي تلتها للتوصل إلى صفقة جديدة. حتى المحاولات التي تناولتها تحليلات وتقارير وتصريحات مسؤولين بتفاؤل كبير، سرعان ما أفشلها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. لكن ما الذي تغيّر هذه المرة؟ وهل ثمة أمل أكبر بالتوصل فعلاً إلى صفقة؟ أم ستسير المفاوضات إلى نفس المصير؟ الفشل.

يتعلق الأمر إلى حد كبير بما يدور في رأس نتنياهو، وحساباته الشخصية والائتلافية والسياسية، وما يخدم بقاءه في السلطة. ورغم كل الحسابات، أشارت الصحافية والكاتبة في صحيفة هآرتس رويت هيخت، اليوم الجمعة، إلى وجود متغيّرات بعضها من داخل حزب الليكود، قد تساهم في دفع الصفقة قدماً. ورغم كل التحفظات ترى هيخت أن احتمالات التوصل إلى صفقة في هذا الوقت، تبدو أكبر من أي وقت مضى. وعللت ذلك بأنه عدا عن قرار نتنياهو إرسال فريق التفاوض (إلى الدوحة)، فإن وزراء من الليكود وبخلاف الماضي، يقولون بوضوح إنهم سيصوتون لصالح الصفقة.

ومن بين المؤشرات الأخرى التي عددتها الكاتبة كثرة التصريحات الإسرائيلية، في الآونة الأخيرة، حول "انكسار حماس" ونجاح الضغط العسكري في محور فيلادلفيا، "ما أدى إلى تليين موقف حماس وتراجعها عن مطلب وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع"، كشرط للمرحلة الأولى من الصفقة. 

واعتبرت رويت هيخت أنه سواء كان الحديث عن نجاح عسكري كبير أو مبالغة دعائية، فإن هذه المواقف والتصريحات الصادرة عن مصادر في اليمين الإسرائيلي "تشير إلى محاولة تمهيد الطريق لتنازلات مؤلمة رُفضت في الماضي".

ومن بين المؤشرات الأخرى الإدراك الجديد نسبياً، في أوساط جهات في اليمين الإسرائيلي، بأنه لا يمكن إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة إلا من خلال صفقة، بعد أن آمنوا بأن الحرب هي الحل. ومن بين هؤلاء عائلات لمحتجزين مؤيدون لليمين.

واعتبرت الكاتبة في "هآرتس" أن "لا أحد في اليمين يصبح فجأة من دعاة السلام. وبعض المتحدثين هناك يتهمون الجيش الإسرائيلي، ورئيس الوزراء، بالتراخي والقتال دون جدوى أو بقوة غير كافية. لكن النتيجة النهائية أصبحت تتشكل على نحو متزايد وفق رؤية اليسار، حتى ولو جاء ذلك متأخراً، بالرغبة في وقف القتال لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس (المحتجزين)".

وقد تجد أوساط في اليمين هذه المرة مخرجاً لها للموافقة على الصفقة، بوجود إمكانية لاستئناف الحرب بعدها، وكذلك بأن هدنة في غزة، قد تخدم الحاجة لتركيز الجهود على جبهة لبنان وإعادة المستوطنين في المنطقة الشمالية الى منازلهم.

وتشير تقديرات في حزب الليكود، وفق صحيفة هآرتس، إلى أن الوزيرين ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لن يسقطا الحكومة على خلفية الصفقة، وإنما سيكتفيان بتصويت رمزي ضدها. وبحسب مسؤولين في "الليكود" لم تسمّهم الصحيفة، في حال شعر نتنياهو بأنهما سيحلان الحكومة، "فلن يتردد بالتوجه إلى انتخابات".

في المقابل، هناك من يعتقد بأن نتنياهو سيسعى كعادته لإفشال الصفقة. وكتبت مراسلة ومحللة الشؤون السياسية في موقع والاه العبري تال شيلو اليوم، أن نتنياهو "يعتمد نمط عمل منهجي، ومرة أخرى، أخذ المفاوضات بشأن المحتجزين إلى منعطفات غير ضرورية، وأنه كعادته يحاول المناورة بين الضغط الأميركي وشركائه المتطرفين في الائتلاف الحاكم".

وأشارت الكاتبة في "والاه" إلى عملية تسريب ممنهجة من طرف نتنياهو، تزامنت مع كل حديث عن إحراز تقدّم في الصفقة في الجولات الماضية، وهو ما يحدث هذه المرة أيضاً، من قبيل تصريحات سموتريتش التي أشار من خلالها يوم الثلاثاء إلى أن رد حماس سيكون إيجابياً، وأنه سيعمل على احباط الصفقة. وكان هذا قبل تعميم مكتب نتنياهو بياناً باسم جهاز "الموساد"، بشأن تلقي إسرائيل رد حماس.

وأضافت تال شيلو أنه "بدلاً من إدارة المفاوضات بهدوء، في الغرف المغلقة، فإنهم في مكتب رئيس الحكومة يخرجونها إلى العلن، من خلال تسريبات متعاقبة، وتصريحات وإحاطات تتضمن تلاعباً، وتأخذها إلى منعطفات غير ضرورية".

