هل تكون منصة "حوار" بديلاً لجلسات الحوار الوطني في مصر؟

26 فبراير 2023
ضياء رشوان، القاهرة، يناير 2015 (أحمد إسماعيل/الأناضول)
+ الخط -

بعد مرور عشرة أشهر على إطلاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "الحوار الوطني" في 26 إبريل/نيسان 2022، دشّن مجلس الوزراء أخيراً منصة للمشاركة المجتمعية باسم "حوار"، تستهدف التواصل بين الحكومة والمواطنين حول مختلف القضايا. منصة تنقسم الآراء حولها بين من يعتبرها بديلاً لـ"الحوار الوطني"، ومن يشدد على أن الإطارين منفصلان تماماً.

وقال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، المحامي نجاد البرعي، إن المجلس "مستمر في عقد جلساته، وغير صحيح ما يجرى تداوله عن تعليق نشاط المجلس، والاجتماع المقبل لمجلس الأمناء (اليوم) الأحد".

وأضاف البرعي في تصريحات لـ"العربي الجديد": "ليس هناك أي تعارض بين مهام مجلس أمناء الحوار الوطني، وبين منصة (حوار) التي أطلقتها الحكومة المصرية، وأي حوار في أي مكان هو أمر مطلوب ويجب التشجيع عليه، وبالتالي، ليس من الصحيح أن الحوار الوطني هو بديل عن أي حوارات أخرى يُمكن أن تجرى في المجتمع. فالحوار الوطني يُجرى بين القوى السياسية والمجتمعية، أما منصة حوار فهي متاحة للمتخصصين والجمهور، وهي شكل من أشكال الديمقراطية".



نهاد البرعي: ليس صحيحاً أن الحوار الوطني هو بديل عن أي حوارات أخرى

في المقابل، رجح مصدر برلماني مطلع على مجريات الحوار أن يجرى تعديل أو إرجاء جلساته، التي تناقش المواضيع الأساسية، إلى "أجل غير مسمى". ورأى أن "الحوار بات مجمداً بصورة فعلية منذ بيان مجلس أمنائه الأخير، بشأن تحديد الموضوعات المطروحة على لجانه الفرعية، في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، إذ لم يعقد المجلس سوى اجتماع تحضيري واحد طوال هذه الفترة، من دون أن يُعلن عن أسماء المشاركين في الحوار أو موعد انطلاق جلساته".

وذكر المصدر المحسوب على تيار مؤيد لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، لـ"العربي الجديد"، أن السلطة "غير جادة في إجراء الحوار، وهو ما ظهر بوضوح من خلال التسويف المتعمد لانطلاق جلساته، أو الاستجابة لأي من مطالب الحركة المدنية الديمقراطية، الممثلة لأحزاب ليبرالية ويسارية، وأهمها الإفراج عن سجناء الرأي من المحبوسين احتياطياً، وتعديل قوانين تكوين الجمعيات الأهلية والنقابات، وتحرير وسائل الإعلام من القيود المفروضة عليها".

إطلاق منصة "حوار"

واعتبر المصدر أن "إطلاق الحكومة منصة حوار في هذا التوقيت يمهد لجعلها بديلاً للحوار الوطني، لأن الهدف منها هو رصد آراء ومقترحات الخبراء والمتخصصين في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي المحاور الرئيسية الثلاثة نفسها للحوار المعطل منذ قرابة عام، والذي لا يعلم أحد متى ستنطلق جلساته على وجه التحديد حتى الآن".

ويضمّ مجلس أمناء الحوار الوطني 19 عضواً، وشكّل 19 لجنة نوعية تندرج تحت المحاور الرئيسية الثلاثة للحوار. واستبعد المصدر بدء جلسات الحوار الوطني خلال الشهرين المقبلين، بسبب انشغال المنسق العام للحوار، نقيب الصحافيين المنتهية ولايته ضياء رشوان، بانتخابات نقابة الصحافيين، المقرر إجراؤها في 17 مارس/آذار المقبل، وبسبب صعوبة إجراء فعاليات الحوار خلال شهر رمضان (بين أواخر مارس وأواخر إبريل المقبلين).

