الهجوم على "المنطقة الخضراء" يستنفر حكومة الكاظمي.. وفصائل مسلحة تعتبره "رسالة"

19 ديسمبر 2021
تعود الإجراءات الأمنية إلى المنطقة الخضراء بعد هجمات صاروخية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤولان عراقيان بارزان في العاصمة بغداد، اليوم الأحد، إن فريقاً حكومياً برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، باشر بالتحرك إزاء الهجوم الصاروخي الذي استهدف المنطقة الخضراء بهدف منع تكراره، والعودة إلى حالة التهدئة السابقة التي دامت عدة أشهر في بغداد، وذلك عبر التواصل مع قيادات بارزة في "الحشد الشعبي" لتأكيد ما وصفه بـ"أهمية احترام الدولة ووقف التصعيد الأمني"، فيما علّق مسؤولون في فصائل مسلحة حليفة لإيران على الهجوم الجديد بأنه "رسالة للقوات الأميركية".

وأعلنت السلطات العراقية في بغداد، فجر الأحد، تعرض المنطقة الخضراء (تضم السفارة الأميركية ومقرات الحكومة وبعثات دبلوماسية غربية مختلفة)، لهجوم بصاروخي كاتيوشا، مبينة أنه "تم تفجير الأول بالجو بواسطة منظومة سيرام، أما الثاني فقد سقط قرب ساحة الاحتفالات (داخل الخضراء)، ما سبّب أضراراً بعجلتين مدنيتين". وأضاف البيان أن "القوات الأمنية باشرت بعملية تحقيق وتحديد موقع الإطلاق".

وبعد ساعات من الإعلان الأول، أكدت تقارير أمنية العثور على منصة الصواريخ التي استخدمت في الهجوم في منطقة شارع فلسطين شرقي العاصمة، وهي إحدى أهم معاقل الفصائل المسلحة الحليفة لإيران في بغداد.

عودة للإجراءات الأمنية في بغداد

وأبلغ مسؤول عراقي رفيع في بغداد، "العربي الجديد"، بأن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، يقود منذ صباح اليوم الأحد حراكاً واسعاً بتكليف من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لـ"منع تكرار الهجوم ومعرفة الجهة التي تقف خلفه".

وأضاف أن الهجوم، الذي سبقته عدة هجمات على أرتال تحمل مواد غير عسكرية للتحالف الدولي، يمثل "تصعيداً خطيراً"، والحكومة ملزمة، بحسب الاتفاق الأخير، بحماية القوات الأجنبية العاملة في البلاد، لكونها "لم تعد قتالية، بل استشارية".

وأكد مصدر آخر أن الحكومة تعتقد بمسؤولية فصائل معينة عن الهجوم، إذ إن هناك رفضاً لعدد من قادة "الحشد الشعبي" لهذا التصعيد، من بينهم فالح الفياض، رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، الذي يمارس جهوداً لـ"عدم حصول أي اختلال ببغداد قبيل نهاية العام"، خاصة أنه يتزامن مع الذكرى الثانية لمقتل قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" السابق، أبو مهدي المهندس، مضيفاً أن "أي هجوم آخر قد يدفع الأميركيين إلى الرد".

وكشف المصدر ذاته، لـ"العربي الجديد"، عن "عودة الإجراءات الأمنية السابقة المتعلقة بحماية المنطقة الخضراء، بما فيها فرض مراقبة في بعض المناطق التي تنشط فيها فصائل معروفة"، دون الكشف عن طبيعة تلك الإجراءات.

المتحدث باسم جماعة "أنصار الله الأوفياء"، عادل الكرعاوي، اعتبر الهجمات أنها "فقط لإخبار الأميركيين بأن العراقيين لم ينسوا موعد الانسحاب"، دون أن يتبنى الهجوم أو ينسبه إلى أي طرف مسلح آخر.

وأضاف الكرعاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "ما دام المحتل الأميركي يرفض الخروج ويماطل علناً بعدم الانسحاب من الأراضي العراقية، ستتواصل الهجمات"، وفقاً لتعبيره، وتوعّد بأن من أسماها "فصائل المقاومة" جاهزة تماماً لـ"الاشتباك مع قوات الاحتلال بعد انتهاء المهلة المتفق عليها مع بغداد للانسحاب الكامل من العراق، وأي مماطلة جديدة سيكون هناك خطوات تصعيدية غير مسبوقة".

لكن القيادي في حركة "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله" العراقية، عباس العرداوي، قال إن الهجمات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت مبنى السفارة الأميركية في العاصمة بغداد، نفذتها "فصائل جديدة لا تثق بالتعهد الأميركي للانسحاب من العراق".

فصائل مسلحة جديدة

وقال العرداوي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما جرى ليلة أمس السبت من عمليات تصعيدية وهجمات صاروخية ضد السفارة الأميركية وغيرها من الهجمات بالعبوات الناسفة ضد أرتال الدعم اللوجستي للقوات الأميركية، قامت بها فصائل مسلحة جديدة أعلنت تصديها للقوات الأميركية، وهي خارجة عن إطار المقاومة والفصائل المعروفة التي اتفقت على المهلة لخروج القوات الأميركية".

وتابع: "هناك جهات عراقية لا تُصدق ما تطرحه الحكومة العراقية من اتفاقات مع الجانب الأميركي، خصوصاً أن هناك تصريحات لمسؤولين أميركيين أشاروا إلى احتمالية بقاء قوات الاحتلال في العراق وعدم رحيلها، وهذه الهجمات خارج سياق الإطار التنسيقي للفصائل، وهدفها الرد على التصريحات من خارج المتفق عليه بين واشنطن وبغداد".

وبُعيد تنفيذ الهجمة الصاروخية على مبنى السفارة، أعلنت مليشيا تطلق على نفسها "مجاهدو لواء فاتح خبير" تبنيها الهجوم.

وأصدرت المليشيا بياناً نشرته منصات تابعة لما يُسمى "محور المقاومة" في العراق، جاء فيه: "شارفت المهلة الممنوحة للقوات الأميركية لمغادرة العراق، ومن ثم مغادرة المنطقة بالكامل، ولم يُنفذ الاتفاق كما هو دأبه، قررنا أن نتصدى له بضربات موجعة".

 ومن المفترض أن تنهي قوات التحالف الدولي ضد "داعش" في العراق، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، مهماتها القتالية بشكل كامل، نهاية الشهر الحالي.

وتوصّل العراق، بعد أربع جولات حوار بدأت العام الماضي مع الولايات المتحدة، إلى اتفاق يقضي بانسحاب القوات القتالية في التحالف الدولي في 31 ديسمبر/كانون الأول الحالي، والإبقاء فقط على المستشارين التابعين للتحالف، لتقديم الدعم والمشورة للقوات العراقية. 

وكان مستشار الأمن القومي في العراق قاسم الأعرجي قد أعلن، الأسبوع الماضي، انتهاء آخر جولات الحوار مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن التي بدأت العام الماضي، مؤكداً، في تغريدة عبر "تويتر"، نهاية المهام القتالية وانسحابها من العراق، على أن تستمر العلاقة مع التحالف الدولي في مجال التدريب والاستشارة والتمكين.

المساهمون