هكذا أصبحت "دبلوماسية الرهائن" معضلة متنامية للدول الغربية

16 سبتمبر 2023
أحد الرهائن الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش (جوليان فيني/ Getty)
+ الخط -

ساور سيلفي أرنو عندما علمت أن نجلها لوي أوقف في إيران في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، شعور بعدم التصديق تلاه شعور بالعجز والظلم. تقول "لا نعرف كم سيستغرق الأمر، ولا نعرف ما ينتظره الإيرانيون ولن نعرف ذلك على الأرجح أبدا".

ولوي واحد من أربعة فرنسيين مسجونين في إيران. وعلى غرار لوي الذي أوقف في 28 سبتمبر 2022، ثمة عشرات من مواطني الدول الغربية يقبعون في السجون الصينية والإيرانية والروسية والفنزويلية، بتهم غالبا ما تكون التجسس أو التآمر على الدولة. إلا أن هؤلاء يؤكدون براءتهم من هذه التهم.

وتندد دولهم بعمليات اعتقال "تعسفية" تستخدم للمبادلة. وتستخدم فرنسا حتى عبارة "رهائن دولة".

وتروي سيلفي أرنو قائلة "في البداية رفضت التفكير في أن الأمر يتعلق بالسياسة، لكن الوقت مر من دون أن يحصل أي شيء". وأصبح الإفراج عن هؤلاء السجناء معضلة دبلوماسية قد يستغرق حلها سنوات وتنطوي على تنازلات كبيرة.

فقد وافقت الولايات المتحدة قبل فترة قصيرة على تحويل ستة مليارات دولار من أموال إيرانية مجمدة في كوريا الجنوبية، والإفراج عن خمسة إيرانيين لتسهيل الإفراج عن خمسة أميركيين معتقلين في سجن إوين.

في نهاية مايو/أيار، أفرج عن البلجيكي أوليفيه فانديكاستيل بعدما سجن 15 شهراً في إيران، في مقابل الإفراج عن الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي الذي حكم عليه في بلجيكا عام 2021 بالسجن 20 عاما بعد إدانته بتهمة "محاولات اغتيال إرهابية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، أفرج عن سبعة أميركيين مسجونين في فنزويلا في مقابل شخصين من المقربين من الرئيس نيكولاس مادورو.

"محاكمة صورية"

تثير هذه التنازلات انتقادات كثيرة. ويقول الأستاذ في كلية العلوم السياسية في باريس إتيان دينيا ومؤلف كتاب حول الرهائن، إن "معضلة الحكومات كلاسيكية. من خلال الإفراج عن الأصول يكافئون بطريقة ما جريمة ويشجعون الدول على مواصلة دبلوماسية الرهائن".

ويضيف أن الانتقاد "في محله"، خصوصا أن موسكو وطهران وبكين تستهدف أشخاصا وفقا لجنسياتهم "خلافا للجماعات المسلحة التي لا تعرف مسبقا هوية الشخص الذي تحتجزه".

ويشدد المستشار المتخصص في الشؤون الأمنية والناشط في مجال الإفراج عن الرهائن، دارن نايير، على أن عدد حالات "رهائن الدولة" المعروفة زادت "في السنوات الأخيرة".

ويذكر الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن "غالبية الأميركيين الذين كانوا معتقلين في الخارج قبل عشر سنوات كانوا محتجزين لدى جهات غير تابعة للدولة في بلدان مثل سورية واليمن والصومال". أما اليوم فغالبيتهم معتقلون لدى سلطات إيران وفنزويلا وروسيا والصين.

بقيت لاعبة كرة السلة الأميركية بريتني غراينر معتقلة لأشهر عدة في روسيا لحيازتها سيجارة إلكترونية تحوي سائل القنب الهندي. وأفرج عنها نهاية 2022 في مقابل الإفراج عن تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت الذي كان مسجونا في الولايات المتحدة.

أما الصحافي الأميركي العامل لحساب "وول ستريت جورنال"، إيفان غيرشكوفيتش، فهو معتقل في موسكو منذ مارس/آذار. في حين أن العنصر السابق في سلاح البحرية الأميركية بول ويلان، يمضي منذ 2020 عقوبة بالسجن 16 عاما.

ويقول مؤسس "مبادرة حماية الصحافة" جويل سايمن: "عموما الطريقة الوحيدة لإعادة رهينة إلى ديارها هي التفاوض" على ما يظهر الواقع. ويضيف "من دون حوار مع محتجزي الرهائن أكانوا جهات حكومية أو غير ذلك، سيقتل الرهينة على الأرجح أو يقبع في الاعتقال أو السجن لفترة طويلة".

ويؤكد إتيان دينيا أن مهمة الحكومات معقدة خصوصا في حالات "رهائن الدولة" لأن "العملية ملتوية أكثر" مقارنة مع الرهائن المحتجزين لدى مجموعات إرهابية.

ويوضح أن الروس والإيرانيين والصينيين يعتمدون "المسار القانوني" وينظمون "محاكمات صورية" و"يحتجزون في سجون فعلية". وتجري المفاوضات في الكواليس. ويضيف "هذه نقطة أساسية لأن الغموض يفيد دائما الدول التي تقوم بالاعتقالات"، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بصحافيين أو باحثين يجمعون معلومات أو يعملون في المجال الأمني.

ويتابع قائلا "هذا لا يجعل منهم بطبيعة الحال جواسيس، لكنه سبب كاف للتحرك بنظر الأنظمة المستبدة".

"قمة الهرم"

لم تشكك بلاندين بريير يوما في براءة شقيقها وأحد فرنسيين اثنين أفرج عنهما في مايو الماضي. وتقول لوكالة "فرانس برس": "نحن أناس عاديون" وقد اكتشفت عبارة "رهينة دولة" بعد توقيف شقيقها بنجامان برييير في مايو 2020.

والكشف عن هذه الاعتقالات يعقد مهمة المفاوضين.

وتوضح بلاندين بريير أن العائلات تتقدم دائما "بحذر شديد" وتدرك أن دعمها العلني قد يؤخر أو يسرع الإفراج عن المعتقلين، وهي غالبا ما تحترم التوصيات الحكومية لكنها تتساءل حول "الرهانات" الفعلية.

ويرى دارن نايير أنه لا يمكن ردع "دبلوماسية الرهائن" إلا في حال فرض عقوبات "على المسؤولين في قمة الهرم". ويؤكد أنه في الدول التي تلجأ إلى هذه الممارسات "تتركز السلطة في القمة. ففرض عقوبات على قاض أو موظف من فئة متوسطة لن يكون له التأثير الكافي".

(فرانس برس)

المساهمون