وتعهد رشوان بأن يبدأ الحوار الوطني الشهر الماضي، إلا أن ممثلي ما يعرف بـ"التيار المدني" أبدوا اعتراضاً بسبب عدم الالتزام بتعهدات سابقة للإفراج عن عدد كبير من المعتقلين السياسيين في ذكرى ثورة 25 يناير، واكتفاء النظام بإخلاء سبيل رجل الأعمال صفوان ثابت ونجله سيف.


عبد الرحمن طارق: لا أثق بجدوى الحوار الوطني

وفي السياق، قال الناشط الحقوقي عبد الرحمن طارق (موكا) إنه أحد الأشخاص الذين خرجوا من السجن نتيجة الحوار الوطني، ولكنه على الرغم من ذلك تعرض لمضايقات أمنية مستمرة بسبب رفضه الانصياع للتعليمات الأمنية.

وأضاف طارق لـ"العربي الجديد": "الضباط الذين قابلوني قبل وبعد الإفراج عني، أخبروني بنية الدولة المصرية فتح صفحة جديدة مع الشباب، ولنا حرية التعبير والحديث عن المعتقلين، ولكن حذرونا من الحديث في السياسات الأخرى للدولة".

وتابع: "الواقع كان مختلفاً تماماً، فعند مروري من نقاط التفتيش، سواء داخل القاهرة أو على الطرق بين المحافظات، أتعرّض للتوقيف والمضايقات لمجرد أنني معتقل سابق، والأمر ذاته إذا حاولت استخراج أي من الأوراق الرسمية. لم يتوقف الأمر على المضايقات، فرأينا ما حدث مع شريف الروبي من إعادة اعتقاله مرة أخرى بسبب ظهوره على إحدى الفضائيات، وشكواه من سوء الأوضاع المعيشية وصعوبة الحياة بعد السجن".

جدوى الحوار الوطني

وكشف طارق عن عدم ثقته "بجدوى الحوار الوطني، قاربنا على عام من دون نتيجة فعلية، ولا يمكن أن يوجد حوار حقيقي إلا بعد خروج المعتقلين. الأزمة تتعلق بالأجهزة الأمنية التي تفرج عن بعض الأسماء المؤثرة تبعاً لما يقتضيه الظرف السياسي، ولكنها أيضاً ترفض خروج آخرين مثل علاء عبد الفتاح وأحمد دومة ومحمد عادل وشريف الروبي، بسبب عدم انصياع هؤلاء الأشخاص لتعليمات الأمن".

أما مجلس الوزراء، فقال عن تدشين منصة "حوار" للمشاركة المجتمعية إنها أكبر منصة تفاعلية تستهدف تحقيق أفضل مشاركة مستدامة للمواطنين في عملية صنع القرار، وتوفير قناة اتصال مباشرة تضمن الاستفادة من كافة الآراء ووجهات النظر للنهوض بالأداء في مختلف القطاعات، وكذلك استطلاع الرأي العام حيال جميع القضايا، في ضوء مخرجات المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والإعلان عن بنود وثيقة سياسة ملكية الدولة، والمعروفة إعلامياً بـ"وثيقة بيع أصول مصر".

وأضاف أن إطلاق المنصة جاء بعد دراسة أفضل 10 تجارب في مجال المشاركة المجتمعية الإلكترونية، وهي في دول: اليابان، وأستراليا، وإستونيا، وسنغافورة، وفنلندا، والدنمارك، وكندا، والإمارات، والسعودية، وعمان، مستطردة بأنها ستتيح الفرصة للمواطن لإبداء الآراء والمقترحات في الموضوعات المطروحة كافة، وأهمها صياغة السيناريوهات وبدائل السياسات اللازمة لتعامل الاقتصاد المصري مع الوضع الاقتصادي العالمي خلال عامي 2023 و2024. وستضم المنصة كذلك قسماً خاصاً باسم "القطاعات"، يُتيح تقديم مبادرة أو طرح نقاش حول موضوع أو أكثر في قطاعات مثل الصحة، والتعليم، والشباب والرياضة.