هكذا ألغى دستور قيس سعيد حقوق المعارضة التونسية ليبقى "الحاكم بأمره"

24 يوليو 2022
تخلى سعيد عن البند 60 من دستور 2014 (Getty)
+ الخط -

حذف الرئيس التونسي قيس سعيد حقوق المعارضة من مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يوم غد الإثنين 25 يوليو/ تموز الحالي، ليعتبره المعارضون تمهيدا لاستبعاد المنافسين مستقبلا.

وتخلى سعيد عن البند 60 من دستور 2014 الذي ينص على أن "المعارضة مكوّن أساسي في مجلس نواب الشعب، لها حقوقها التي تمكنها من النهوض بمهامها في العمل النيابي، وتضمن لها تمثيلا مناسبا وفاعلا في كل هياكل المجلس وأنشطته الداخلية والخارجية". 

كما يتحدث نفس البند عن أنه "تسند إلى المعارضة وجوبا رئاسة اللجنة المكلفة بالمالية وخطة مقرر باللجنة المكلفة بالعلاقات الخارجية، كما لها الحق في تكوين لجنة تحقيق كل سنة وترؤسها، ومن واجباتها الإسهام النشيط والبناء في العمل النيابي".

وتعتبر المعارضة أن إلغاء هذا المكسب في المسار الديمقراطي التونسي خسارة كبيرة، وهو يأتي في سياق معاداة سعيد واستهدافه للمعارضين منذ 25 يوليو الماضي، الذين يتهمونه باستعمال القضاء والأمن عبر ملاحقة خصومه والاعتداء عليهم والتضييق على حرية التظاهر والاحتجاج والتعبير.   

وقال رئيس المكتب السياسي لحزب ائتلاف الكرامة (حزب معارض مقاطع للاستفتاء) يسري الدالي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "قيس سعيد مشروع ديكتاتور، وكل ديكتاتور لا يقبل بالمعارضة، أو أنه يصنع معارضة كارتونية وصورية".

وتابع: "لقد حذف حق المعارضة من الدستور ليبقى بمفرده في الساحة، وبما أنها لم تعد مدسترة فإنه سيسكت الأصوات الداعية لتشريك المعارضة باسم الدستور". وبين أن "كل شيء في دستور سعيد يقضي على أي نفس تحرري معارض أو منافس أو مناهض لفكره"، مشددا على أنه من "الواضح والجلي أن سعيد يتمادى في فكره ورؤيته المعادية للمعارضين".

من جانبه، اعتبر عضو المكتب السياسي للاتحاد الشعبي الجمهوري (حزب معارض- سيصوت بلا) محمد الجلاصي، في تعليقه لـ"العربي الجديد"، أنه "مرت تقريبا سنة كاملة منذ انقلاب سعيد على الشرعية، وعلى الدستور الذي أقسم على احترامه". 

وأضاف: "لم يحقق قيس سعيد خلال السنة أي إنجاز على المستوى الاقتصادي رغم احتكاره لجميع السلطات، بعدما استصدر لنفسه الأمر 117 المؤرخ في 22 سبتمبر/ أيلول 2021، والذي ألغى من خلاله كل القوانين وفكك به جميع المؤسسات الدستورية". 

وتابع: "دستور قيس سعيد ملغم، يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات مطلقة ويجعله فوق كل محاسبة أو مساءلة. في المقابل، نجد برلمانا لا حول له ولا قوة، دوره محصور فقط في المصادقة على مشاريع القوانين التي يقترحها رئيس الجمهورية". 

وأضاف: "لم يكتف دستور سعيد بهذا، بل أضاف للبرلمان مجلسا موازيا متمثلا في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ليزيد في تقزيم دور السلطة التشريعية، وبالتالي إلغاء كل صوت قد يعارض قرارات الرئيس".

وأشار قائلا: "وإذا اعتبرنا أن الديمقراطية هي أفضل طريقة توصل إليها الفكر البشري لفض النزاعات وإدارة الاختلاف داخل المجتمع، فدستور سعيد بتغييبه لدور الصوت المعارض، وبالتالي لكل من يختلف مع توجهات الرئيس خاطئة كانت أم صائبة، هو دستور لا علاقة له بالديمقراطية".

من جهته، قال عضو تنفيذية مواطنون ضد الانقلاب (حراك سياسي مقاطع للاستفتاء) زهير إسماعيل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "يكفي الانتباه إلى أنّ دستور سعيّد يمنحه كلّ السلطات لكي نتبيّن منزلة المعارضة في هذا النصّ الذي وضعه قيس سعيد بنفسه".

وتابع إسماعيل: "يتحدث دستور سعيد عن أنّ الحريات وحقوق الإنسان مضمونة بالدستور دون أي إشارة إلى الآليات والقواعد التي بها تتحقق هذه الحقوق والحريات"، مضيفا "نحن أمام حكم ثيوقراطي سلطاني، هو في حقيقته نظام ما قبل الدولة الحديثة، بل يبدو متخلفا حتى عن النظام البدوي القبلي ذي البعد الأفقي والتشاركي". 

وتابع أنه "لا مجال للمقارنة بين دستور الثورة المعمّد بدماء الشهداء ومشاركة شعبية غير مسبوقة ودستور قيس سعيد. ولقد حاول الاستفادة من دستور 2014، لكنه أفرغ الفصول والأبواب من روحها فبدت حطاما تذروه أكثر الرياح سوءا".

وشدد زهير إسماعيل على أنه "حتى لو منح دستور قيس سعيد للمعارضة كل السلطات وكل الحريات وكل الحقوق، فإنه يبقى دستورا انقلابيا، وإذا قدّر لهذا الانقلاب أن يتواصل، فإنّ قمعا نسقيا ينتظر أوسع الفئات جيّدة التعليم والتحصيل".

المساهمون