هجوم الكرملين: موسكو ترى أمراً أميركياً بتنفيذ أوكراني وواشنطن تتهمها "بالكذب"

04 مايو 2023
بيسكوف يؤكد أن بوتين يعمل في الكرملين (Getty)
+ الخط -

اتّهمت موسكو، الخميس، واشنطن بإصدار أمر لكييف بشنّ الهجوم المفترض الذي استهدف بطائرتين مسيّرتين الكرملين الأربعاء وأحبطته دفاعاتها الجوية، ما استتبع ردّاً أميركياً اتهم الجانب الروسي "بالكذب" بشأن الاعتداء الذي سبق لأوكرانيا أن نفت ضلوعها فيه أيضاً.

ويأتي ذلك غداة إعلان روسيا إسقاط مسيّرتين كانتا تستهدفان الكرملين في ما اعتبرته محاولة "إرهابية" لاغتيال الرئيس فلاديمير بوتين. وفي حين لا يزال الغموض يحيط بالعملية، نفت أوكرانيا علاقتها بالهجوم الأكثر إثارة يُنسب إليها منذ بدء الغزو الروسي في فبراير/ شباط 2022.

ولم توفر السلطات الروسية أي إثبات، ويستحيل التحقق من صحة مقاطع الفيديو التي بثتها وسائل إعلام روسية وتُظهر طائرة مسيّرة صغيرة تقترب من الكرملين قبل أن تنفجر وتندلع كتلة من اللهب. واتهمت أوكرانيا روسيا بـ"تدبير" العملية لتبرير تصعيد محتمل للنزاع، من دون أن تقدّم بدورها أي دليل.

وقال المتحدثّ باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنّ "جهود كييف وواشنطن لإنكار أيّ مسؤولية لهما (عن الهجوم المفترض) سخيفة تماماً. القرارات المتعلقة بهجمات كهذه لا تُتّخذ في كييف، بل في واشنطن. كييف تنفّذ فحسب ما يُطلب منها".

وأضاف متحدثاً للصحافيين: "على واشنطن أن تفهم أنّنا نعلم ذلك".

محاولة اغتيال بوتين

وأوضح بيسكوف أنّ الرئيس بوتين "يعمل في الكرملين وسيجري لقاء مهماً مع وزير التنمية الاقتصادية" الخميس، مؤكّداً أنّه سيجرى "تعزيز" التدابير الأمنية بعد الهجوم المفترض، وقال: "سيُعزّز كل ذلك بالتأكيد، وقد جرى تعزيز كلّ شيء في إطار الاستعدادات للعرض" العسكري في الساحة الحمراء في موسكو إحياء لذكرى الانتصار على ألمانيا النازية.

وأوضح أنّ "متخصّصين" في صدد "إجراء تحاليل معمّقة" لفهم كيفية تنفيذ الهجوم المفترض بمسيّرتين.

ونفت كييف، الأربعاء، أي ضلوع لها في الهجوم، متهمة موسكو بأنها تعمدت إبرازه إعلامياً لتبرير أي تصعيد محتمل للنزاع.

البيت الأبيض: الكرملين "يكذب" حول الدور الأميركي في الهجوم بمسيرات

في المقابل، أكد متحدث باسم البيت الأبيض، الخميس، أنّ الكرملين "يكذب" لأنه اتهم واشنطن بالتخطيط لهجوم مفترض بمسيرات أوكرانية على الكرملين أعلنت موسكو إحباطه الأربعاء.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، لقناة "إم إس إن بي سي"، "لا علاقة لنا بهذه القضية"، متهماً المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأنه "يكذب بكل وضوح وبساطة".

وكرر كيربي في مقابلته مع قناة "إم إس إن بي سي"، أنّ واشنطن لا تؤيد ولا تتغاضى عن الهجمات التي تشنها أوكرانيا خارج حدودها. وأضاف: "كنا واضحين معهم علناً وعلى انفراد بأننا لا نشجعهم ولا نسمح لهم بشن هجمات خارج أوكرانيا".