وقال سموتريتش في حينه: "إننا نرى المزيد والمزيد من مؤشرات الانكسار لدى حماس، والمزيد من قادة حماس يشعرون باقتراب نهايتهم. ولن أفاجأ إذا رد السنوار بشكل إيجابي على مقترح الصفقة الذي حصل عليه، بعد أشهر من الرفض، لأنه في حالة ارتباك، ويدرك أننا قريبون جداً من النصر، وعليه يرغب في إنقاذ نفسه وسلطة حماس في غزة". وأضاف هنا: "وتحديداً من أجل ذلك، ليس هذا هو وقت التوقّف (عن الحرب)، وليس هذا هو وقت تخفيف حدتها. وإنما هذا وقت إدخال المزيد من القوات وزيادة الضغط العسكري".

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس الخميس، عن مسؤول أمني كبير جداً ضالع في المفاوضات، بأن أقوال سموتريتش ليست محض صدفة، وهي التي جاءت بعد ساعات قليلة من التقديرات الإسرائيلية بأن حماس ستقدّم رداً إيجابياً.

وذكرت وسائل اعلام عبرية أن رؤساء المؤسسة الأمنية يرون فرصة لإبرام صفقة، ويخشون أن يفوّتها نتنياهو بسبب حسابات سياسية. وذكرت صحيفة هآرتس أمس أن ردّ حماس أثار خلافات كبيرة بينهم وبين نتنياهو، وأن المسؤولين في المستوى المهني الذي يتعامل مع قضية المحتجزين والمفقودين الإسرائيليين، ومثلهم وزير الأمن يوآف غالانت، يرون فرصة جديدة لتقدّم اتصالات الصفقة، إلا أن نتنياهو، كما يظهر في التسريبات، وحتى في التصريحات الرسمية، لا يشاركهم هذه الرؤية.

خفض التوقعات وتهديد بن غفير

في غضون ذلك، ذكر موقع القناة 12 العبرية، اليوم الجمعة، أن رئيس "الموساد" دافيد برنيع الذي توجه إلى الدوحة اليوم الجمعة، سيعود في وقت لاحق اليوم، ومعه التفاصيل اللازمة للمضي قدماً. ولفت إلى أن نتنياهو لم يعرض على أعضاء المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) الذي عُقد الليلة الماضية، تفاصيل المقترح الجديد، وواجه انتقادات بسبب ذلك، خاصة من قبل الوزير إيتمار بن غفير الذي اعتبر أن "الكابنيت تحوّل إلى مجرد زينة".

وقال بن غفير مخاطباً نتنياهو في الجلسة: "أفهم أن الجلسة الحقيقية ستُعقد بعدنا مباشرة (بعد جلسة الكابنيت). نحن هنا مجرد زينة، وبعد أن ننتهي، ستجلس أنت وغالانت (وزير الأمن)، مع رؤساء المؤسسة الأمنية للاتفاق على الأمور. نحن مجرد ديكور. أقول لك، يا رئيس الوزراء، إذا اتخذت القرارات بمفردك، فهذه مسؤوليتك وستبقى وحدك أيضاً. لم ينتخبني نصف مليون شخص، لكي أجلس في الحكومة، فيما أن رؤساء المؤسسة الأمنية هم من يقررون".

وفيما اعتبرت الوزيرة غيلا جملئيل أقوال بن غفير تهديداً، رد عليها "لا أهدد، هذا هو الواقع. إن كانوا يقررون لوحدهم، عليهم ألا يتوقعوا مني بعد ذلك، الحفاظ على الحكومة".

ونقلت القناة 12 عن مسؤولين إسرائيليين مطّلعين على تفاصيل المفاوضات، إشارتهم لضرورة خفض التوقعات. وأضافوا "سوف يستغرق الأمر ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وربما أكثر. الطريق طويلة وهناك قضايا ثقيلة يمكن أن تفشل الصفقة في منتصف الطريق".

وذكرت القناة، نقلاً عن مصادرها، أن الفجوات كبيرة، وسيتم العمل على تقليصها من خلال الوسطاء، وأن توجه برنيع إلى الدوحة اليوم لا يشير إلى تقدّم في المفاوضات، ولكن إلى بدء عملية التفاوض.

وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس، إلى وجود خلافات شديدة بين الجيش الإسرائيلي والهيئات الاستخباراتية من جهة، ومكتب نتنياهو من جهة أخرى، وأن ثمة غضباً كبيراً لدى مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية، من هيئات ووحدات مختلفة، لم تسمّهم، بسبب نوايا إحباط أي صفقة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة. وأبدى هؤلاء أيضاً غضباً كبيراً حيال بيان صدر عن مكتب نتنياهو باسم مصدر أمني، ووصل إلى عدد من الصحافيين، انتقد بشدة رد حركة حماس لمقترح الصفقة، وكأنه لا وجود لأي جديد فيه. ونُسب البيان إلى مصدر أمني، على الرغم من أن المسؤولين في جميع الجهات الأمنية الضالعة في مفاوضات الصفقة المحتملة مع حركة حماس يقولون إنهم لا علاقة لهم بالبيان، وبالتأكيد لم يصادقوا عليه.

المساهمون