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد أنه "اطلعت على المعلومات. لا يمكن أن أؤكدها. لا نعلم"، مضيفاً: "أتعامل بحذر كبير مع كل ما يصدر من الكرملين".

من جانبه، قال البيت الأبيض إنه على دراية بتقارير أفادت بأن روسيا اتهمت أوكرانيا بمهاجمة الكرملين بطائرتين مسيّرتين في محاولة لقتل الرئيس الروسي، لكنه لا يمكنه التحقق من هذه المزاعم أو تأكيدها.

وقالت كارين جان-بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض، للصحافيين: "نحن على دراية بالتقارير، لكن لا يمكننا تأكيد.. صحتها في الوقت الحالي".

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

بدوره، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، روسيا، الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا.

وقال بوريل، خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمية "ندعو روسيا إلى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد" في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار إلى أنّ "هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا".

وأضاف بوريل "رأيت صوراً واستمعت إلى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي. لقد أكد عدم ضلوع أوكرانيا"، مشدداً على أنّ "الأوكرانيين يدافعون عن بلادهم. يقاتلون على أرضهم، لا يهاجمون روسيا".

الصورة
دعا بوريل روسيا إلى عدم استخدام الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد (أسوشييتد برس)

كولونا: الهجوم المفترض على الكرملين "غريب"

وفي سياق متصل، رأت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، في مقابلة مع "فرانس إنتر" الخميس، أنّ قضية الطائرات المسيّرة الأوكرانية التي تقول روسيا إنّها أسقطتها وكانت تستهدف الرئيس فلاديمير بوتين هي "على أقل تقدير غريبة".

ورفضت كولونا "الخوض في لعبة الفرضيات الصغيرة"، وقالت إنّ حقيقة أن تصل طائرات مسيّرة إلى الكرملين "يصعب فهمها في الظروف العادية". وأشارت إلى أنّ الأوكرانيين "أعلنوا رسمياً أمس أنّه لا علاقة لهم بهذا الحدث الذي لا يزال غير مبرّر".

كذلك، استنكرت تصريحات الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف الذي دعا الأربعاء إلى "تصفية" الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رداً على هذا الهجوم المفترض.

وقالت: "دميتري مدفيديف يتميّز بتصريحات شائنة، بتصعيد لفظي مؤسف". وأضافت: "مرة أخرى، يأتي هذا التصعيد من روسيا، مرة أخرى تسعى للترهيب والتخويف وإيجاد الذرائع التي يمكن أن تبرر ما لا يمكن تبريره".

وفيما رفضت التطرّق إلى فرضية اغتيال الرئيس الأوكراني، أكّدت أهمية "احترام السلامة الجسدية" لرئيس دولة منتخب ديمقراطياً.

وتكرّرت في الأيام الأخيرة عمليات توغّل المسيّرات وأعمال حربية بواسطة قنابل على الأراضي الروسية.

وقالت وزارة الخارجية الروسية، الخميس، إنّ "العمليات الإرهابية والتخريبية للقوات المسلحة الأوكرانية تتخذ بعداً غير مسبوق"، بحسب تعبيرها.

ويُعد الاتهام الروسي الأكثر خطورة الذي توجهه موسكو لكييف منذ بدء الغزو قبل أكثر من 14 شهراً.

وتثير الهجمات وأعمال "التخريب"، التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو/ أيار التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، تعرّضت روسيا وشبه جزيرة القرم لسلسلة هجمات لم تعلن كييف مسؤوليتها عنها.

خلال أربعة أيام، أدّى انفجار عبوّتين ناسفتين إلى إخراج قطاري شحن عن مسارهما قرب الحدود الأوكرانية، كما تضرّر خط للتوتر العالي، فيما تسبّب هجوم بطائرة مسيّرة في اندلاع حريق هائل في مستودع للنفط في القرم.

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)